| الثقافية
يقف الأستاذ محمد الشقحاء على قائمة كتّاب القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية بدأ الكتابة منذ عقود ثلاثة في ظل تباين كبير في الكتابات النقدية التي تناولت فن القصة القصيرة, اذ يراه البعض تقليديا وآخرون انه يفتت الظواهر الأخلاقية المتدهورة كما ربطه بعضهم بالمرأة من خلال شعوره بالحرمان ولم تشفع هذه الظواهر المتقدمة في نصوصه بأنه يرسم خطوات جيل جديد أسس لهم طريقا في تكوين القصة القصيرة في الوطن العربي والعالم, والمزعج تجنب النقد المحلي لطروحات الشقحاء المستمرة والمتواصلة رغم هذا التحجيم الغريب في ساحة تراه أحد أهم الفاعلين فيها من خلال علاقته بكل أجيالها وحرص أكثرهم على محاورته، اذ نراه يرفض مقاطعة حتى أشد الرافضين لتجربته الأدبية التي بناها من الصفر.
ومحمد الشقحاء ليس حالة منفردة في الساحة الأدبية السعودية التي نراها تمارس انتقائه وقائية في تعاملها مع الاسماء، كما ان الهاجس النقدي لم يتجاوز دائرة الثقافة العامة التي نجدها في كتابات نقدية عند الدكتور عبدالله الغذامي وسعد البازعي وسعيد الريمي وأخيرا محمد العباسي الذي احتفل بقصيدة النثر ثم تراجع في محاولة الاندغام في بنية الدائرة الثقافية التي تكتب في كل شيء ولا تقدم شيئا.
واذا كان أهم ما يميز قصص الشقحاء هو انها في أغلبها الأعم أقرب الى الخواطر القصصية أو القصة الاخبارية انما نجد ما كتب عن قصصه بأقلام عربية استطاعت ان تتعامل مع نصوص الشقحاء القصصية بوعي التجربة وتلمست المضامين بمعناه الفني في تحليقها على أرض الواقع وقضاياه وتجولاته المتسارعة مكتشفة بعدا جديدا من خلال تعدد الاشخاص وتناميهم الذي يتجاوز مفهوم القصة القصيرة بكل تقيداتها النقدية وكأنه يروج لمرحلة جديدة في مفهوم البناء القصصي يتجاوز القواعد التقليدية والحديثة الى فمهوم ما بعد الحداثة الذي يشير به الكتاب، فالوعي لديه حالة ذاتية من القدرة على الحس ويتسم بالتفرد لدى كل ذات مع وجود خصائص مشتركة بين مختلف الذوات وكأنه يتكلم عن ذاته التي يراها تقف على مشارف الطريق شاهد عصر.
فالأساليب والشخصيات والارادة حتى العقل نفسه في قصص الشقحاء كلها نتائج عمليات شعوره بالحصار الذي ينقب فيه بهذه الكتابة حتى يحدث فجوة من خلالها ينطلق وراء رؤياه المستقبلية لعالم أخضر، فالكائن الانساني لديه مكون من اجزاء لا يستطيع كل منها بمفرده أن يفكر وأن تدخل بالحديث حتى يساعدنا كقراء على التأمل والتفكير اثناء قيامنا بالقراءة, هنا يأتي الشقحاء خارج الاطار القسري الذي يراه المعنيون بالثقافة لارتباطه بالعملية الإبداعية كقاص ارتبط بمكان محدود، كما جاء في احدى المطابعات النقدية لقصصه التي تجاوز في مجموعة متناثرة بين مجاميعه المطبوعة هاجس المحلية في اشارات واضحة على قدرته أن يقول ما يريد في البنية العربية عبر خطاب مباشر للتواصل، وبهذا حقق التواصل مع الناقد العربي وهذا يساعد على استكشاف تقدمه الذي لا يكشفه في معالجة المشكلات التي يتركها الاضطراب البنائي في معظم نصوصه ذات النهاية المفتوحة المرتبطة بالاكتتاب لدى القارىء الذي يعاني من بعض المشكلات الاجتماعية مثلا توتر العلاقة بأفراد الأسرة وزملاء العمل وفقدان الرغبة في المبادرات الاجتماعية الايجابية.
هنا أقول لقد اكتشفنا في عالم الشقحاء القصص عندما تبيّنا الممارسات الاستطلاعية المعمول بها ضاعفنا معدل حيازتنا من الآراء لكننا وجدنا عندما عدنا لنصوص الشقحاء القصصية عندما حاكمنا افراد هذه النصوص من منطلق طريقتهم الخاصة في اعتناق هذه الآراء انهم هم الشقحاء بكل همومه وحزنه الذي يريد ان يقلبه عنده وهذا خطأ فادح ارتكبه الكاتب بالاضافة إلى الاخطاء الفقية وتجاوزاته في اللغة المحدود التي لم يتجاوزها من خلال الكم المنشور له والتي لم يكتشفها النقد عندنا احتراما للشقحاء كصديق وليس كفنان له هاجس خاص وهذا خطأ لا يغفر وقع فيه الناقد السعودي الذي وصف نفسه كمثقف فقط وحرم على نفسه الدخول الى خصوصية الابداع كفن, وبالتالي أصبح غير مؤثر حتى لو ارتفع صوت بعضهم وكمثال الأسماء التي أشرت اليها في مقدمة هذه الدراسة الدكتور عبدالله الغذامي والدكتور سعد البازغي والدكتور سعيد الريمي والأستاذ محمد العباسي وفايز أبا فحاكمية هذه الاسماء ثبات انهم وعي المثقف الذي يلم من كل علم بطرف مثالهم تراث عربي تمثل في ألف ليلة وليلة وكتاب الأغاني وطبقات فحول الشعراء ومقامات الحريري التي نلجأ لها الآن بحثا عن معلومة وتأكيد تجربة كنواة لمرحلة معاصرة حرة ترتبط بنظرة لحواف وأطراف نابتة هم شاهد هذا العصر الذي هم نتاجه.
|
|
|
|
|