| الريـاضيـة
(في منتصف الأسبوع) الماضي قلت وفي بداية الموضوع ان ردة فعل الأندية التي خرجت من هذا الموسم (بلا حمص) جاءت طبيعية,, مثل كل المواسم,, لكل ناد يتعرض لمثل ذلك,, مشيراً إلى ردة الفعل هذه من قبل أندية الأهلي، الشباب، والنصر,, وان القرارات التي صدرت,, إما بحسن ظن,, وانها محاولة لتلمس الاخطاء ومعالجتها,, أو البحث عن كبش فداء عاجل تفاديا لردة فعل الجماهير,, وقلت ان الهلال والاتحاد,, لا يخلوان من الاخطاء لكنها الأقل والأقدر على التعامل مع الأحداث في الموسم الماضي.
وتساءلت: هل تلك القرارات مبررات حقيقية,, ومنطقية للاخطاء او لمسببات الخروج,؟! محاولاً الاجابة على هذا التساؤل,, ووعدت بأن استكمل الحديث هذا الأسبوع عن الأندية الثلاثة كل على انفراد,.
الأهلي:
يعتبر الأهلي من افضل ان لم يكن افضل فرق الدوري هذا الموسم,, والموسم الماضي ايضا,,، وهو من افضل اربعة فرق على مدى المواسم الماضية (تحدثت عنها في منتصف اسبوع سابق) عطفا على النتائج والوصول إلى النهائيات، ولا ينقص الأهلي سوى بطولة كبرى يتوج بها هذا المستوى حيث غاب عنها 17 موسما,, (باستثناء بطولة كأس سمو ولي العهد قبل ثلاثة مواسم)، مما ولّد عنده (عقدة) تجاه البطولات، وإن كنت ارفض هذه التسمية وهذا الوصف، لكنني مضطر له تجاوبا ومجاراة للاعلام الذي فرضها على الاهلي فصدقها وتولدت لديه القناعة بوجودها.
هذه القناعة، وهذا الاحساس جعل لاعبي الاهلي يدخلون اي مباراة نهائية بشعور مسبق بامكانية الخسارة، مما يولد ضغطا نفسيا خارجياً على الفريق غير الضغط النفسي الخاص بالمباراة لذاتها, وهو ما يجعل إعداد الفريق للمباراة يحتاج الى جهد مضاعف لا علاقة له بالاعداد الفني، وهو أمر فيه من الصعوبة الشيء الكثير.
وثمة امر هام يمثل ضعفاً في الأهلي هو اللياقة البدنية للاعبي الأهلي، إذ لا تمكنهم من مجاراة الفرق الأخرى وخصوصا فريقاً كالاتحاد,, واللياقة التي اعنيها هنا,, ليست مجرد الركض داخل الملعب دون كلل,,، ولكنها اللياقة بمفهومها الشامل,, وهناك اندية كالهلال مثلا,, قد تعالج هذا الامر,, بتوفر المهارة الفردية لدى اللاعب وروح الاداء لدى الفريق وهذان العاملان لا يتوفران لدى الاهلي بالدرجة التي يعوض من خلالها اللياقة البدنية المتكاملة.
اعود للنقطة الاساسية,, وهي نظرة الاهلاويين للبطولة وموقفهم منها,، وهو اننا إذا تأملنا تلك النظرة نجد انها تجانب الحقيقة بعض الشيء,, ان لم تجانبها تماماً لسببين:
ان العقدة خرافة ولا وجود لها في قاموس المجتهد,, والدليل تفوق الاهلي طوال الموسم,, ومباريات الدوري مما يعني انه يملك القدرة على التفوق.
ان المتابع لخسارة الاهلي النهائيات الأخيرة,, والمباريات الحساسة,, يرى ان تلك الخسارة كلها جاءت بأسلوب واحد,, ومن مصدر او مفتاح واحد.
اذاً,, هناك خلل فني يمثل العامل الرئيسي ادى الى ترسيخ مفهوم غير منطقي.
ومن هنا فإن علاج حالة الأهلي هذه,, يأتي من ناحيتين:
الاولى: ان يؤمن الاهلاويون,, واللاعبون على وجه الخصوص ايمانا مطلقا,, بأن العقدة كذبة وصدقوها,, وعليهم بدلاً من طرح حقيقة (اننا لن نفوز)؟! طرح تساؤل: لماذا لا نفوز؟!
وما الذي ينقصنا عن الآخرين,؟!
ثم التعامل مع الأحداث لذاتها بعيداً عن ربطها ببعضها البعض,, والدخول لكل نهائي,, أو مباراة,, بمعزل عن سابقه,,
انني ادرك صعوبة هذا الامر,, باعتباره رواسب مترسخة تحتاج لمعالجة كيميائية صعبة لإذابتها ولجهد ذهني مرتبط بالاداء الفني ونتائجه.
الثانية:التضحية,, بالاستغناء عن بعض عناصر الفريق سواء ممن اصبحوا يمثلون ارقاماً هامشية وغير مفيدة,, اوالعكس ممن يمثلون ارقاماً ثابتة غير قابلة للتغير أو التحول، وهم الذين عايشوا هذه الفترة الحرجة وتأصلت لديهم عقدة التعامل مع النهائيات,,! أو بعض المباريات والزج بعناصر جديدة ناشئة لم تتعامل بعد مع هذه الاوضاع بحساسية,, أو عناصر فاعلة ومؤثرة من خارج النادي سواء كلاعبين سعوديين يملكون الخبرة في التعامل مع هذه الأمور او غير سعوديين لا يولون هذه الأمور ادنى اعتبار.
ولعل البعض ممن عاصر الكرة السعودية أو قرأ عن تاريخها في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات الهجرية قد اطلع على تجربة كهذه لنادي الهلال كان وراءها الشيخ عبد الرحمن بن سعيد بإبعاد سبعة لاعبين,, والزج بعدد من الناشئين مكانهم,, فصنعت هلالاً جديداً كان الأساس في نقلة كبرى لتاريخ النادي وربما جاءت الفرصة للحديث عن هذه الخطوة وإيجابياتها.
صحيح ان الاهلي قد يدفع الثمن ربما موسماً او موسمين لكنه سيكسب المستقبل,, وضياع موسم لا يؤثر عندما يضاف لسبعة عشر موسماً خلت,, وعندما يدرك جمهوره ان الهدف هو الإصلاح، كما ان لغياب لاعبيه الدوليين الموسم القادم مع المنتخب فرصة لمعالجة الوضع.
وقد يكسب الاهلي من وراء هذه الخطوة عاجلاً دون ان يدفع الثمن.
الشباب:
يعتبر الشباب ايضا من افضل الفرق في المواسم الأخيرة عطفا على النتائج والوصول إلى النهائيات,, وهو من أفضل فرق هذا الموسم,, حيث لعب على نهائي كأس سمو الأمير فيصل وخسره أمام الهلال,, ولعب على نهائي كأس سمو ولي العهد,, وخسره أيضاً أمام الهلال, ووصل إلى المربع الذهبي كثالث الدوري وخرج من امام الأهلي.
في تقديري الشخصي ان مشكلة الشباب هذا الموسم تجلت في أمور ثلاثة:
الأول: كثرة تغيير المدربين مما افقد الفريق هويته.
والشيء الذي علينا ان ندركه جميعا، وسبق ان اشرت اليه في منتصف الأسبوع الماضي,, أو الذي قبله,, ان البطولة ليست دائما دليلا على نجاح المدرب,, لكن اداء الفريق بصورة عامة,, والعوامل الأخرى المساندة للمدرب هي الأساس في هذه المعادلة.
الثاني: وضع الفريق تحت ضغط نفسي (غير مقصود) وإشعاره مسبقا بعدم قدرته على المنافسة من خلال التركيز على ان منافسته على بطولتين متداخلتين من شأنها ان تؤثر على عطائه خاصة ان غريمه في نهائي كأس سمو ولي العهد هو الهلال,,، وهو ما صرح به أكثر من لاعب شبابي عندما أكدوا على أن تفكيرهم فيه اخرجهم من المربع,, وأن تفكيرهم في البطولتين ادى إلى فقدهما.
لقد كان مفروضا - وهو أمر طبيعي - ان يتم التعامل مع كل بطولة كحدث مستقل والتفكير في الأقرب اولاً,, من مبدأ (عصفور في اليد,,) وقد تحدثت عن هذا الموضوع بإسهاب في (منتصف الأسبوع) قبل الماضي, عندما تحدثت عن نهائي كأس سمو ولي العهد.
الثالث: حاول الشباب ان ينهي الموسم بمصالحة مع جمهوره عندما انهى عقد فلهو قبل نهائي كأس سمو ولي العهد ب72 ساعة وكانت سلاحا ذا حدين:
اذ كان يهدف من خلال هذه الخطوة إلى كسب الكأس ورضا الجمهور,, فخسر الكأس وخسر الجمهور,, (أي رضا الجمهور) إذ وضح انعكاس ذلك على اداء الفريق وأخطائه الفنية خلال المباراة التي لا يمكن ان تصدر من مدرب خبير مثل فلهو.
النصر:
لن اتحدث هنا عن التقلبات الإدارية في الفريق التي يرى البعض تأثيرها عليه حيث يشير هؤلاء الى المستوى المتميز الذي ظهر به الفريق في بطولة اندية العالم وتراجع مستواه فيما بعد في المسابقات المحلية.
ان بطولة اندية العالم في نظري استثنائية وبروز النصر فيها كان طبيعيا لفريق يملك مقومات التحدي والقدرة على التعامل مع محفل كهذا,, ومن هنا جاء عطاء الفريق في تلك البطولة مميزا,, الى جانب ما توفر له من دعم معنوي ومادي ساهم في تحقيقه لتلك النتائج.
وأعتقد ان السبب في تراجع مستوى النصر هذا الموسم يكمن في ناحيتين احداهما اساسية.
الأولى: إقالة المدرب ميلان,, وتغيير الجهاز الفني في مرحلة حساسة (قبل مباريات المربع الذهبي).
الثانية: وهي الاساسية:
حقيقة يجب ألا يغضب منها النصراويون وهي ان الفريق في السنوات الأخيرة بدأ يفتقد للاعب الموهبة وصاحب المهارة العالية (ماجد,, يوسف خميس,, محيسن,, صالح المطلق,,, الخ) بدليل تناقص وجود عناصر من الفريق في المنتخب الوطني وثلاشيهم في آخر تشكيل.
لقد حاول النصر معالجة هذه النقطة بالتعاقد مع لاعبين سعوديين وغير سعوديين لكن المشكلة انهم كانوا من (المتردية والنطيحة,, وما أكل السبع),, اما لإصابة البعض,, او لعدم شعور البعض بالمسئولية,, واتصافه باللامبالاة,, وينطبق الحال على غير السعوديين ممن يحتاجون لنوع خاص من المعاملة لا تتوفر لدى ادارة الأمير عبدالرحمن بن سعود صاحبة المبادىء امام مثل هذه النوعية,, وهي ادارة لا تملك إلا ان تحترمها.
ومن هنا كان الخطأ اساساً في التعاقد مع مثل هذا النوع من اللاعبين.
وعليه فإن خروج النصر من هذا الموسم,, كان طبيعيا لتلك الاسباب,, وعلى النصراويين دراستها بواقعية والبحث عن سبل معالجتها,, والسعي لتطوير الفريق وأدائه بالالتفاف حوله,, ودعمه معنويا وماديا ليعود نصراً كما كان,!
والله من وراء القصد.
|
|
|