سأبدأ بك خياري الأول,, ترى هل نملك غيره؟ انني أتفحم فوق جليد فقد لونه,, أنحت فيه طريقي,, أتشظى,, أعتصر النشوى,, أجاهد كل الظنون الخبيثة,, الزمان يفقد سيقانه,, يتجرد المكان,, يفيق الكبت على نهيق أتان فارقها السكون,, تحطم كل شيء,, تشتم التراب المبلل,, السكون يلف المكان,, كل شيء هامد,, الرياح تواري أحشاء السراج,, آنست رعشة تسري في أوردتي,, تغازل رئتي,, عيناي تحدق في المجهول,, اسمع إزميلا ينحت صخرا عاتيا,, تتهاوى نفسي الحيرى.
وحدي والناس حولي، وكل السفن ترسو، وحناجر الباعة تنادي,, وحدي أسكن العراء,, بعيون تبكي الأهداب,, تتقاذفني رياح القوافل,, تهيل في حضني التراب,, الشمس تلعق وجهي,, صوت عجلات تعانق الطريق الأخرس,, الى هناك تمضي.
قبالة الطبيب,, ألوك حكايتي للمرة العشرين,, تتعثر كلماتي,, يمنعها الحياء,, الطبيب يكمل عني فصول الحكاية.
غيوم الشتاء تسرق مني عفويتي,, الأرض حبلى بالضغائن,, دفاتري أصبحت خرابا، تموء فيها قطط ليلة,, يتفلت رباطي,, يضيع صبري,, توأد الذكريات.
الرواحل تغادر المكان, صوت الحادي يفزعها,, أهرب منه,, الطبيب يصف الدواء بخط مشوش,, أغرق في التفكير,, يأكلني الهم,, سوف أهرب,, سأفتش عن راحلتي,, صوت الحادي يتعقبني,, ضحكته تخيفني,, قررت الخلاص منه,, كانت أصابعي تطبق على الحلق,, تضغط بشدة,, رحت أسعل,, استيقظ من حولي,, تجمع حولي الأهل، والجيران والمارة,, أحدهم قدم لي الماء,, بللت به داخلي,, تراخيت الى الوراء,, رأسي يلامس المخدة، اختفت كل الأشجار,, كان يغلق الثلاجة ويردد بحزم:
في المرة القادمة لن ينقذك أحد.
دفنت رأسي في كتاب قديم,, تمنيت ان لا أرى فيه,, صديقي يلوح لي من بعيد,, يأخذني الى المنتدى,, هناك لم أع حرفا واحدا,, فقط كنت أحدق في الوجوه، وكانت كلها تشبه وجه الطبيب,, صديقي يطل بصوته من المنصة,, يجمع أوراقه,, يعلو الهتاف يتلاشى صوت الحادي,, أحسست وقتها انني حر,, عدت أفتش عن اختياراتي,, كانت راحلة واحدة تقف بقربي,, قبل أن أمسك بها رحت أردد بهمس:
هل تكفي راحلة واحدة للمسير؟
الدمام 1418هـ
|