| الاقتصادية
منذ زمن طويل ودول مجلس التعاون الخليجي تربطهم علاقات وثيقة ومميزة مع الدول الأوروبية ضمن اطار المصالح الاستراتيجية المشتركة وقد تلاقت رغبات الطرفين في تطوير هذه العلاقة عبر اتفاقيات تحفظ هذه العلاقة وتحقق العدالة في مجال التبادلات التجارية، وقد رئي ان يتم الاتفاق على خلق منطقة للتجارة الحرة ورسم هياكل محددة لتفعيل هذا التطور ودفع العلاقات للامام وفعلا تم التوقيع على اتفاقية اطارية بين الجانبين في بروكسيل بتاريخ 15/6/1988م، وقد أوضحت دول المجلس يومها رغبتها في الجمع بين اتفاقية التعاون الموقع عليها والاتفاقية التجارية، او على الأقل تأجيل دخول اتفاقية التعاون حيز التنفيذ الى ان يتم توقيع الاتفاقية التجارية.
ومنذ ذلك التاريخ تم عقد العديد من الاجتماعات واللقاءات على مختلف المستويات وتم الاتفاق على ايجاد آليات للعمل كان منها الآتي:
1 المجلس المشترك.
2 لجنة التعاون المشتركة.
3 الفريق التفاوضي.
وأخذت هذه الآليات تعمل وتمهد لتحقيق ما اتفق عليه الطرفان في ظل تنامي العلاقات وتطورها خاصة اذا علمنا ان دول مجلس التعاون الخليجي تمثل خامس سوق تصديرية للمنتجات الاوروبية، ومنذ توقيع الاتفاقية أي قبل اثنتي عشرة سنة وحتى اليوم والميزان التجاري يميل لصالح الدول الأوروبية، حيث بلغ في عام 1998م حوالي 17 مليار دولار، في الوقت الذي لم تصل فيه الاستثمارات الاوروبية في دول المجلس 1% من اجمالي الاستثمارات الاجنبية وتتركز جميعها في قطاع واحد فقط وهو القطاع النفطي، كما وصل الفائض التراكمي في الميزان التجاري الى حوالي 100 مليار دولار لصالح الدول الاوروبية وذلك منذ بدء مفاوضات منطقة التجارة الحرة بين الجانبين.
وفي مثل هذه العلاقات من المفترض ان يكون الطرف الاكثر استفادة محافظا على العلاقات الودية العادلة ويسعى لتنميتها ويقدم في المقابل بعض التنازلات للطرف الآخر، الا ان طبيعة الحال كانت خلاف هذا الموقف حيث ان ممارسات الطرف الاوروبي اخذت طابع التعسف في المعاملة تارة مستغلة الظروف السياسية التي مرت بها المنطقة وتارة اخرى مستغلة طبيعة العلاقات التي تربط المنطقة بدول اوروبا واحترام دول المجلس للمواثيق والعقود الموقعة من الجانب الآخر.
وكان من ابرز اشكال التعسف هو وضع ضرائب مرتفعة على المنتجات الخليجية حيث بلغ متوسط سعر برميل النفط الخليجي المكرر في اسواق الاتحاد الاوروبي بعد الضرائب 5,94 دولار وذلك في عام 1998م، مما اثر على مستويات الطلب، وينطبق هذا التصرف ايضا على السلع التصديرية الاخرى لدول المجلس مثل البتروكيماويات والالومنيوم حيث تصل ضريبة الالومنيوم الاولى الخليجي 6%.
وقد بذل الجانب الخليجي جهودا شتى لتحرير السلع الرئيسية لدول المجلس باعتبار هذه السلع من اهم الصادرات وان اتفاقية التجارة الحرة لا يمكن ان تحقق منافع متبادلة ما لم تحظى هذه السلع بمعالجة مرنة من قبل الجانب الاوروبي.
في المقابل يصر الجانب الاوروبي على مواقفه ويعتبر هذه السلع من السلع الحساسة بالنسبة لهم وسيتم معالجتها وفق ما جاء في التفويض الاوروبي.
وفي ظل هذا الموقف التعسفي لمجموعة الدول الاوروبية فان جدوى التوصل الى اتفاقية للتجارة الحرة بات لا اهمية له ما لم يراع الجانب الاوروبي أهمية هذه السلع بالنسبة لدول المجلس باعتبارها سلع رئيسية تصديريا وتصنيعيا.
كما ان دول مجلس التعاون قطعت شوطا في تحقيق شرط الدول الاوروبية للتوقيع على اتفاقية التبادل الحر المتعلق بايجاد الاتحاد الجمركي بين دول المجلس حيث تم اتخاذ قرار الاتحاد الجمركي خلال الدورة السابقة للمجلس الاعلى وسوف يدخل حيز التنفيذ بحلول مارس 2005م.
مما يعني انه لم يتبق اي مبرر لدى دول المجموعة الاوروبية للمماطلة والتسويف في قبول عدالة المطالب الخليجية، وهنا تأتي اهمية المذكرة السعودية التي عممتها وزارة الخارجية على دول المجلس والتي تتبنى الموقف الحازم للحد من المماطلة ومعالجة القضية بشكل واضح دون غموض والذي دعا الجانب الاوروبي خلال اجتماعه الاخير لتفهم المطالب الخليجية والاعتراف بحقها واذا لم يلمس اي تجاوب فان اتفاقية التعاون لا أهمية لها والغاؤها افضل من بقائها كونها تخدم طرفا واحدا فقط,,ان على الدول الاوروبية ان تقدر مواقف دول مجلس التعاون السياسية والاقتصادية وان تساهم في استقرار المنطقة عن طريق الغاء الضرائب والرسوم على السلع التصديرية الأساسية لدول المجلس النفط المكرر البتروكيماويات الالومنيوم وان تعيد لاوروبا صورتها الحضارية امام الرأي العام الخليجي بل والعربي بشكل عام.
* رئيس المركز العربي للاتصال والعلاقات الدولية عضو اللجنة الوطنية للسياحة
|
|
|
|
|