| فنون تشكيلية
نايل ياسين ملا *
كم كان فرحنا وسرورنا عظيمين نحن التشكيليين حين تصدرت اللوحة التشكيلية برنامج لوحة وطني أحد برامج مشروع سيدي صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وأبنائه الطلبة السعوديين للحاسب الآلي والذي يهدف بالدرجة الاولى إلى ترسيخ مفهوم المواطنة وتنمية حب الوطن من خلال اللون، الذي أعتبره في رأيي الشخصي افضل الوسائل ترسيخا في أذهان الطلبة المعصورين بالكم الهائل من المعلومات والتقنيات العصرية، فالأعمال الفنية بأنواعها ظلت وتظل على مر العصور والقرون أكبر شاهد على تاريخ وحضارات تلك الشعوب والأمم، إذن فلا اختلاف في اهمية الفنون ودورها في حياة الشعوب.
وخيراً فعل القائمون على برنامج لوحة وطني عندما اختاروا اللوحة التشكيلية كأحد البرامج الرئيسية لهذا المشروع الوطني الفريد، وهو أمر حري بنا نحن التشكيليين أن نعتز ونفتخر به، بل نعتبره وساماً على صدورنا لتصدر اللوحة التشكيلية لهذا المشروع، وإن كان معظمنا سوف يعض أصابع الندم والحسرة لعدم تمكنه من المشاركة بهذا الحدث الثقافي العظيم، إذ إن الفترة الزمنية المطلوب تقديم الأعمال خلالها، هي فترة غير كافية لإنجاز العمل ومن ثم تصويره فوتوغرافياً وإرسال الصور عبر البريد, فالزيارة التي شرفنا بها الاستاذ الكريم صالح العمري احد اعضاء اللجنة الاستشارية للبرنامج إلى جدة وخص بها (بيت التشكيليين) الذي يشكل أكبر قاعدة من الفنانين والفنانات التشكيليين، لشرح تفاصيل البرنامج بصفة خاصة والمشروع بصفة عامة واهدافهما جاءت مساء يوم الخميس 14 صفر 1421ه الموافق 18 مايو 2000م في الوقت الذي كان لا بد من تسليم الاعمال بنهاية يوم 4 ربيع الأول 1421ه الموافق 6 يونيو 2000م, أي أن (18) ثمانية عشر يوما هي فترة غير كافية على الإطلاق لإنجاز عمل يليق بمكانة هذا الحدث, سيما إذا ما اخذنا في الاعتبار تزامن هذه الفترة بفترة امتحانات الأبناء من الطلبة والطالبات، والتي تعتبر فترة استنفار للجميع، بل هي فترة عصيبة للفنان التشكيلي غير المتفرغ، وفي الوقت نفسه نجد ان معظم الفنانين هم من فئة المدرسين الذين كانوا أغلبهم ايضاً منهمكين بأمور الامتحانات والرقابة والإشراف والتصحيح، فالفترة الزمنية تلك تعتبر فترة توتر لا تحمل إية أجواء صحية لإنجاز أعمال فنية تتسم بالإبداع والابتكار، وبالتالي فقد كان هناك إخفاق من أغلبية الفنانين في التجاوب مع هذا البرنامج الوطني الذي يعتبر فرصة كبيرة للمشاركة من جميع الفنانين والفنانات بالمملكة للتعبير عن حبهم وولائهم لهذا الوطن من خلال اللوحة كأقل التعبير، إلا أن ضيق الفترة الزمينة لتقديم الأعمال فوت هذه الفرصة العظيمة.
وهو الأمر الذي يدعوني لمناشدة جهة الاختصاص العليا لهذا المشروع، واللجنة الاستشارية للبرنامج، وشركة انسياب القائمة على تسويق المشروع، بالعمل على إتاحة الفرصة من جديد لأكبر قاعدة من الفنانين والفنانات بشرف المشاركة بهذا الحدث، وذلك من خلال تمديد فترة قبول الأعمال لمدة كافية من الزمن، وان كان التمديد فيه إخلال بآلية البرنامج إلا ان التمهل والتريث فيه الإفادة وضمان للتالي:
زيادة رقعة النخبة من المشاركين، زيادة قاعدة اختيار الأعمال الفائزة، جودة وجدية المشاركات، إعطاء صورة ذهنية راقية عن الفن التشكيلي السعودي، كسب الأسماء اللامعة من كبار الفنانين السعوديين، احتكاك الأجيال القادمة بقدرات وخبرات وتجارب حقيقية، عدم تناثر جهود البرنامج الجبارة، تحقيق الأهداف المنشودة والصالح العام، وكلي امل كما هو امل البقية الباقية من زملائي التشكيليين في الموافقة على التمديد.
هذا ولا يفوتني من ناحية اخرى ومن خلال تجاربي وعملي سابقاً ضمن (مسابقة ملون السعودية للفن التشكيلي) من الإدلاء برأي آخر حول طريقة تحكيم الأعمال الفائزة والتي تعتمد في ظاهرها هنا وبالدرجة الأولى على (السلايدات) فقط، إذ إن التصوير عادة لا يعطي الانطباع الكافي عن جودة العمل بقدر ما قد يشكل نوعاً من الخداع في معظم الأحيان، كأن يكون التصوير جيداً في حين يعتبر العمل ضعيفاً وبالتالي يخدم التصوير هنا العمل الفني فيتم اختياره كأحد الاعمال الفائزة، ومن ثم يكتشف الامر بأن العمل ليس كما كان بالصورة المتوقعة, أو ان يحدث العكس كأن يكون العمل جيداً في حين يكون التصوير رديئاً (وهذا يحدث عادة في المناطق التي لا يتوافر بها خدمات تصوير السلايدات) وبالتالي يفقد العمل حظوظه في الاختيار ضمن أفضل الأعمال, الأمر الذي يجعلني أقترح بأن يتم اختيار أعداد مضاعفة من الأعمال المختارة عن طريق السلايدات، كاختيار أولي، بدلاً من الاختيار المباشر للعشرين عملاً الفائزة، ومن ثم طلب واستدعاء اللوحات الأصلية من أصحابها التي تم اختيارها في الفرز الأولي من خلال السلايدات ليتم التحكيم النهائي مباشرة من واقع الأعمال الاصلية ومن ثم اختيار الأعمال العشرين الفائزة, وقد يسبب هذا الأمر ايضا تأخيراً في آلية وخطط البرنامج إلا ان ذلك يهدف الى سلامة ونزاهة وحيادية التحكيم والاختيار, وهو ما يعمل به عادة في مسابقة ملون السعودية والمسابقات الدولية والبيناليات والتريناليات حيث يعتبر العمل الفني الأصل هو المؤثر الوحيد والجيد للحكم النهائي, آملاً ألا تبخل اللجان العاملة على مسألة التحكيم لأنها من أهم المراحل بل من أصعبها، وأن يتم وضع آلية ومعايير جيدة، واختيار العناصر الأفضل من اعضاء التحكيم المحليين، وان كان الاستعانة ببعض العناصر العربية المجاورة ذات الخبرات والتجارب المتعددة أمرا مفضلا في مثل هذه المسابقات الضخمة، فالحدث كبير وهام ولا بد من الارتقاء بما يخدم كل جوانبه بعيداً عن أية اخفاقات أو سلبيات قد تؤثر على سمعة الحدث الذي يعتبر من أكبر الأحداث والمسابقات التشكيلية العربية مضموناً وفكريا وماديا، حتى وإن جاء الأمر على حساب التأجيل، فشكراً لجميع الاخوة والزملاء العاملين بهذا المشروع على سعيهم الجاد نحو إظهار الحدث بما يليق ومكانة صاحبه الغالية,, والله ولي التوفيق.
|
|
|
|
|