| محليــات
تتزاحم الأفكار,.
ثمة ما يقفز منها حاداً أمام سِنَة القلم,.
يُشاكس كي يسبق,,، حتى الفكرة تعلَّمت من الإنسان شيئاً من أنانيته!,.
لكنَّ الفكرة تحتج,, ذلك لأنها أثيرية ، سبقت الإنسان إلى التسابق، وهي زئبقية، إن لم نعقلها تهرب، ولا أسرع منها,.
يتنهد الإنسان، كل شيء يوسم بي: هذا أنا الجدار الأقصر الذي يعتليه كل قاصر : لسان حال الإنسان، كلَّما وُسم بشيء,, وهو يتمنى ألا يُوسم إلا بكل جميل,.
فكيف يكون جميلاً وها هو تزدحم به ساحات الحياة بكل منافذها، ومضائقها، وشعابها ومرافئها في أدائه الدَّاكن,.
حتى الكلمات التي تدرُّ في الإنسان حلمه، وأخيلته، وتندى لها نفسه، وترقُّ لها مشاعرُه كالبحر، والزورق، والصيد، والعبور، والرحيل، والتجديف، والمزارع، والخضرة، والجبال، والأودية، والطفولة، والفرح,, هذا الإنسان يدجِّجها بالسلاح، والنار، والطلقات، وأنابيب المياه الساخنة، تصطلي ظهور الصيادين فوق زوارق صيدهم,.
والطائرات تلتقط صوراً جوية لعربات مدججة بالأسلحة، وأخرى يقيم معتمروها حدوداً وأسيجة حديدية تقطع الأراضي الخضراء بأسلاك شائكة,, وتخدش وجه الخضرة,.
وذلك المجترئ على بحور الفكر يغرف منها,, ويلقي بحصاه ونيرانه كي تلتهم الجمال والإحساس في صدور المنعَّمين في سعادة الإيمان ومتعة التفكر في خالق عظيم بسط لهم الحياة وهيأها لهم وهيأهم لها,, فينثر طحالبه كي تتشعب أشواكاً توخز ضمائرهم، وتدمي نفوسهم,.
وذلك المستغل حرمة العلم وحصانة مواقعه,, يفتح لغرائزه صمَّاماتها كي تهدر,,، ولجنونه كي يتلاعب خداعاً وإيقاعاً واعتداءً وقتلاً في أرقى مواقع تطأها أقدام البشر,, فوق أرضية جامعة العلم ومحصن الفكر ومعتقل الشهوات,.
ولم تكتمل فرحة المنادين بأصواتهم يقيمون رأس سناء من قبرها، ذلك لأن الجنوب اللبناني لما بعد تكتمل له فرحة الاحتفاء بمزارعه,, وسيادة مياهه,, وفسحة حدوده,, ولما يزل صيادوه تتابعهم المياه الساخنة تلهب ظهورهم وتربك انطلاقهم,,، ولما تزل الأسلاك الحديدية تقطع ظهور الثرى الأخضر الممتد كي يقصم ظهرها، فجزء هنا، وجزء هناك، ولما تزل المفاوضات تقوم: بأن كل الأرض وسيادتها أو لا تحقيق لقرار شفاهي لم تتم له كمالية التنفيذ.
ولما تزل الحقيقة كامنة خلف آدم القائل وحده,, المنتهك لحرمات: العلم، والثقة، والأمن، والتعليم، ومواقع عدم الشبهات؟! أم ان هناك متورطين يلبسون الأقنعة، ويصرُّون النقود صراً حول أسيجة الأفواه؟,, وأخيراً,, تنهض المقتولات الضحايا,, يتحركن على أقدامهن، بأسماء مستعارة,,؟! وتتحول الضحية إلى أسطورة في شخوص المعتدين .
لما يزل جنون الإنسان يصطلي الإنسان، ولما يزل من يحيط سياج الفكر بحصانة مفتعلة، واهنة كبيوت العنكبوت كي ينفذ منها كلُّ ذي غرض,, يجترح حدود العقل، والقلب، والمسلك,,، يطلق لكلماته العنان كي يكون في صورة الحر الذي يقول أدباً وهو يهذي فكراً متجاهلين أن الأدب بوتقة القيم، وأن الفكر رسول القلب,, فأي إيمان يبرر الاجتراء على الله تعالى له المثل الأعلى سبحانه عما يصفون وأي فن موبوء بتجاوزات تخدش وتجرح النفس المؤمنة والقلب الصادق بالإحساس الإيماني الكامل,.
هذا الإنسان القاصر لا يزال يتحرك في الأرض، يمد أنفاسه فتسري في شعابها ومنافذها وثقوبها فتلوثها,, وتصبغها بالدكن الشديد الذي يستدر الألم، ويستدعي زفيره,.
ويحسب الإنسان أن الأرض جمُلت، وأن الحياة تباهت به,, لكن ثمة ما يخدشها وثمة ما يعج أمام الذهن,, كي تتضارب أمامه الأفكار,, أيها تسبق إلى الورق,, ويظل الإنسان محور كل الأفكار,, هذا الإنسان المتردي الذي يشوِّه جمال الحياة,, ويشوِّه بياض الورق، بمثل ما يفعل في الذهن، وفي القلب,.
كيف يتنهد الإنسان رافضاً أن يوسم بما لا يحب، وبأن يكون الجدار القصير الذي يرقى إليه كلُّ قاصر,, وهو بعد لم يستطع أن يرقى بقامته فوق الأرض، والبحر، والفكر؟!
ولما بعد يهدأ تزاحم الأفكار,.
ولما بعد يستقر القلم عند فكرة ما,.
في ضوء ما تعج به صحف الصباح,.
وأصوات الجميلات مقدمات النشرات الاخبارية في القنوات الملونة بألوان شعورهن وملابسهن وشفاههن!!
|
|
|