| مقـالات
إلى أين سينتهي هذا الجموح الأدبي، وهذا الجنوح الثقافي، وهذا التهوُّر الفكري؟؟
سؤال يرسم علامته الكبيرة أمام عيوننا كلَّما اصطدمنا بعمل أدبي يلعب كلعب الصبيان أو إن شئت فقل كلعب المجانين بأفكار الناس وعواطفهم وأخلاقهم، بل بعقائدهم .
نتحدَّث دائماً عن ضرورة دراسة حالات الجانحين من المراهقين والمراهقات، وتفتتح المدارس والمعاهد والجمعيات لأجل هذا الهدف النبيل، الذي يتحقق به أمن البلاد والعباد، وإصلاح الجانحين وإرشادهم وإعادتهم إلى جادَّة الطريق.
فمن هم أولئك الأحداث الجانحون؟
سجلات المعاهد والجمعيات المتخصصة, وملفّات علماء وأطباء النفس البشرية تُجِمعُ على أنَّ الجانحين هم الذين ينحرفون عن أخلاق المجتمع وقيمه وعاداته السليمة، في سنٍّ مبكرة يتعرَّضون فيها لبعض جلساء السوء، أو بعض المواقف التي تحرفهم عن الطريق، ولولا أن هذا الجنوح خطيرٌ على المجتمعات البشرية وأمنها واستقرارها لما أوليَ هذه العناية الكبيرة في العالم أجمع، ولما حظيَ بهذا الإجماع العالمي على وجوب دراسة ظواهره ومعالجتها.
هذا جنوح الأحداث والمراهقين,.
فكيف يتم التعامل مع جنوح الكهول من الأدباء والمفكرين؟؟
ماذا نقول لأديب أو مفكر يسخر من الدين الصحيح، أو يستهزىء برسولٍ من الرسل الكرام عليهم السلام، أو يسلِّط جموح قلمه على قيم المجتمع وأخلاقه، أو يتجاوز ذلك كلّه فيسخر من الخالق العظيم جلَّ وعلا؟؟
كيف نتعامل مع كاتب لا يبالي أن يقول للرسول عليه الصلاة والسلام ما يقوله لرجل من عامة الناس، بل ربما يقدِّر عامة الناس تقديراً يفوق تقديره لأفضل الناس قاطبة؟؟
كيف نوقف هذا التيَّار الإلحاديَّ الجارف، وبماذا نخاطب أصحابه، وكيف نوجههم؟؟
أليس الجنوح عن الصواب خطراً على المجتمعات؟
ألسنا متفقين جميعاً على ضرورة مواجهة جنوح الصِّبية والأحداث بالتوجيه والإرشاد، والعقاب الرادع أحياناً ؟؟
فبما نواجه جنوح الكهول؟؟
هل يخوِّل الفنُّ الأدبي صاحبه أن يقول عن الله سبحانه وتعالى مايشاء؟ وهل الأديب شيء آخر من غير جنس البشر لايجوز أن يؤاخذ ويُعاقَب على ما يعلنه من عبارات الكفر أو الانحلال الخلقي، أو الإنحراف الاجتماعي؟؟
وهل فنّية الأدب حصانةٌ نازلة من السماء لا يصح النَّيلُ منها أو رفضها أو معاقبة صاحبها إذا شطح عن الطريق؟؟
وهل للأديب المتجاوز حدّه عصمة كعصمة الأنبياء تحول بيننا وبين مؤاخذته، بل وبين مناقشته فيما يطرحه من فسوق القول؟؟
لماذا هذا التيار الإلحادي المحتمي بقدسية الفن المزعومة.
ولماذا هذا الذَّوَبان في مواقف كثير من المسلمين تجاهه؟؟
إن الموجة الإلحادية المنحدرة من الشيوعية الهالكة، والمذاهب المادية الغربية الخادعة لتشكل أزمةً عقدية وثقافية كبرى تحتاج إلى ان نقوم بواجبنا الشرعي من الإنكار والردّ، والتوجيه والإرشاد وإعلان رفضنا القاطع لكل جنوحٍ فكري أو ثقافي يشكل خطراً على عقيدة أجيالنا وفكرهم وثقافتهم.
ثم,,, من أين جاء بعض المدافعين هداهم الله عن هذا الجنوح الثقافي بدعوى أن الكاتب الروائيَّ لا يُؤاخذ بما يورد في روايته من عبارات جانحةٍ، لأنه يوردها على لسان شخوص الرواية، ولايعني ذلك أنه يؤمن بما يورد؟؟
من أين جاءت هذه الدعوى الباطلة، ونحن نعلم، وهذا هو رأي النقد في كل زمانٍ ومكان أنَّ الانطباع الأخير الذي يتركه العمل الروائي في نفس القارىء هو ما أراد ان يوصِّله إليه الكاتب، وهو تبعاً لذلك ما يؤمن به؟؟
ثم إن علاج القضايا التي يطرحها الكاتب الروائي هو الحلُّ الذي يقتنع به الكاتب ويطرحه من خلال روايته.
ثم إن طريقة طرح الانحراف في العمل الروائي تؤكد لنا قناعة الكاتب وتوجُّهه وطريقة تفكيره، فإذا أدَّت طريقة الطرح إلى تنفير من الإنحراف وتحذير منه، بما تتركه من انطباع سلبي في نفس القاريء تجاه مواقف الإنحراف الواردة في الرواية، فإن هدف الروائي من عمله في هذه الحالة يكون نبيلاً.
ويكون الهدف على العكس من ذلك، حين تكون طريقة الطرح على العكس أيضاً.
لقد طرح الشيخ محمد الأمين الشنقيطي يرحمه الله في كتابه الشهير أضواء البيان قضية محاسبة الشاعر بما يقول من الفسق في شعره، وهل يقم عليه الحدُّ الشرعي إذا اعترف في شعره بما يوجبه عليه، وأورد في ذلك آراء العلماء والفقهاء، وهل يُدرأ الحدُّ عن الشاعر إذا اعترف في شعره بسوءٍ، ولكنه يحتجُّ بقول الله سبحانه وتعالى عن الشعراء وأنهم يقولون ما لايفعلون .
ناقش ذلك بصورة موسَّعة فيما يتعلَّق بالحدود كالاعتراف بالزنا أو غيره، ويمكن الرجوع إلى هذه المسألة في تفسير آخر آيات سورة الشعراء من كتاب أضواءالبيان .
والخلاصة أن الأديب يُؤاخذ كغيره من الناس، وأن جودة أدبه وقدرته الفنّية لا تحول دون ذلك، بل تؤكد المؤاخذة عليه لأنه استخدم قدرته الفنّية في الترويج للباطل وتحسين صورته في أذهان القراء.
أيها الكتاب والأدباء المتجرئون على الله تعالى، ندعوكم إلى مراجعة النفس، وإلى استشعار عظمة الخالق الذي أوجدكم من عدم وخلق هذا الكون الفسيح وسخره لكم.
ايها المدافعون عن جنوح الأدباء اتقوا الله في أنفسكم لأنكم تشاركونهم في إثمهم وتسهمون معهم في زرع بذور الشك والانحراف في المجتمعات البشرية، وذلك من شأن الذين ارتضوا لأنفسهم مشايعة الجانحين.
الأدب عالم فسيح من العطاء الفني البديع الذي يبني ولا يهدم ولذلك سُمِّي أدبا، لأنه يدعو الناس إلى المحامد وينهاهم عن المقابح.
شكر:
اللهم إننا نشكرك على نعمة الإسلام والعقيدة الصحيحة التي نعيشها في هذه البلاد الطاهرة، ونسألك الثبات على الحق وحسن الدعوة إليه.
|
|
|
|
|