| فنون مسرحية
لقد القى الكساد المسرحي بظلاله على جميع عناصر المسرح وتوقف ذلك المتحرك النشط الذي تزيده الحركة نشاطا وتألقا ويهلكه التوقف, ولقد احتار المنظرون في معضلة المسرح وعجز اطباء المسرح عن الوصول الى كنه مرضه وقالوا وأكثروا وتوقف الكلام عند حدود الكلام!! منتظرين ان تنطلق عجلة هذا القطار الذي لايزال يسير على سكة ليست من حديد بل على سكة من الآمال والعشم متفائلين ان يسير هذا القطار كغيره,, حيث تمر به سريعا كل القطارات لكنه ينتظر دائما من يأتي (ليجره او يدفه) بضعة امتار ولكن سرعان ما يتركه لان مشكلته انه قطار! ان قطار المسرح تضاءل هدفه على مر السنين فبعد ان كان هدفه اثراء الساحة الثقافية والمشاركة الفاعلة في المسيرة الثقافية بالمملكة وتمثيلها كغيره من الانشطة الثقافية والرياضية على المستوى العالمي والعربي تمثيلا يعكس ما لدينا من امكانيات ولكن ذلك الهدف تضاءل ثم تضاءل ثم تضاءل ليبقى هدفه فقط ان يسير كل سنة بضعة أمتار,, ثم يطلق صفارته والتي بالكاد تسمع ليؤكد انه مازال على قيد الحياة! ويتناوب بعض العاملين في الجهات المسرحية والمسرحيين المساكين (دف) هذا القطار حتى تتقطع انفاسهم ويأتي بعض المسرحيين الاقوياء والذين يحتفظون في جيوبهم بالمفاتيح ليقولوا لاولئك المساكين مالكم ولقطار المسرح؟! اتركوه! انه يعاني من مرض عضال غير معروف وسوف نعرضه على الاطباء الشعبيين والمشعوذين والدجالين والذين لهم خبرات في علاج المسرح بكل انواعه ليقوموا بعلاجه من مرضه! وبسبب ذلك التوقف فلقد تراكمت الاتربة والغبار على طريق المسرح وبسبب ذلك انمحت كل آثار المسرحيات الاولى المقدمة لذا فلن تفاجأ بمن يقدم لك في مهرجان مثل مهرجان الجنادرية والذي توافق هذا العام مع اختيار الرياض عاصمة للثقافة العربية بمسرحية تنتمي الى بدايات المسرح السعودي لان اولئك تاهت بهم السبل وضاع دليلهم المسرحي ومازالوا مثل كثيرين يراوحون حول خط البداية لانهم فقدوا التواصل بسبب اختفاء الاثار فرجعوا وأرجعونا الى سنوات الطفولة المسرحية ان تلك المسرحيات (تراثية) بمعنى الكلمة حيث شاهدنا من خلالها كيف كان المسرحي لدينا في بداياته!! ان بعض العروض المقدمة قديمة في طرحها المسرحي ومستوى نموها العقلي والجسمي وكأنها أتت الينا من متحفنا المسرحي, ان هذه المسرحيات التي تبدأ دائما من البداية تؤكد انتفاء الحركة المسرحية فمن مميزات الحركة المسرحية ان تكون تراكمية الخبرات لدى المشاركين وان يكون هناك ثبات في اسماء المسرحيين وان تكون رأسية وليست افقية فقط بالاضافة الى ان يكون لها العديد من النتاجات في جميع عناصر المسرح حيث نشاهد بروز مخرجين ومؤلفين ومهندسي ديكور واضاءة وفنيين ومصممي ملابس وغير ذلك بالاضافة الى مستوى يتواءم مع آخر ما تقدمه المسارح العربية والعالمية ولكن ما نراه غالبا هو مجموعة من المجتهدين الذين لا يسندهم سوى الحماس لفعل شيء لهذا المسرح!
ولان قطار المسرح متوقف رغم بعض المحاولات التي ربما تخدع البصر فتشعرنا انه يسير ولكنه في الحقيقة فقط يهتز بسبب حركة المسرحيين المتقوقعين بداخله! فأخشى ان يمر يوما ما عمال البلدية فيشاهدوا ذلك القطار المتوقف ليضعوا عليه بالقلم الاحمر (تالف) وبعدها سنبحث عنه وسنكون محظوظين ان وجدناه عند محلات التشليح!
فهد الحوشاني
|
|
|
|
|