| محليــات
هذا المنجز يشقُّ الفضاءَ في شموخ,,.
يوم قيل سيفتتح,.
لم أكد أعرف كيف أصل إلى منزلي,.
الطرق الطويلة، والقصيرة، والمتسعة، والضيقة، امتلأت وعجَّت بالعربات،
حسبت أن هذه الطرق قد تحولت إلى مواقف للسيارات ,.
لكن الناس كانوا رجالاً ونساءً في مختلف مراحل العمر، يقفون بجوارها أو بعيداً عنها حتى ضربت أناظر قمة الربوة التي هيّأ الله لي أن أكون واحدة ممن يسكنونها، فإذا بي أرى السيل العرِم من البشر,,أكثر من عرباتهم، وقد تناثروا,,.
كدت أفتح أبواب بيتي الصغير لأدعوهم يواصلون فرحتهم فيه، لكن سقف سطوح هذا البيت لم تكن لتتيح لهم رؤية هذا العملاق الذي يبعد عنهم مسافة اقتصرها البُعد الطولي له,, لأن أبنية الجيران قد طاولت بيتي,,,،
ولم أدخل لحظتها في مفارقات الأطوال!
ولم أدع لفكري أن يذهب بعيداً إلى قِيَم الأطوال,.
وكانت هناك أشياء تشغله,,, من أهمِّها هذه الفرحة بالمنجز العملاق,.
برج الفيصلية ,,.
لا أدري,, كيف عادت بي الذاكرة وأنا أترك عربتي في منأى عن بيتي وأصله مشياً على الأقدام، لأن ثمَّة فسحة لها كي تعبر لم تكن، لأتذكر ما كنَّا نسمعه ونحن في مرحلة الطفولة نتحلَّق في تلك الفسحة الخضراء التي تمتدُّ في ساحة مدرستنا أنا وزميلاتي على ساندويتشات الجبنة البيضاء والفلفل الأحمر، كي نسمع ما تأتي به سينٌ منّا أو صادٌ، مما تسمعه يُتداول في بيتها,, حين قالت إحداهن خبراً شنَّف آذاننا: مساء أمس اشترى والد إحدى زميلاتنا جهاز تلفازٍ، رفضت نساءُ البيت دخوله، وعندما أصرَّ، وضعه في المقلّط ، لكن النساء أصابهن حبُّ الفضول، فجئن بهدوء يتسلَّلن على أطراف أقدامهن، وقد أسبلن على وجوههن أغطيتهن يناظرنه.
وعندما دعا والدها أمَّها كي تدخل وتقدِّم له الشاي قالت: كيف؟ وهذا الرجل يناظرني من الصندوق الذي أحضرت ,.
لا أدري لماذا تذكَّرت صديقتي التي جاءتنا ذات صباح تضحك كثيراً من خالتها التي تركت حذاءها بجوار سلَّم الطائرة، وعندما قدَّمت لها المضيفة طبقَ الوجبة، أصرَّت أن تحمله بعد أن فرغت إلى حيث مكانه تأدُّباً مع امرأة لا تعرفها فكيف تكلِّفها بخدمتها ,.
كل هذه الصور جاءتني فجأة واحتلت تفكيري في المسافة بين الشارع المجاور وباب منزلي حتى حسبتني واحدةً من ضمن المنتشرين كالجراد فوق الربوة,.
وشوارع الرياض قد تحوَّلت إلى مسافات,, وأحياؤها إلى مدنٍ صغيرة,,.
ومنجزاتها إلى معالم ,,, ولم تعد المرأة تهرب من جهاز التلفاز، ولا تجهل دور المضيفة ومسؤوليتها، ولا تتوارى دون مواكبة المنجزات، وها هي مع زوجها أو ابنها أو أخيها تقف بعد العاشرة مساءً بجوار عربتها أو في منأى عنها كي تتابع افتتاح مشروع منجزٍ عملاقٍ، لا أتخيل أنها سترفض صعوده,,, مثل تلك التي صرخت وبكت وهي ترفض دخول الطائرة: كيف أركب صندوقاً، وكيف يصعد إلى السماء؟ لا أسلِّم نفسي للجن كي يحملوني إلى أي مكان وزوجها كان يؤكد لها: أن لا جنَّ ولا يحزنون ,,, يومها ذهبتُ أتعلَّق بطرف عباءة أمي، وقد أرعبني بكاؤها وعويلها,,.
مفارقاتٌ هذه التي نعيشها,,.
لأزمان مرَّت مراحل، حملت متغيرات,,.
ازدحمت بمعطيات,,.
تلوَّنت كما يتلوَّن قوسُ قزح,,.
لكنها,,.
جعلت الإنسان,,, يتحسس رأسه وصدره
ثمَّةُ فكرةٌ، ونبضٌ موسومةٌ بهما خطواته.
|
|
|