أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 2nd June,2000العدد:10109الطبعةالاولـيالجمعة 29 ,صفر 1421

الاقتصادية

حاجتنا للاقتصاد الإسلامي في زمن العولمة
إن الاقتصاد الاسلامي مهم جدا، لكونه يتصل بأحد الجوانب الحيوية للحياة الانسانية.
ولا عجب، إذا رأينا العلماء والمفكرين شرقا وغربا يولونه اهمية خاصة، دراسة وتحليلا.
فقد ربط المفكرون الاقتصاديون كثيرا من المشكلات والظواهر التي تعرفها البشرية بدولاب الاقتصاد.
وهذا يجعلنا نؤكد ان العلماء المسلمين مطالبون بتبصير اجيال الأمة الاسلامية بمعالم اقتصادنا الاسلامي.
وإن عدم القيام بهذا الواجب ينتج عنه اسوأ العواقب وعلى رأسها التبعية الفكرية والتقليد الأعمى لمذاهب الغرب.
ولا شك ان دراسة الاقتصاد الاسلامي ينبغي ان تحقق اهدافا ومقاصد نافعة.
فمن خلال هذه الدراسة يتعرف المتعلم على شتى المذاهب الاقتصادية المعاصرة التي تسود عالمنا.
كما تفيد دراسة الاقتصاد الاسلامي في عملية الرد العلمي الموضوعي على مزاعم الاعداء والمستشرقين والمشككين.
والعجب العجاب ان نرى كتاباً وأساتذة وفقهاء يختلفون في اصول الاقتصاد الاسلامي، فبعضهم يردها الى احد المذاهب المعاصرة، اذ يرى انه اقتصاد زراعي اقطاعي، وبعضهم الآخر يرى انه يعتمد في مبادئه وقواعده اصلا كبيرا الا وهو الاقتصاد الفردي الحر، في حين ان طائفة ثالثة ترى ان الاقتصاد في الاسلام يرتكز على الملكية الاشتراكية الجماعية.
ان هذا الاضطراب في التحليل الاقتصادي لا يزول الا بالدراسة المعمقة لمقومات الاقتصاد الاسلامي وأسسه الشرعية.
ومن المقاصد الجليلة التي تتبين للمتعلم من دراسة الاقتصاد الاسلامي مقصد مهم يتمثل في مدى اتساع الفقه الاسلامي.
إذ كثيراً ما نسمع ان الفقه الاسلامي لا يتجاوز حدود الطهارة والصلاة وسائر التعبدات ومسائل الحيض والنفاس، أما الاقتصاد والاجتماع والتعليم والسياسة والاعلام، فهذه ميادين متروكة بداهة لعلوم العصر.
يقول الدكتور عبدالحميد بوزوينة في كتابه الرائع (ثقافة المسلم دراسة منهجية برامجية): إن هذا محض افتراء ولدته أسباب شتى أخطرها الجهل والتعصب والحقد والدوائر الاستعمارية ومراكز الغزو الفكري.
إن المتعلم ليندهش من خلال التقدم في الدراسة والبحث والتحليل حيث يكتشف ان للاسلام مذهباً اقتصادياً ونظاماً فريدا يمتاز بالعمق والاتساع والشمول.
وهذا امر طبعي، لأن مبادىء الاقتصاد الاسلامي ربانية المصدر، بينما منطلقات الاتجاهات الاقتصادية، بشرية المصدر، محدودة الأهداف، نسبية النتائج.
ثم إن النظام الاقتصادي الاسلامي يمتاز الى جانب الاتساع والشمول والعمق بالمرونة, ذلك أن الأحكام الاجتهادية في المجال الاقتصادي تتبع أحوال العصر وتنسجم مع ظروف البيئة وامكانيات البشر وطاقات الأمم وفقه المستجدات والنوازل.
علماً بأن هذه الأحكام الفرعية المتجددة لا تخرج عن نطاق المبادىء العامة والاصول الكبرى للنظام الاقتصادي الاسلامي.
ومن خلال دراسة الاقتصاد الاسلامي أكثر فأكثر يكتشف الدارس والباحث ان الاسلام قادر على حَلّ جميع المشكلات واستئصال شتى الأزمات التي تنخر في مجتمعاتنا الاسلامية.
إن دراسة الاقتصاد وفق المنظور الاسلامي تفيد أيما إفادة في فهمنا لكثير من القضايا التاريخية التي شوّه معظمها أقطاب الفكر الغربي وسدنة المذاهب الوضعية، لمقاصد وغايات خبيثة.
وإن كان بعض علماء الاقتصاد المعاصرين ومنهم جاك اوستري اعترفوا اخيرا بأن الاقتصاد الاسلامي هو النظام الذي يحقق للانسان السعادة والكفاية.
إن دراسة الاقتصاد الاسلامي تبيّن بوضوح تام أن الاسلام وحده كفيل بإرساء دعائم العدالة الاجتماعية، بل انه اكثر من ذلك يؤسس مجتمعاً متكافلاً يسعد فيه العاجز والضعيف والأرملة والمسكين واليتيم.
لقد أيقن الانسان المعاصر بعد فشل النظم الاقتصادية المختلفة أن المخرج والمنقذ هو الاقتصاد الاسلامي.
إذ ان عبودية الانسان المعاصر للمادة هزت كيانه وجوهره وعكرت صفاء فطرته السليمة، فضلاً عن القيم الروحية والاخلاقية التي لا تستقيم الحياة الا بها.
والنظام الاقتصادي الاسلامي يتميز بأنه صالح وشامل للحياة والأحياء، وذلك لقيمه النبيلة وأخلاقه السامية ودقته ومراعاته لأساليب الحياة والناس.
ولا غرو فإن الاقتصاد في الاسلام فرع أصيل من فروع الشريعة الاسلامية السمحة الشاملة لكل الجوانب المادية والروحية، منهجاً وأخلاقاً، فكل ما اشتملت عليه من عبادات ومعاملات وحدود وفضائل إنما هو وسيلة لغاية كبرى، هي توحيد الله تعالى ثم البناء الأخلاقي المتكامل للبشرية، في منهج تشريعي رباني,إن اقتصادنا الاسلامي اقتصاد فريدُ نوعه، عريق في تاريخه، أصيل في ذاته، مستقل في تعاليمه، نسيجُ وحده، اقتصاد يقوم على تشريع رباني، اقتصاد يقوم على قواعد اساسية، اقتصاد متفرد بخصائص ذاتية.
وصدق الله عز وجل القائل سبحانه (وأنّ هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله، ذلكم وصاكم به، لعلكم تتقون,,).
د, زيد بن محمد الرماني
جامعة الإمام محمد بن سعود

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved