| مقـالات
(ندوة النخيل) اسم جميل صار علماً على اللقاء الثقافي الشهري الذي يعقد في صالون شيخنا واستاذنا الاستاذ الدكتور محمد بن سعد بن حسين في منزله العامر بحي النخيل في مدينة الرياض، ولقد حرص شيخنا الفاضل على اختيار الموضوعات الجيدة والشخصيات اللامعة المتمكنة المبدعة، وقد وُفّق غاية التوفيق في اختيار ضيف اللقاء الماضي وموضوعه، الذي تم عقده في مساء يوم الثلاثاء 27/1/1421ه، فالموضوع هو: (الرياض وبدايات الاعلام/ دراسة توثيقية)، والضيف المتحدث هو فارس هذا المجال ورجُله المخضرم, إنه الاستاذ الدكتور عبدالرحمن الصالح الشبيلي، الذي تجمعت له كل عناصر النجاح في هذا الموضوع وهي التخصص والخبرة والموهبة، فاستطاع ان يجمع اطرافه ويلم شتاته ويبدع غاية الإبداع في عرضه وتقديمه بلغة راقية وأداء سلس متميز خلاب، وقد شدّ الحاضرين الذين غص بهم المجلس الرحب الواسع، فأحسنوا الإنصات وأرهفوا السمع، وأبرز ما يلفت الانتباه في هذه المحاضرة وكلها تلفت الانتباه ذلك التسجيل الدقيق والتوثيق الأدق لعدد من البدايات المهمة للإعلام، ولأمور مهمة تسبق الإعلام وتخدمه، وبذل الجهد في تقصي هذه المعلومات المتناثرة التي لم تدون، وإنما عبر المشافهة، لكبار السن والمهتمين او المراسلة أو التنقيب في أوائل الصحف، ومن ذلك مثلا قوله:إن الكهرباء في الرياض لم تبدأ حسب إفادة محمد بن سعد بن جبر الا في الأربعينيات الهجرية عندما أضيء القصر القديم للملك عبدالعزيز من أول مولّد وضع في حوش ابن دغيمش في عام 1341ه.
* وقوله ايضا: بل إن ابن جبر يؤكد ان اول سيارة جلبت الى الرياض كانت في حدود عام 1336ه وهي سيارة خضراء من نوع فيات جلبت من البحرين للامام عبدالرحمن الفيصل رحمه الله.
* وقوله: اما اللاسلكي والهاتف فقد بدأ تشغيلهما في الرياض في مطلع الخمسينيات الهجرية كما يتضح ذلك من جريدة ام القرى.
* وقوله: في موضوع الطيران: هناك رواية تقول بأن الأميرة البريطانية (أليس) وزوجها اللورد (أثلون) قد حضرا الى الرياض سنة 1356ه بطائرة نزلت قرب الثمامة، لكن المؤكد ان الملك عبدالعزيز استقل الطائرة من عفيف الى جدة في 25 شوال 1364ه، وان اول طائرة حطت في الرياض في ذي القعدة 1364ه كما هو موثق ومعروف، وكما أكده لي الفريق عبدالعزيز الهنيدي قائد القوات الجوية.
* وقوله: يرجّح ثنيان الفهد الثنيان في حديثه لي ان مكبّر الصوت (المايكروفون) قد استخدم في جامع الامير تركي بن عبدالله جامع الرياض الكبير بعد اكتمال توسعته في رمضان المبارك سنة 1371ه، أي بعد خمسة اعوام من استخدامه في الحرمين الشريفين.
* وقوله: وبدأ تشغيل سكة حديد الرياض/ الدمام في محرم 1371ه في احتفال رعاه الملك عبدالعزيز رحمه الله.
* وقوله: وأما الإذاعة والتلفزيون وتاريخ بدئهما في الرياض فإن المباحث الباقية في المحاضرة ستتطرق إليهما بالتفصيل، لكن تشغيل أول محطة للأقمار الصناعية الفضائية لأغراض الاتصالات الهاتفية والتلكسية والإذاعية والتلفزيونية بدأ في ذي الحجة 1394ه في سنترال المربع بجوار مركز الملك عبدالعزيز التاريخي حاليا .
* في عام 1377ه كلفت المديرية العامة للاذاعة والصحافة والنشر ومقرها جدة الاستاذ عبدالله الحصيّن بإنشاء فرع لها في الرياض, وقد شغل في البداية غرفاً مؤقتة في منزل عبدالله بلخير الواقع في نهاية شارع الخزان من جهة الغرب، وهو المكان الذي اقيمت عليه فيما بعد مدارس الرياض الاهلية,, وفي ذلك العام وذلك المبنى تم انشاء اول استديو إذاعي صغير لغرض التسجيلات والمونتاج.
* وبعد عام واحد تولى الاشراف على الفرع عبدالغني آشي، ثم انتقل الفرع الى عمارة الجميح في شارع البطحاء، وشغل فيها شقتين: خصصت احداهما للإذاعة والأخرى للصحافة ورقابة المطبوعات.
* وفي سنة 1380ه انشأت جريدة البلاد مكتباً لها في شارع الثميري، وقد افتتحه الأمير فواز بن عبدالعزيز الذي تولى إمارة الرياض لمدة عام في تلك الفترة في حفل أقيم في فندق زهرة الشرق.
* في مطلع عام 1382ه انتقل فرع المديرية الى قصرين متجاورين في شارع الفرزدق: كان أحدهما للامير سلطان بن عبدالعزيز، والآخر لعبدالله السعد ثم للشربتلي، وقد خصص احد القصرين للاذاعة والآخر للصحافة والمطبوعات.
* في نهاية العام عُين جميل الحجيلان وزيراً للاعلام، فصار مكتبه في الرياض يشغل جانباً من المبنى المخصص للإذاعة.
* في سنة 1386ه انتقلت وزارة الاعلام رسمياً الى الرياض، وشغلت لمدة ثمانية اعوام قصراً للأميرة دليّل بنت عبدالعزيز مقابل مبنى التلفزيون، ثم انشأت الوزارة مقراً دائما لها في الشارع نفسه أصبحت تشغله منذ عام 1394ه، ويضم كل فروع الوزارة.
* وفي مجال الطباعة والنشر والمكتبات: نسب للشيخ حمد الجاسر قوله: ان مكتبة الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ كانت الأقدم وكانت غنية بالمخطوطات، وان مكتبة الشيخ محمد بن عبداللطيف آل الشيخ أكثر عدداً، ثم ذكر مكتبة الشيخ حمد الفارس ومكتبة الشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ، ويؤكد الشيخ حمد الجاسر ان اول مكتبة خاصة فتحت للاطلاع العام هي مكتبة الأمير مساعد بن عبدالرحمن التي شغلت زاوية من بيته سنة 1363ه وعيّن لها موظفا خاصا، وفي سنة 1373ه فتحت المكتبة السعودية الحكومية التابعة لدار الإفتاء تحت اشراف الشيخ محمد بن ابراهيم.
* اما المكتبات التجارية: فقد نسب المحاضر للأستاذ عمران بن محمد العمران قوله: إن مكتبة الطبع والنشر لحسن الشنقيطي التي تأسست عام 1358ه ربما كانت الاقدم، ثم أتى بعدها المكتبة الأهلية لعبدالمحسن أبابطين سنة 1364ه، ثم اسس عبدالكريم الجهيمان مكتبة الشعب سنة 1370ه، وبعد عام افتتح محمد الرجيعي المكتبة الوطنية، وانشأ محمد بن عبدالرؤوف المليباري المكتبة السلفية سنة 1372ه، وفي العام نفسه أسس حمد الجاسر مكتبة العرب وفي تواريخ لاحقة تأسست مكتبات: الفلاح والنصر والنهضة والنور.
* ومن أبرز المؤسسات التي عنيت ولا تزال بتوزيع الكتب والصحف، مؤسسة عبدالرحمن الجريسي التي انشئت منذ أول الثمانينيات الهجرية.
* واما المطابع فأولها مطابع الرياض ( شركة الطباعة والنشر الوطنية) التي انشئت في شعبان 1374ه في حي المرقب من قبل الشيخ عبداللطيف بن ابراهيم وحمد الجاسر وعبدالله بن عدوان ومحمد بن صالح بن سلطان ومحمد المشعل وعبدالله وثنيان الفهد الثنيان وآخرين، وصارت مجلة اليمامة تطبع فيها، وقد افتتحها الأمير سلمان بن عبدالعزيز عندما كان نائبا لأمير الرياض، ثم ظهرت بعدها مطابع الجزيرة في شوال 1380ه، ويفيد الاستاذ عمران العمران ان اول كتاب طبع في مطابع الرياض هو: اهداف العمران في المملكة للدكتور عمر حليق, وتضم الرياض اليوم ما لا يقل عن 200 مطبعة و300 دار نشر.
* وأما الصحافة: فيشير المحاضر الى ان الرياض تدين بالفضل لعلاّمتيها: حمد الجاسر وعبدالله بن خميس في دخول عالم الصحافة، فقد اصدر الاول مع كثير من العناء صحيفة اليمامة في ذي الحجة 1372ه، وكانت تطبع في مصر ثم لبنان ثم مكة المكرمة ثم مطابع الرياض التي انشئت عام 1374ه, واصدر الثاني مجلة الجزيرة في ذي القعدة 1379ه، وفي جمادى الآخرة سنة 1379ه اصدرت جريدة القصيم مطبوعة في الرياض ، وفي رجب 1379ه اصدرت وزارة المعارف مجلة المعرفة، وقبلها اصدرت جامعة الملك سعود دورية لها، وفي اواخر عام 1379ه اصدر الشيخ عبداللطيف بن ابراهيم مجلة راية الإسلام.
* ومن الطرائف التي ذكرها المحاضر في هذا الباب: ان اسم (الرياض) اختير عنواناً لعدد من المطبوعات الصحفية او المطابع, ورصد حمد الجاسر ومحمد الحمدان ما لايقل عن ثماني مؤسسات في بغداد والقاهرة، ولعل اولها جريدة الرياض الاسبوعية التي اصدرها سليمان الدخيّل (من اهالي بريدة) في بغداد سنة 1326ه، وقد أنشأ لها مطبعة باسم الرياض ايضا, وهناك جريدة قاهرية اصدرها الصحفي المصري محمد شفيق مصطفى بين عامي 1349 1351ه، وكان يصفها بأنها لسان حال النهضة الحجازية النجدية، ثم سمى المطبعة باسم الرياض ايضا.
* ومن اللطائف ايضا: إشارة المحاضر الى ان اول مقابلة في اعتقاده تمت مع الملك عبدالعزيز هي المقابلة التي اجرتها جريدة الدستور البصرية العراقية عام 1331ه عقب دخوله الأحساء، وصاحب الجريدة هو عبدالله الزهير (من أهالي حريملاء المقيمين في العراق) ومجري المقابلة هو ابراهيم بن عبدالعزيز الدامغ (من أهالي عنيزة المقيمين في العراق).
* ومن اللطائف قوله: ان اقدم مرجع عثرت عليه يوثق بدء استيراد أجهزة الراديو هو الخبر الذي نشرته مجلة الفتح المصرية في رمضان 1353ه وذكرت فيه أن الراديو بدأ ينتشر في نجد، وهو العام الذي اخذت تظهر فيه بعض الاذاعات الناطقة بالعربية.
وقول المحاضر: ان الملك عبدالعزيز قد استثمر ظهور الراديو لمتابعة الأخبار والتطورات السياسية فشكّل فريقا من: عبدالعزيز المعمّر واحمد عبدالجبار وعبدالله السلطان وعبدالله البسام وعبدالعزيز الماجد وعبدالله بلخير وعلي النفيسي وغيرهم لرصد الاذاعات من جهات عدة وتقديمها في ثلاث فترات يومية امام الملك, الى غير ذلك من اللطائف والطرائف والروائع التي تضمنتها هذه المحاضرة النادرة، ولقد احسنت جريدة الجزيرة عندما نشرتها كاملة يوم السبت 2/2/1421ه، كما احسن المحاضر وتكرم عندما وزعها على الحاضرين مصورة في تلك الليلة وقد وفق زميلنا الدكتور محمد بن ابراهيم الاحيدب في إدارة تلك الامسية وتقديمها.
* جامعة الإمام
|
|
|
|
|