أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 1st June,2000العدد:10108الطبعةالاولـيالخميس 28 ,صفر 1421

مقـالات

شدو
أحبك يا سناء
الدكتور فارس الغزي
إيماءة:
سناء محيدلي : فتاة عربية أبية من لبنان، فوجئت ذات يوم بجحافل بني صهيون وهي تدنس قدسية التراب وتدك معالم الشرف في قريتها الآمنة الوادعة، فما كان منها إلا أن سارعت إلى منزلها واستبدلت بمريولها المدرسي فستان عرس جميلا، وسرحت شعرها الأجمل، وودعت والدتها واعدة إياها بالعودة على عجل! ,, فقط لتشد على خصرها النحيل حزاماً ثقيلاً من المتفجرات ولتلقي بنفسها على شراذم بني صهيون ولترحل في غياهب الموت رفضاً للموت ,, إليك ولك فقط يا سناء,
سناء: يا فتاة لم تقنع بالفتات! , ما الذي دفع بك يا ذات العشرين ربيعاً إلى مداهمة معسكرات وتحصينات جحافل بني صهيون واثقة من الرحيل متطلعة إليه؟! ما الذي أغراك على قتل صمت الانكسار الضارب بأطنابه على أسماع التاريخ العربي؟! ما الذي حملك على نفض غبار الذل الذليل عن كيان جغرافي تائه المعالم؟! فقط لأنهم قدموا من شتات الأرض ليشتّتُوك عن أرضك يا سناء,, ليحتلوا قريتك الوادعة الآمنة,, ليدنسوا ترابك المعفر بالعزة والإباء,, وليقتلوا البراءة فيك أيها الملاك الطاهر البريء؟! كيف لوجه ملائكي يغار الجمال من جماله أن يتحول إلى نار مُوقدة لهبها يضيء السديم العربي المعتم ذلا واستسلاماً؟! ألكل هذا قررت حمل روحك الطاهرة على راحتيك الناعمتين فقط لتحلقي في أجواء ملكوت الشرف وسجل الخلود بمتاع دنيوي لا يتعدى حفنة من الديناميت الملفوفة بعناية حول خصرك النحيل الجميل جمال العيش بعزة وإباء؟! ,, أكل هذا فقط من أجل أن تغادري هوان العيش بالهوان ولو بأشلاء ممزقة طاهرة يعلوها التراب الطاهر؟!
إيه سناء: هل تذكرين بذرة الحياة التي زرعتها يدك الكريمة في ضمائر من خلفك من الأجيال وذلك عندما قررتِ امتطاء صهوة الموت المجلجلة في كيانك العامر بالدم العربي الأبي؟! بخ بخ,, شجيرتك يا سناء قد أطلت على الدنيا في اللحظة التي غادرت بها الدنيا,, نمت أغصانها,, اخضرت أوراقها,, بل وأسقتها دماء طاهرة كدمك، وتعهدتها أرواح ديدنها الرقص في احتفالية الموت آملة التحليق كما حلقت روحك في أجواء العز والشهادة والتضحية من أجل التراب الزكي العبق,
تحررت قريتك بالأمس يا سناء,, تطهرت ضيعتك من دنس شراذم الأرض المهرولة خوفاً وهلعاً من صدى صرختك المدوية في وجه التاريخ الصامت, شجيرة الأرز التي طالما سقتها دموعك العربية ما زالت باسقة يداعبها النسيم,, بل وتشم رائحتك مع النسيم وتعانق النسيم فترقص حزناً وولهاً وشوقاً وفخراً, بيتك عامر رغم الغياب الطويل,, غرفتك الساحرة كسحرك تشكو وتبث الحزن صمتاً,, مصحفك الشريف محفوظ بعناية على آخر آية كريمة تحث على الجهاد تمعنت بها قبيل اتخاذك قرار الرحيل بشرف وعزة,, فساتين عرسك المرتقب سليمة سلامة طريقك ونهجك,, حويجاتك البسيطة الرخيصة الغالية مبعثرة ألماً رافضة أن تمسها أنامل غير أناملك الرقيقة,, كتبك التاريخية الناطقة مجداً عن معركة القادسية، وعن صلاح الدين، وعن سيرة ذات النطاقين، وعن أم حكيم المخزومية تموج فخراً بقدرتها على استنساخ واستنطاق ملاك اسمه سناء ,, ورسالة اعتذارك لوالدتك لتغفر لك الغياب الطويل لم يجف حبرها قط ولن يجف أبداً,
,, سناء: أحبك حباً أسمى من أن يكون دنيوياً!
للتواصل: ص ب 4206 رمز 11491 الرياض ,


أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved