رئيس التحرير : خالد بن حمد المالك

أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 6th June,2000العدد:10113الطبعةالاولـيالثلاثاء 4 ,ربيع الاول 1421

مقـالات

الهزيمة الإسرائيلية في لبنان
د, عبدالعزيز بن عبدالله السنبل *
وأخيرا انسحبت إسرائيل من الشريط اللبناني المحتل قبل بضعة أسابيع من الموعد المعلن عنه سابقا، أي في أوائل شهر يوليو القادم، ويأتي هذا الانسحاب بعد أن شهد مستهل هذا العام زخما وأحداثا متواترة على هذه الجبهة، من بينها استئناف المحادثات السورية الإسرائيلية في شهر يناير من العام الجاري إلى العدوان الإسرائيلي الواسع النطاق على لبنان في شهر فبراير مستهدفا القطاعات الحيوية والبنية الأساسية اللبنانية مما استتبع ردود أفعال واسعة ومستنكرة لهذا العدوان على الصعيدين العربي والدولي, وفي اطار مساعيه لطرد العدو المحتل فقد لقي الشعب اللبناني المكافح كل الدعم والتأييد والتضامن من أشقائه العرب، وأذكر في هذا المجال الزيارة التي أداها إلى لبنان صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد و نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني بالمملكة العربية السعودية، وكذلك زيارة الرئيس المصري حسني مبارك إلى لبنان، وما حملتاه من معاني التأييد والتضامن والدعم المطلق للدولة اللبنانية وشعبها المكافح,, كما يأتي هذا الانسحاب من ناحية أخرى بعد أيام قلائل من تاريخ الرابع عشر من مارس، هذا التاريخ الذي اكتسب أهمية بالغة هذا العام باعتباره اليوم العالمي للتضامن مع الشعب اللبناني والذي يجيء في ذكرى الاجتياح الإسرائيلي الأول للبنان عام 1978 في عملية الاجتياح التي سميت عملية الليطاني والتي صدر في أعقابها في 19 مارس 1978، قرار مجلس الأمن الشهير رقم 425 الذي يدعو إسرائيل إلى الانسحاب من كامل الأراضي اللبنانية دون قيد أو شرط، وقد جاء يوم التضامن مع شعب لبنان وسط تطورات حافلة شهدتها القضية اللبنانية، توجتها تظاهرة تضامن عربي غير مسبوقة مع لبنان تمثلت في اجتماع مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية في نفس الشهر مارس في بيروت، وواكب ذلك قرار إسرائيلي غير مسبوق من حكومة باراك بالاجماع على الانسحاب من الجنوب اللبناني قبل يوليو مما يشكل لحظة انتصار كبرى للبنان والأمة العربية.
إنها لحظة انتصار عربية تاريخية ، بلا شك حين تقرر الحكومة الاسرائيلية وبالاجماع، الانسحاب من الجنوب اللبناني بعد 22 عاما من الاحتلال، حيث انها المرة الأولى التي تضطر فيها إسرائيل مرغمة، على سحب قواتها من أراض عربية حتى ولو تم ذلك بدون التوصل إلى اتفاق مع الطرف العربي الذي احتلت إسرائيل أرضه، هذا القرار بالانسحاب أو إعادة الانتشار كما يطلق عليه الإسرائليون رغبة في إخفاء معنى الاضطرار إلى الانسحاب بما يعنيه من دلالات نفسية تعكس معنى الهزيمة والانكسار، هو في حقيقة الامر اعلان بالهزيمة للغزو الاسرائيلي للبنان واعتراف بعدم قدرة اسرائيل على الصمود في مواجهة المقاومة اللبنانية الباسلة، كما أنه يعد محاولة للهروب والفرار، بعد أن أصبح لبنان بفضل تضحياته ومقاومته وصموده، بمثابة كابوس لإسرائيل وتحول إلى ما يشبه العقدة للجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر والذي سيلحق به عار الهزيمة في لبنان مهما حاول المكابرة أو الإنكار.
وهو نصر يدل أبلغ دلالة على حيوية هذه الأمة وروحها الجسورة وإرادتها الأبية وقدرتها على الصمود والمقاومة والوقوف في وجه الهجمة الصهيونية العاتية والضارية، كما أن من المفارقات الهامة والجديرة بالتأمل، أن لبنان الذي ألحق هذه الهزيمة بإسرائيل، كان جنرالاتها يعتقدون أنه البطن الرخو والساحة الأضعف في دول الطوق العربي، وان اسرائيل بامكانها أن تتخذ مساحة العربدة واستعراض القوة على بقية العرب وفرض الاستسلام عليهم,لكن لبنان هذا ألحق بإسرائيل الهزيمة مرتين: الأولى: عندما أسقط اتفاق 17 أيار (مايو) عام 1983 والذي فرضته إسرائيل تحت حراب العدوان والغزو وغطرسة القوة وغرور الجنرال شارون، فأسقط مخطط إسرائيل في جعل لبنان مجرد محمية تابعة لها أما الثانية: عندما أجبرها الآن بالمقاومة الجسورة على اتخاذ قرار الانسحاب منها وتنفيذه قبل موعده, وهو درس يجب أن تعيه إسرائيل جيدا وتستخلص منه الدروس والعبر وأول هذه الدروس أن إرادة الشعوب لا تقهر حتى بقوة السلاح، وأن الأمن لا يمكن فرضه بقوة السلاح والعدوان والاغتصاب كما تعتقد إسرائيل، بل ان الطريق إلى ذلك هو السلام العادل والشامل وعلى مختلف الجبهات والمسارات فهو السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار لكافة دول المنطقة وشعوبها.

* نائب المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة][موقعنا]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved