وتجيء الإجازة الصيفية في موكبها المخمليّ تستحث الخطى,, تركض في مدار الزمن,, تزف نفسها لتقف على ضفاف القلوب المكتظة بمشاعر الشوق واللهفة تحت مظلة الانتظار اللذيذ المحفوف بالترقب,, وها هي ريشة البهجة تكتب تفاصيل الاحتفاء وتلون حوارات القدوم السعيد وكأنها مقاطع عشق قديم نعم ايام الاسترخاء مليئة بفواصل التحليق الماتع في فضاء الدهشة عبر مشاريع معلبة معتادة استبدت بأوقاتنا الحرة,, رسمت السباقات ,, اعدت المناسبات,, شدت الاحزمة,, شمرت الاذرعة ,, تحركت الحقائب وتلك مشاهد مألوفة في مسرح الاجازة الموسمية,, التي تشكو الخروج على النص!!.
عفوا عزيزي القارىء اسمح لي ان امارس ثرثرة جميلة فوق بساط الاجازة محاولا ان استفز دوائر المشاعر في ذاتك لعلك تقاسمني الرؤية,.
اجل لم تتغير طقوس الاجازة في نظر السواد الاعظم ولم تتبدل اعرافها او يتجلَّ مفهومها الحقيقي المليء بعناوين العطاء.
بل ظلت وكأنها شريحة وقتية خارج اطار الزمن,, ايام انيقة,, ترسم مسلسل قفز فوق حواجز الخريطة,, ارتحال مثقل بمفردات المسافة,, صخب يعبّىء قوارير الاسئلة ,, قد يستحيل الليل الى نهار متفلت الاطار,, وكأنها ايام من زجاج,, تذوب تحت اقدامها حبيبات المشاعر,, وتتيه قوافل الالتزام.
الا يمكن ان نتخذ من الاجازة مشروعا زمنيا مفعما بالصفقات الانسانية والقيم الايمانية عبر رؤية هادفة ذات برامج مجتمعية ونشاطات اسرية تكرس معاني التواصل وتفتح آفاق اللقاءات المباركة,, وتبني معالم الشخصية وتثري تجاربها,, بل وتتيح للانسان فرصة حوار بناء مع ذاته واستزادة من مناهل العلم ومنابع المعرفة وابحار ماتع في المياه الصافية.
لا بد ان نربي انفسنا على الاحساس بقيمة الوقت والتعامل المثمر مع دوائر الفراغ فلا نحرم ضمائرنا من اضاءات جميلة تحفظ وعاء الوقت,, لتغدو الاجازة مساحة مزروعة ببذور المحبة والمودة واللقاءات العامرة.
اجل ما اروع ان تكون الاجازة كتابا مفتوحا نقرأ في صفحاته نبض القلوب ووميض الشوق وبريق اللقاء,, ونشم عبق التواصل وشذا المبادىء في عصر كثرت فيه الوان القطيعة,, وسرقت عقول الناس مبتكرات العصر وثورته المعرفية,, انها عودة لاستغلال ايام الاسترخاء استغلالا مفيدا وليس ثمة حرج في ان ننصت لابي الطيب وهو يرفع عقيرته وخير جليس في الزمان كتاب وليكن للقراءة حضور في فقرات البرنامج الموسمي اقول ذلك وقد حشدت القنوات الفضائية طابور الافلام ورصدت الفنون والالوان,, على رسلكم شبابنا ان تضيع الاجازة بين موجات السمر وبقاع السفر,, فلم تعد العطلة مشوارا زمنيا مهدرا,, ولنلتفت الى معان انسانية ومعطيات ايمانية نسيناها في خضم ركض سنوي مثخن بالانهماك.
افلا نتجاوز الدائرة الضيقة المشبعة بالرتابة ونوقف العزف على وتر الاهدار ونلغي هطولا صيفيا مكبلا بالارتحال لتبدو الاجازة قناة بناء وميدان لقاء وافقا صافيا تتدفق فيه شلالات المشاعر.
اجل لم تعد الاجازة وقتا مستقطعا للهو والعبث وكسر حواجز القيم وتجاوز ابعاد العطاء ,, وانما هي نمط زمني مشرف يمنحنا الفرصة لقراءات تقويمية ناضجة ذات ملمح ذاتي ومغزى انساني ,, فمتى نعي ذلك؟!
محمد بن عبدالعزيز الموسى بريدة
|