| القرية الالكترونية
قد تكون مقالتي هذه مجرد صوت آخر يهمس في الآذان منبها الى الحاجة الى التفاتة جادة لايجاد حل ناجع لأزمة المصطلح الفني، فقد بذلت جهود مختلفة محدودة لا ترقى الى مستوى الحاجة في سياق تعريب المصطلح ودراسة اشكالاته ولعل آخرها مؤتمر حضرته قبل قرابة عامين في رحاب جامعة الملك سعود حول تعميم التعريب وتطوير الترجمة في المملكة العربية السعودية وكان مما توصل اليه المؤتمرون ان هذه المشكلة عربية النطاق وليست حصرا على المملكة وحسب وان عدم وجود هيئة جامعة يتفق المتخصصون من المملكة وكافة الدول العربية الاخرى على مرجعيتها للعرب جميعا سبب آخر في استمرار فوضى التعريب وتخبط الترجمات المتاحة للمستخدم.
وقد ألقيت اوراق عمل متعددة قدمها اساتذة ومتخصصون في علوم مختلفة عكست صورة موحدة تظهر الأزمة الاصطلاحية التي تعوق التعريب وتعرقل الترجمة.
وحين نحصر الحديث على تقنية الحاسب الآلي رغم عدم وجود فارق كبير بين واقع التعريب في هذا المجال وفي مجالات شبيهة اخرى فإننا نجد ان عوامل التأثير في واقعه تشمل عدة مؤثرات, ومن اول هذه المؤثرات عنصر التربية والتعليم فهذا العنصر يعد الأكثر تأثيرا في صناعة جيل عربي ذي احتياجات متماثلة تقريبا في جانب الحاجة الى تعريب المناهج والمصطلحات العلمية التي تنطوي عليها, ولأن مادة الحاسب الآلي قد تم ادخالها منذ فترة ليست بالوجيزة في مناهج التعليم لدينا فقد نتج عن هذا توافق مقبول بين مستخدمي الحاسب الآلي من ناحية المصطلحات الحاسوبية ومسمياتها العربية, فأصبح من السهل ان يتحدث المرء ويستخدم مسميات عربية محددة يتفق عليها الكثير من أبنائنا ولا يصعب على السامع او القارئ ادراك ما يقصده المتحدث او الكاتب.
ولكن لأن تقنية الحاسب سريعة النمو في مسمياتها ومصطلحاتها فان من غير المجدي ان تتوقف حركة تعريب علوم الحاسبات في حدود منهج دراسي يتم تحديثه على فترات متباعدة, وحتى ولو وجدت صور اخرى من التعريب والترجمة فانها لا تكاد تذكر لقلتها وعدم ظهور تأثيرها, فالصناعة الحاسوبية تقدمت كثيرا ولم تعد تلك المناهج ولا تلك المؤلفات النادرة تغطي ما آلت اليه هذه التقنية الا بقدر يسير لا يكاد يذكر, ولذا فان استخدام اللغة الانجليزية لا يزال واقعا يفرض نفسه على مستخدمي الحاسب الآلي وخاصة اولئك الذين أسعفهم إتقانهم للانجليزية للاحاطة بالكثير من المصطلحات التي استجدت في مجال الحاسب الآلي والانترنت.
وحين نعرج بالحديث عن القواميس المتخصصة في مجال الحاسب الآلي فاننا نجد ما يثير الأسف لكثرة ما تتضح به الاسواق من غث وسمين في هذا السياق, وقد تكرم صديق عزيز بزيارتي أثناء رحلة عمل له في الولايات المتحدة فأهداني قاموسا صدر من لبنان في نهاية عام 1999م وهو موجه الى مستخدمي الحاسب باللغة العربية وأثارني ما فيه من تعقيد وحشو لعلي اكتفي بالقول بأنه عبث وحسب، فقد وجدت فيه من التعقيد والتكلف والحشو التجاري ما لا يمكن معه استخدامه لاغراض تعليمية أو استعماله بشكل وظيفي يخدم الاحتياجات القائمة للمستخدم العربي.
وفي اعتقادي ان السبب الرئيس الذي أدى الى ملء الأسواق بالكثير من امثال هذه القواميس التي تدعي انها ضالة المستخدم وغاية مناه ان حركة التعريب والترجمة لا تزال حركة فردية تقوم على جهود الأفراد وحماسهم وقدراتهم واغراضهم الشخصية او التجارية, وحركة الترجمة والتعريب ستستمر في تأخرها وضعفها ما دامت الجهات الحكومية والمؤسسات العلمية والهيئات المتخصصة بعيدة عنها, فالترجمة والتعريب تتطلب جهودا عظيمة ونطاقا واسعا من النشاط العلمي والا فستظل حبيسة الجهود الفردية وستستمر الحاجة الماسة قائمة لدى المتخصصين ومستخدمي الحاسب الآلي وعلوم كثيرة اخرى للسعي لتعلم اللغة الانجليزية لتيسير عملهم.
والأمل كبير في ان تستمر الجهود التي ظهرت معالمها في المؤتمر الذي عقده مركز الترجمة بجامعة الملك سعود منذ ما يقارب العامين في دعم حركة الترجمة والتعريب لتحقق المراد وتسد الحاجة القائمة بدلا من الاستسلام للغات الاجنبية، فالتقنية لدينا ولدى كثير من دول العالم لا تزال تتحدث اعجمية اللسان، وجهود التوطين تبدأ بالترجمة ولو بشكل جزئي يقلل من حصار اللغة الاجنبية لمتحدثي العربية من أبنائنا.
وللتواصل
khalid @ 4u. net
|
|
|
|
|