أخي الوفي المفضال,, الدكتور عبدالله الغذامي وأنا، كنا نسير في شهر المحرم 1421ه في أحد أحياء الرياض، فلمح,, وهو يقود سيارته عنوانا هو: شارع طاهر الدباغ ، فنبهني الى ذلك، ثم أشدنا معا,, بهذه اللفتة الكريمة، الى تذكار عَلم من أعلام هذا البلد,, في مجال التعليم، وشكرنا لأمانة مدينة الرياض هذا الاهتمام برجالات البلد البارزين، لنجد اسماءهم على الشوارع، وانه ليحسب للذين عندهم هذا الحس الوطني، مثل هذا الاهتمام لأنا نسمع أحيانا,, اننا أمة دفانة، كما كان يردد الاستاذ محمد حسين زيدان رحمه الله!.
والحديث عن المربين والمؤسسين الأعلام ثري وحافل، وكان السيد طاهر الدباغ في مقدمتهم، عملا واخلاصا ونجحا في وقت مبكر، منذ بدء التعليم,, في هذا الوطن العزيز الكريم، في عهد الملك عبدالعزيز رطب الله ثراه، الذي بما وهبه الله من بصيرة وعبقرية الرجال الأفذاذ، عرف الرجال,, فاختارهم، وأنزلهم منازلهم واهتم بهم، فأعانوه وأخلصوا في العمل، وقام البنيان، ونجح العمل المتقن، وكان ذلك بتوفيق الله عز وجل، ثم بفراسة الملك عبدالعزيز رحمه الله.
وأتجاوز، سنة ميلاد,, المربي الفاضل طاهر الدباغ ، وولد في مكة او في الطائف، فليس من همي ذلك، وإنما الذي يعنيني أعماله وتأسيساته ودوره المبكر,, في وضع لبنات التعليم!.
فهو قد عمل مدرسا في مدرسة الفلاح في مكة منذ افتتاحها، في عام 1330 ه، في الرياضيات , وشارك في تأليف كتب في السيرة النبوية والحديث، الى ان اصبح مديرا لهذه المدرسة بجانب مشاركته في التدريس.
في شهر شوال 1354 ,, اختار الملك عبدالعزيز السيد طاهر الدباغ ليكون مديرا عاما للمعارف، وكان مقر هذه الادارة العامة مكة ، في دار الحكومة,, بالحميدية, وهذا الاختيار مرده فطنة صقر الجزيرة ومعرفته للرجال برجاحة عقله وبعد نظره، لأن التعليم ,, هو المظلة نحو الارتقاء العقلي والحضاري لأي أمة، تتطلع الى الحياة الكريمة والنهضة التي تحقق لها الوعي والسيادة والمدنية!.
شرع السيد طاهر الدباغ في افتتاح مدارس التعليم الابتدائي,, في مناطق البلاد، في نجد، وشمل ذلك القصيم وشقراء ثم حائل والاحساء الخ, كما عمل على تعديل المناهج الدراسية وتطويرها, ودعم المعهد العلمي في مكة، الذي انشىء عام 1345 ه لكي يتخرج فيه مدرسون وقضاة ثم يتاح لهم السفر الى مصر والجامعات الأخرى في البلاد العربية، ليتقنوا دراسات مختلفة، ثم يعودوا الى بلادهم بزاد معرفي، لخدمة بلادهم,, في ميادين شتى، بعد تخرجهم في مدرسة تحضير البعثات في جبل هندي بمكة , وكان ذلك بعد مضي عقد من الزمن، بعد التجربة الناجحة في التعليم الثانوي، لأن مدرسة تحضير البعثات، سلكت نهجا,, أتاح للطالب القدرة على الالتحاق بالجامعات في الخارج، وذلك من خلال منهج دراسي، يتيح للخريج الالتحاق بالجامعة,, في مصر وغيرها دون عثار وضعف مستوى, وهذا يستدعي توجها,, لاختيار منهج متطور ومواد دراسية تتفق ومستوى ثانويات البلد المختار، في مناهجها، ليتاح الالتحاق بالجامعة بكفاءة ونجح، وتخطي الصعاب,, التي يواجهها الطلاب القادمون، حين تختلف المناهج والمقومات وسبل الوصول الى الجامعات.
إن هذه القفزة يومئذ، ما كانت لتتحقق، لولا توفيق الله، ثم همة الرجال الكبار، وكان السيد طاهر الدباغ احد البناة المخلصين الجادين الأوفياء، رحمه الله وأحسن جزاءه,!
|