| منوعـات
* القاهرة رويترز:
قال عالم آثار مصري: النقود هي أفضل سجل للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية في الدول الاسلامية عبر العصور بدءا من عهد الخلفاء الراشدين الى عصر الدولة العثمانية مؤكدا على انها قادرة أحيانا على حسم الخلافات بين المؤرخين وتصحيح الأخطاء التاريخية.
وقال الدكتور رأفت النبراوي عميد كلية الآثار بجامعة القاهرة لم يعكس أي نوع من الفنون الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية في الدول الاسلامية كما عكستها النقود .
وكشف ان النقود سجلت أيضا العديد من المنافسات الاجتماعية كالمصاهرة والمصارعة بين الحكام.
واستشهد النبراوي في هذا الصدد بقصة وقعت سنة 634 هجرية بين الناصر يوسف الذي كان يلقب بصلاح الدين الثاني في حلب وبين سلطان السلاجقة في آسيا الصغرى, وقال عندما تصالح الناصر مع سلطان سلاجقة الروم بعد صراعهما قرر الاثنان وفي محاولة لتقوية هذا الصلح عقد مصاهرة بينهما .
حيث تزوج السلطان الأيوبي من أخت سلطان السلاجقة الذي تزوج بدوره من أخت السلطان الأيوبي بمؤخر صداق يقدر بنحو 50 ألف درهم, وتابع وبمناسبة هذا النسب بين الأيوبيين والسلاجقة ضربت الدراهم في حلب ونقش عليها اسم سلطان الأيوبيين وسلطان السلاجقة .
وأضاف النبراوي ان الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان كان اول من قام بعملية تعريب كاملة للنقود بدأت عام 73 هجرية واكتملت عام 77 هجرية.
وأضاف انه في عهد الخلفاء الراشدين ضرب الخليفة عمر بن الخطاب النقود الساسانية والبيزنطية وكتب عليها بالعربية لا إله إلا الله كما كتب عليها أيضا باليونانية معتبرا انه لا يمكن اعتبار ذلك تعريبا كاملا.
وأوضح ان التعريب الذي شمل الدينار الذهبي والدرهم الفضي والفلس النحاسي أو البرونزي كان جزءا من محاولات ابن مروان لتعريب الدولة بكاملها.
وشدد النبراوي على ان للنقود أهمية بالغة في حسم بعض الخلافات بين المؤرخين وفي تصحيح بعض المعلومات التاريخية الخاطئة.
وقال: اذا كان هناك خلاف بين المؤرخين حول نقطة معينة مثل بداية فترة حكم أحد الحكام فالنقود قادرة على حسم هذه القضية كما في حالة الخليفة المعتز بالله العباسي,, فهناك فريق يرى انه تولى الحكم عام 251 هجرية وآخرون يؤكدون ان ذلك كان في عام 252 هجرية والحقيقة ان النقود الذهبية التي تحمل اسم هذا الخليفة مؤرخة بعام 251 مما يعد دليلا ماديا وأثريا على ان فترة حكمه بدأت عام 251 هجرية وهناك أمثلة عديدة على ذلك .
وأشار النبراوي الى ان ما جاء على النقود دائما كان انعكاسا لحالة البلاد.
وقال: عندما بدأ الخليفة عبدالملك يعرب النقود الغى في مرحلة نعتبرها الرابعة صورة الامبراطور البيزنطي الذي كان يعتبر الوحيد في العالم الذي ضربت صورته على نقود ذهبية وسجل صورته بدلا منها وكان هذا نوعا من التحدي السياسي للدولة البيزنطية,, ولأن علاقة ابن مروان بالدولة الساسانية في تلك الفترة كانت قوية وطيبة فنجده في نفس المرحلة يترك صورة كسرى الفرس .
وأضاف: في العصر المملوكي أيضا عكست النقود الحالة السياسية للدولة المملوكية بشقيها البحري والجركسي فنجد عليها عبارة عز نصره والعبارة القرآنية : وما النصر إلا من عند الله فالعصر المملوكي اتسم بالحروب.
وفي الدولة المغولية سجلت النقود عبارات لها دلالة ايضا مثل خلد الله ملكه وسلطانه وهذه تشير الى الملك الواسع لهذه الدولة.
ويضيف: ضرب العثمانيون نقودا عليها أسماء السلاطين وعبارات مثل ضارب الندر وصاحب النصر في البر والبحر سلطان بن سلطان ,, هذه كانت عبارات جديدة تعكس أيضا التوسع الكبير في الدولة العثمانية .
ومن الناحية الاقتصادية كانت النقود الذهبية مؤشرا على الوضع الاقتصادي: وكان ارتفاع العيار وزيادة الوزن دليلا على الازدهار كما هو الحال في العصر الطولوني والعصر الفاطمي ,, والعكس صحيح كما هو الحال في عصر دولة المماليك الجراكسة .
|
|
|
|
|