| الاقتصادية
نظام العمل والعمال هو أحد الأنظمة الرئيسية في البلاد والذي يمثل ركنا أساسيا في تسيير العلاقة بين طرفين صاحب العمل والعامل ومن خلاله يسهم هذا النظام في تأسيس مبدأ وكيفية تنظيم العلاقة العمالية والتعليمات المنظمة لهذه العلاقة من واجبات وحقوق على الجميع,
وهذا النظام - كغيره من الأنظمة القائمة حاليا - تسعى الدولة لاعادة النظر فيه تحقيقا لتطويره لجعله مواكبا للمرحلة الحالية التي طرأت على سوق العمل في المملكة ومتوافقا مع متطلبات الأنظمة الاقتصادية العالمية دون الاخلال بقيمنا ومبادئنا,
ومن المعروف ان اية نظام يتم اعادة دراسته يكون الهدف الأسمى من ورائه هو اظهاره بأنظمة وتعليمات قصد منها ان يكفل للجميع ايجاد نظام فيه من المرونة والأسس ما يسهم في تذليل العقبات التي كانت تواجه المستفيدين منه في السابق، واذا تأملنا في بعض جزئيات ما قد يأتي في نظام العمل والعمال الجديد والذي هو قيد الدراسة بمجلس الوزراء الموقر، وبناء على ما ذكره معالي وزير العمل والشؤون الاجتماعية من خلال ما نقلته صحيفة عكاظ في عددها الصادر في 2/2/1421ه في تعليق لمعاليه قائلا: يلزم نظام العمل والعمال الجديد منشآت القطاع الأهلي بتوظيف العمالة السعودية بنسبة لاتقل عن 75% لكل منشأة، وبالنسبة للجوانب الأخرى من النظام الجديد والتي لم تتضح لنا بعد بعض من مواده قبل الاقرار فان من الصعب التنبؤ بالقول انها قريبة من روح النظام الحالي أو تختلف اختلافا جذريا، ولأن الواضح أمامنا الآن فيما يخص النظام الجديد هو ما نوه عنه معالي وزير العمل والشؤون الاجتماعية من خلال هذا التصريح الذي ألمح فيه الى انه يجب الا تقل نسبة السعودة في القطاع الخاص عن 75%، اضافة الى ما لدينا من وجهات نظر أخرى حيال النظام الحالي، فاننا في هذه المقالة سوف نورد بعض الآراء حول نسبة ال75% المشار اليها وكذلك وجهة نظرنا من بعض مواد النظام الحالي وذلك بما هو آت.
1 اذا ما تم اقرار النظام الجديد المقترح وما قد يرد فيه من الزام القطاع الخاص بسعودة ما نسبته 75% على الأقل، آخذا في ذلك مبدأ التعميم لكافة المهن فان توجهاً كهذا يصعب تنفيذه اذا كانت هذه النسبة سوف تأخذ في طابعها صفة العموم لكافة المهن العمالية دون ايجاد جدولة للمهن واعطاء كل مهنة نسبة معينة بناء على امكانية توافر عمالة سعودية كل على حدة وفي تخصصات عديدة، على ان يتم اعادة تقدير النسبة من وقت لآخر تدريجيا حسب امكانية سوق العمل، ويؤكد صحة هذه النظرية هو ما اتى به القرار 50 وتاريخ 21/4/1415ه الذي ينص على زيادة التوظيف في القطاع الأهلي بنسبة 50% سنويا، والذي ثبت من خلاله عدم قدرة هذا القطاع على تحقيقها بالرغم من مرور ست سنوات تقريبا على صدور هذا القرار وكانت المعضلة الرئيسية التي واجهت هذا القطاع أيضا هو ان القرار لم يأت مجدولا في نسبته المطلوبة للمهن المتاحة في سوق العمل للكوادر البشرية الوطنية، فتجربة ست سنوات كفيلة بأن يخرج الجميع من تلك التجربة بحلول تخدم مشروع سعودة الوظائف ولهذا يفترض ان يعاد النظر في نسبة ال75% المزمع اقرارها في نظام العمل والعمال الجديد.
كما يفترض من وجهة نظرنا ألا توضع نسبة محددة مثل ال75% في نظام قد يأخذ وقتا طويلا في تطبيقه، كما نرى ان تحديد نسبة كهذه قد تعوق من قوة العمل في منشآت القطاع الخاص اذا ما تعذر الحصول على كوادر وطنية مناسبة تغطي هذه النسبة، خصوصا المتخصص منها, هذا فضلا عن ان جدولة نسب السعودة تدريجيا في هذا النظام يجعله مواكبا للتغيرات الاقتصادية والاجتماعية المتلاحقة في المملكة.
2 ومن وجهة النظر حيال ما اتى به النظام الحالي من مواد ونطمح في تعديلها والتطوير منها في النظام الجديد والتي تعتبر المحور الأساسي في العلاقة العقدية بين صاحب العمل والعامل هو ما يلي.
أ جاء نظام العمل والعمال بفرض التزامات مالية على صاحب العمل لصالح العامل السعودي وهي مكافأة مدة الخدمة والتي تقدر بصرف أجر نصف شهر عن كل سنة من السنوات الخمس الأولى وأجر شهر عن كل سنة من السنوات التالية.
ب جاء نظام المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بالزام صاحب العمل بصرف 10% من راتب العامل السعودي ويتمثل ذلك في 8% معاش تقاعدي و2% لفرع الاخطار المهنية, فيلاحظ هنا ازدواجية في تحمل صاحب العمل التزامات مالية تجاه العامل وهي مكافأة نهاية الخدمة حسب ما نص عليه نظام العمل والعمال والتي تمثل مبلغا سنويا واجب الدفع وكذلك اسهام صاحب العمل في المعاش التقاعدي للعامل والذي يمثل مبلغا شهريا واجب الدفع أيضا, هذا فضلا عن ما قد يأتي من زيادة في النسبة المئوية للمعاش التقاعدي في نظام التأمينات الاجتماعية الجديد قيد الدراسة والتي قد تزيد عن نسبة ال8% ليشكل ذلك عبئا ماليا آخر على صاحب العمل.
ج ان نظام العمل والعمال الحالي جاء بمعضلات قد تعوق مهمة سعودة الوظائف في القطاع الخاص، كما تحد من قدرته على التخلص ممن يثبت عدم جدوى تشغيلهم، فالمادة 83 من نظام العمل والعمال تشير الى فقرات عدة وهي: لا يجوز لصاحب العمل فسخ العقد بدون مكافأة أو سبق اعلام العامل أو تعويضه الا في الحالات الآتية بشرط ان يتيح له الفرصة لكي يبدي أسباب معارضته للفسخ :
1 اذا وقع من العامل اعتداء على صاحب العمل أو أحد رؤسائه اثناء العمل أو بسببه.
2 اذا لم يقم العامل بتأدية التزاماته الجوهرية المترتبة على عقد العمل أو لم يطع الأوامر المشروعة أو لم يراع عمدا التعليمات المعلن عنها في مكان ظاهر من قبل صاحب العمل والخاصة بسلامة العمل والعمال رغم انذاره كتابة.
3 اذا ثبت اتباعه سلوكا سيئا أو ارتكابه عملا مخلا بالشرف أو الأمانة.
4 اذا وقع من العامل عمدا أي فعل أو تقصير يقصد به إلحاق خسارة مادية بصاحب العمل على شرط ان يبلغ صاحب العمل الجهات المختصة بالحادث خلال أربع وعشرين ساعة من وقت علمه بوقوعه.
5 اذا ثبت ان العامل لجأ الى التزوير ليحصل على العمل.
6 اذا كان العامل معينا تحت الاختبار.
7 اذا تغيب العامل دون سبب مشروع أكثر من عشرين يوما خلال السنة الواحدة أو أكثر من عشرة أيام متوالية على ان يسبق الفصل انذار كتابي من صاحب العمل للعامل بعد غيابه عشرة أيام في الحالة الأولى وانقطاعه خمسة أيام في الحالة الثانية.
8 اذا ثبت ان العامل غادر المستشفى أو أي مكان أعد لعلاجه بدون اذن المشرف على علاجه وذلك دون اخلال بحقه في الحصول على ما يستحق من تعويض طبقا لأحكام الاصابات والتعويض المنصوص عليها في نظام التأمينات الاجتماعية.
9 اذا ثبت ان العامل افشى الأسرار الصناعية والتجارية الخاصة بالعمل الذي يعمل فيه.
وهنا يلاحظ صعوبة اثبات بعض ما جاءت به هذه الفقرات بشكل رسمي، هذا فضلا عن انه يفترض ايجاد ضوابط أخرى بآلية تجعل مثل هذه الضوابط ضماناً لتحقيق وتفعيل روح العلاقة بين صاحب العمل والعامل, كما يقترح ان يتضمن النظام الجديد موضوع التسرب الوظيفي حيث يعد هو الآخر قضية في حد ذاتها، يعاني منها القطاع الخاص خصوصا اذا كان ذلك قبل انتهاء مدة عقد العمل، الأمر الذي معه يحدث ارباكا في قوة العمل داخل منشآت القطاع الخاص ومنها يفترض ان توضح آلية لهذا الأمر لتفادي عمليات التسرب الوظيفي مستقبلا ولعدم تفويت الفرص أمام طالبي العمل الجادين من المواطنين.
وبهذا نرى ان تجربتنا مع نظام العمل والعمال الحالي والتي بدأت منذ عام 1389ه لمدة تصل الى 32 سنة 1389/1421ه يجب ان ننهل منها العديد من الخبرات لتوظيفها في نظام العمل والعمال الجديد وكذلك لنظام المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية الجديد أيضا، واللذين كليهما قيد الدراسة حاليا كي نخرج بأنظمة تمنحنا الثقة بالنفس والرضى للجميع وتقوم بلادنا على سواعد ابنائها بكل يسر وتفان.
كما يقترح على المسؤولين المعنيين بدراسة نظامي العمل والعمال والتأمينات الاجتماعية ان يوضع لكل نظام عمر زمني يحدد بما لا يزيد عن عشر سنوات يتم بعدها اعادة التقييم والتقويم لهذه الأنظمة بما يجعلها مواكبة للتغيرات الاجتماعية والاقتصادية على الدوام.
* رجل أعمال
|
|
|
|
|