| تحقيقات
* تحقيق: فارس القحطاني
مازالت ظاهرة هروب بعض الطلاب من المدارس تقلق أولياء الأمور والمسؤولين عن التعليم ورجال التربية ومازالت الاجتماعات والندوات تعقد والدراسات مستمرة لبحث سبل الحد من هذه الظاهرة بأساليب حضارية تراعي ظروف الأسرة في المجتمع الحديث وتراعي المرحلة العمرية للطلاب وما يصاحبها من نواحي النمو الجسدي والعقلي لدى طلاب الصفوف الثانوية والمتوسطة, وإيجاد حلول عقلانية تجتذب الطالب للمدرسة وللاسرة دون إرهاب وتخويف وتكريس للعقاب ما أمكن ذلك وأجدى فالحكمة مطلب رئيسي لرجال التربية والتعليم قبل ان يفكروا باللجوء للعقاب الذي قد يضطرون له في نهاية الأمر وعندما تعييهم الحلول وسلوك الطالب النزق,, الأفكار المطروحة والحلول المناسبة من المعلمين والآباء والطلاب، ننقلها لكم هنا في التحقيق السريع آملين المشاركة بالرأي فصفحات (الجزيرة) المتخصصة مفتوحة للجميع,.
المرحلة العمرية للطالب ودور المدرسة
وفي لقاء مع الاستاذ/ محمد الجمعان مرشد طلابي بثانوية في أحد أحياء الرياض تحدث لنا عن اسباب انتشار هذه الظاهرة فقال: انها ظاهرة مركبة ولها عدة محاور متداخلة.
فالتعاون بين هيئة التدريس والأسرة حيث ان المشاهد على أرض الواقع يجد ان الاتصال بين المدرسة والأسرة مهم جدا في حالة غياب الطالب عن اليوم الدراسي وعلى المدرس بعد الانتهاء من التحضير فانه يرفع الغياب الى الإدارة وهي بدورها تبلغ اهل الطالب عن تخلفه وأسبابه وهنا يأتي دور الأسرة في اكتشاف الأسباب وراء قيام ابنهم بهذه السلوكيات غير المسؤولة وتحاول البحث عن السبب هل ابنهم لديه مشاكل في المنزل أو المدرسة او غيرها وتحاول الأسرة إذا كان السبب هو خلافات أسرية معالجة هذه المشكلة التي لها تأثير غير مباشر على تحصيل الطالب العلمي وقيامه بهذا السلوك والطالب بدوره لا بد له من ان يشرح ظروفه الى مرشده الطلابي لانه يمثل له أخا أكبر يشكي إليه مشاكله وهمومه ويحاول ان يتوصل الى حل لهذه المشكلة المؤقتة وبذلك فانه يستطيع ان يمتنع عن القيام بمثل هذه الأساليب غير المهذبة وقد تكون الأسرة غير مهتمة بتنشئة ابنها منذ أول مراحله الدراسية وتحبيبه بالمدرسة وان يكون الطالب على خلق في تعامله مع استاذه وان يطيعه بالاهتمام في دروسه وان يتخذ المدرس قدوة له في الاخلاق والتعامل والتصرفات الحسنة, وإذا ما كانت الأسرة غير قادرة على تأديب ابنها وتوجيهه الى الطريق الصحيح فكيف سيكون الحال بالنسبة للمدرسة وتعامله معها.
وقد يكون الطالب عاقا لوالديه وغير مهتم بما يقولانه له معتقدا بانه يعرف مصلحة نفسه وبانه يختار مستقبله على ما يراه مناسبا له وبذلك يبدأ الطالب في الحصول على المستويات المتدنية في الدرجات والغياب المتواصل دون عذر شرعي.
ثم ينتهي به المطاف الى الانسحاب من الدراسة ولذلك فان المدارس وبشكل عام قامت مشكورة بالقيام بتنظيم يوم يلتقي فيه أولياء أمور الطلاب بهيئة التدريس ومناقشة موقف كل طالب من المواد وكيف سيرته العلمية وإذا ما واجهته مشاكل في الجو الأسري وتأثيرها على تحصيله العلمي لذلك فان هذا التعاون في مثل هذه الأيام يصب في صالح الطالب في الاول والأخير.
التعاون الثنائي البناء
التعاون بين ادارة المدرسة وهيئة التدريس إذا كانت الإدارة متفهمة لاوضاع المدرسين ومحاولة مجاراتها فان الاستاذ إذا طلب إذنا بالخروج وسمح له فعليه دين لهذه الإدارة المتفهمة ويجب ان يبذل قصارى جهده في خطب ود هذه الإدارة لما لمسه منها من تجاوب وتفاهم وعليه فانه سوف يقوم بأداء عمله على اكمل وجه لكي لا تصل الى الإدارة اي شكاوى من هذا المدرس وإذا كان العكس فالمدرس لا يهتم بالتدريس او القيام بعمله بشكل جيد فانه لا يكترث لان المدير لم يهتم له او لما يعانيه من ظروف وبذلك فان المدرس يقوم بعمله بشكل يخل بأمانة التدريس او يقصر في عمله وعند هروب الطلاب لا يهتم وإنما يهتم بنفسه دون النظر الى مصلحة الطلاب واعطائهم التوجيهات المهمة في الدراسة العلمية.
اختيار القرين الصالح
الأصدقاء لهم دور كبير في انتشار هذه الظاهرة أيا كانوا من داخل او خارج المدرسة فان القرين بالمقارن يقتدي لذلك فان الطالب إذا كان يصاحب اصدقاء سوء فانه يتأثر بهم ويماشيهم على هوى رأيهم دون التفكير في العواقب الوخيمة لمثل هذا التصرف لذلك فانه ينظر لنفسه بانني رجل بالغ واستطيع ان آخذ قراري بنفسي دون الاهتمام بالمدرسة والبيت وكل هذا لخوفه من ان يحرج امام اصدقائه بانه غير قادر على تجاوز هذه العقبة ومخالفة النظام ولكنه في هذه الآونة يفكر في موقفه من أصدقائه فيقوم بالهروب ويذهب إما الى المقاهي او معاكسة الطالبات او التفحيط او السرقة والعياذ بالله.
تبديد الضغوط النفسية بالترفيه
النشاطات الترفيهية واللاصفية مهمة فاذا لم يوجد لدى المدرسة أي متنفس للطلاب فانهم يحاولون الهروب علما بان المدرسة تدرس ما يقارب 7 حصص لكل حصة 45 دقيقة وعليه إذا لم تهتم المدرسة بالجانب الترويحي للطلاب فانهم سوف يبحثون عن بديل من هذا الخناق ويحاول تغيير الجو بالنسبة له فيهرب واذا عرف السبب فما موقف المدرسة تجاه هذه النقطة الحساسة لذلك فانه من الضروري توفير مثل هذه النشاطات اللاصفية والمهنية مثل (ورشة الكهرباء النجارة الحدادة) حيث يتمكن الطالب من التنفيس عن ضغط المدرسة والدراسة طوال اليوم بدلا من الهروب لقضاء بعض الساعات في التسكع في الشوارع والمقاهي والتفحيط.
ورغبة الطالب في ميوله تجاه تخصصات المدرسة مهمة حيث يقوم الطالب باخبار مرشده الطلابي عن ميوله سواء كانت علمية او شرعية او ادارية فانه يختار الأنسب له ولكن هناك دوما دور المنزل حيث يقوم ولي الأمر بتحويل ابنه من التخصص الانسب له الى تخصص غير ملائم لقدراته العقلية لأن الاب او ولي الأمر يرى بان ابن الجيران ليس بأفضل من ابنه ثم يدخل الاب ابنه هذا التخصص دون رغبة مما يؤثر عليه سلبا من حيث التحصيل العلمي والمعنويات الدراسية والحماسة مما يؤدي الى كثرة الغياب والتهرب من المدرسة وكثرة الرسوب لذلك الطالب إذا علم بانه سوف يعيد العام الدراسي فانه يرى بانه لا فائدة من مواصلة الحضور ولذلك فانه يقوم مع اصدقائه بالقفز من فوق الاسوار والتسكع في الشوارع طوال اليوم الدراسي واللامبالاة كل ذلك بسبب رغبة الأسرة.
الاعتدال في فرض الاختيارات
الأنانية قد تجني على هذا الطالب الذي قد يكون مبدعا في مجاله الذي يلائمه وكذلك في اختيار مستقبله حيث يريد اولياء الأمور ان يدخل ابناؤهم الأقسام العلمية والتقديم على الجامعة في احدى الكليات العلمية وقد يكون الطالب لديه موهبة الرسم ويبدع في هذا المجال اذا ما وجه الى الطريق الصحيح ولكن في مجتمعنا للأسف لا تزال النظرة الدونية او غير الآبهة للأقسام المهنية والفنية وبانهم لا يتقبلون أحد ابنائهم يصبح ميكانيكيا او كهربائيا او أي عمل فني لذلك نظرة المجتمع لا تزال قائمة على هذا الأساس النظرة الدونية للأعمال الفنية او المهنية.
أهمية العقوبات السلوكية
إلغاء صلاحية المدرس في معاقبة الطالب في درجات السلوك والمواظبة وهذا من أهم الأسباب ولا نعلم لماذا تم هذا الإلغاء رغم انه يعتبر صمام الأمان او الكباح لمثل هذه التصرفات وبذلك ما صلاحية المدرس او المدرسة في إيقاف هذه الظاهرة رغم انتشارها بشكل يتطلب من الجهات المختصة النظر الى البديل او إلغاء هذا النظام الجديد ليس لشيء وإنما للصالح العام في منع انتشار هذه الظاهرة والصالح الخاص للطلاب في الالتفات الى دراستهم وتحصيلهم العلمي علما بان حكومتنا الرشيدة قامت بطباعة وتوزيع المقررات المدرسية مجانا في جميع المراحل فكيف بالطالب غير المبالي فانه لا يهتم لهذه الملاحظة الهامة وإذا ما رسب فانه لا يكترث وباننا نفترض لو كان في محله طالب آخر لربما استفاد من هذه الفرصة.
تكريس مفهوم الكليات الفنية المهنية
وكذلك التقينا بالاستاذ/ احمد الصغير وكيل ثانوية في احد احياء مدينة الرياض ليشاركنا الحديث حول هذا الموضوع فاشار الى عدم تفعيل دور المعاهد والكليات الفنية والمهنية بحيث تقوم بتنظيم ندوة في المدارس الثانوية توضح فيها جميع تخصصاتها والإمكانات الوظيفية بعد التخرج وبانها لا تقل درجة عن الكليات العلمية من حيث الدراسة والمعرفة وبان مثل هذه النشاطات قد تحفز الطلاب الى التوجه اليها والمثابرة لكي يقدم الطالب كل ما لديه من جهد للحصول على هذه الفرصة والالتحاق باحدى هذه الكليات او المعاهد سواء الفنية او المهنية وهنا فان حكومتنا اعزها الله لم تدخر جهدا في توفير مثل هذه المعاهد والكليات التي تستقبل الطلاب الذين لم يحالفهم حظهم او قدراتهم العقلية من حيث المعدل في الالتحاق بالكليات سواء العلمية او العسكرية فانه يجد له بابا لا يزال مفتوحا على مصراعيه لهؤلاء الطلاب وتقوم هذه المعاهد بتدريس الطلاب بعض المناهج النظرية وتكرس باقي المرحلة التعليمية في الورش والتطبيق العملي حيث يرسخ ما تعلم الطالب في المناهج النظرية وبذلك فان المعاهد والكليات تقدم الى المجتمع شخصا تستفيد منه الدولة في شتى المجالات الفنية وكذلك في المجالات المهنية وهكذا فان الطالب إذا حصل على مثل هذه المجهودات والندوات وكثفها لكسب ميوله إذا كان لديه ميول مهني فانه يكون افضل ممن لا يحصل على شهادة علمية بل يتسكع في الشوارع وبذلك فان مثل هذا الطالب يصبح عالة على أهله ومجتمعه وينظر الناس اليه نظرة غير محترمة لذلك فان العمل الشريف ليس عيبا ولكن البقاء عالة على الأسرة والمجتمع هو العيب.
كيف العمل إذاً؟!
وللقضاء او الحد من هذه الظاهرة فانه لا بد من تفعيل دور مجالس الآباء والمعلمين بحيث يقوم ولي أمر الطالب بالحضور الى هذه المجالس والاستفسار عن ابنه وكيف هو وضعه الدراسي وتحديد المشاكل التي يعاني منها الطالب ومحاولة حلها بين الطرفين والاهتمام بمشاكل الطالب ومحاولة مساعدته في تخطيها وسؤال ولي الأمر أولا بأول عن ابنه وتحصيله العلمي وكيفية أخلاقه وتعامله مع أساتذته.
تحديد ميول الطالب قبل دخوله في تخصصات الثانوية وذلك من خلال قرار الطالب وبنفسه دون تدخل احد في ذلك لانه يشعر بقدرته في الإبداع والتفوق في هذا التخصص وكذلك درجاته في المواد العلمية تحدد أيضا قدرته على دخول القسم العلمي من عدمه.
- تكثيف دور النشاطات اللاصفية بحيث يرى الطالب بانه اذا هرب من المدرسة سوف يترتب عليه العتاب في المنزل واحداث مشكلة مع المدرسة فسوف يفكر مليا في هذا الموضوع ويرى بان المدرسة إذا وفرت مثل هذه الأنشطة فانه لا يفكر في الهرب.
سألنا أحد أولياء الأمور عن رأيه حول الظاهرة وهو المواطن/ عبدالله الدوسري فقال: ان هذه الظاهرة منتشرة في بعض الأحياء في مدينة الرياض بتفاوت ملحوظ، وتعتمد هذه المشكلة على عدة أمور أولا التربية للطالب من ولادته حتى دخول المدرسة وهي محاولة تربية الابن على الاخلاق الفاضلة الحميدة التي نستقيها من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
ثانيا: محاولة أولياء أمور الطلاب متابعة ابنه في المدرسة بشكل دائم وكذلك حضور مجلس الآباء الذي تقيمه المدرسة ومناقشة الأب للمدرس حول المشاكل التي يعانيها الابن في الدراسة ومحاولة الاب التقرب من ابنه خصوصا في بعض المراحل الحساسة مثل الثانوية في الفصل النهائي وعدم ارغام ابنه في الدخول بعض التخصصات التي لا يرغبها او غير مقتنع فيها داخليا.
ثالثا: توفير مساحة مناسبة للطالب لكي يفرغ فيها الطاقة الكامنة داخله مثل تنظيم رحلات مدرسية هادفة كزيارة بعض الجامعات والتعرف على التخصصات فيها وكذلك عدم الضغط على الطالب اذا رسب في الامتحانات ومحاولة تشجيعه بكل الطرق الممكنة لكي يستعيد معنوياته لمتابعة الدراسة.
وتحدث تركي منصور ولي أمر احد الطلاب الذين كانوا يهربون من الدراسة وقال ان الهروب من الدراسة مشكلة كبيرة وانه عانى منها بشكل كبير حيث ان ابنه دخل ثانوية اجبارية لتحسين سلوكه ومساعدته على الاستذكار خصوصا للاحداث في مثل سنه، وكانت بداية هذه المصيبة هو الهروب مع بعض أصدقاء السوء للذهاب الى بعض المقاهي القريبة وبعد فترة اتصلت على المدرسة للسؤال عن مستواه الدراسي وتفاجأت بان ابني هرب من المدرسة اكثر من ست مرات وبعد عودته من المدرسة سألته عن عدم ذهابه الى المدرسة فاجاب بانه كان فيها فاضطررت لضربه وبعدها خرج من المنزل لفترة وعاد الى البيت وبعد مرور عدة ايام رن جرس الهاتف وكان الاتصال من الشرطة وبأن ابني متورط في سرقة سيارة وهو الآن في الأحداث يكمل دراسته.
وحول الحلول التي يراها للقضاء عى هذه الظاهرة قال يجب على كل أب ان يتابع ابنه في كل شيء ونصحه بالابتعاد عن صديق معين قد يكون صديق سوء يؤثر على ابنه وكذلك متابعته في تحصيله الدراسي والتعاون مع المدرسة في حل بعض مشاكل ابنه التي تصعب على المدرسة في بعض الأوقات.
والتقينا بالطالب سلطان عسيري احد طلاب الثانوية في الرياض وسألته عن هذه الظاهرة فقال إنها ظاهرة غير حضاية ويجب على أولياء أمور الطلاب مراقبة اولادهم من فترة الى اخرى، وكذلك يجب ان يكون المنزل والمدرسة متعاونين للقضاء على هذه الظاهرة.
وحول السبل للحد منها قال محاولة معاقبة الطالب اولا شفهيا ثم حسم بعض الدرجات من السلوك والمواظبة واخيرا استخدام أسلوب الضرب للترهيب وتخويف الطالب من تكرار الهروب مرة اخرى, وكذلك تبليغ اولياء الأمور بما يحدث لأولادهم داخل المدرسة.
أما الاستاذ/ فيصل محمد مدرس مرحلة ثانوية فقال ان الظاهرة كانت قليلة قبل سنوات ولكنها انتشرت بشكل ملحوظ في اغلب المدارس وبعض المدارس تعاني من هروب عدد كبير من طلابها في كل يوم في بعض الأحياء السكنية.
ان بعض أولياء أمور الطلاب لا يكترثون كثيرا بهروب ابنهم بل بعض الآباء لا يهتم بحياة ابنه لذلك يشتري له سيارة وهو في فترة تهور وطيش وانعدام مسؤولية لدى الابن.
وعن وجهة نظره لحل هذه المعضلة قال يجب على كل ولي أمر توصيل ابنه الى المدرسة او تقوم المدرسة من قبل وزارة المعارف بتوفير حافلات للطلاب الذين يسكنون بعيدا عن المدرسة.
وأشار الى ان الهروب قد تكون عواقبه وخيمة ولايمكن تدارك الموقف لذلك يجب توفير بعض أساليب العقاب للطلاب الهاربين واخطار أولياء الأمور بذلك لمعاقبتهم وكذلك مراقبة اصدقاء الأبناء والسؤال عنهم.
|
|
|
|
|