| الثقافية
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يتلو القرآن، وفي آياته وصفه أي القرآن بقول الله:بلسان عربي مبين , فلو كان فيه ألفاظ غير عربية لاحتج عليه بذكرها، وفي صمتهم أو عدولهم دليل على فساد رأيهم, وقد نجد كلمات تتفق في اللغتين الفارسية والعربية،فليس كونها فارسية تمانع من كونها عربية ، ذلك أن انتماء الكلمة لأكثر من لغة أمر وارد, وليس يغض من أصالة كلمة في لغة من اللغات انتماؤها إلى لغة أخرى,, أو لغات أخرى , وهناك مبدأ يقول: إن الكلمة قد يجوز أن تتفق في اللغتين، فليس كونها فارسية يمانع من كونها عربية .
ويمضي لويس عوض في نعرة من نعرات الجاهلية، ولكنها عنده، عصبية ضد الإسلام والمسلمين لغتهم وعقيدتهم، كراهية مطلقة، فهو في ص 79 يتحدث عن العرقية اللغوية ، أو العنصرية اللغوية , فيقول: إنه مناهض لقوانين تطور الأحياء ورقيها, بل إن رفض العرب في الدولة العربية امتصاص الأعاجم أو تسويتهم بالعرب في حق المواطنة هو الذي أجج روح الشعوبية وألب أبناء الأمصار على العرب فمزقوا دولتهم تمزيقاً , ويريد منا أن نأخذ بنظرية المعتزلة في اللغة فلو تم ذلك حسب زعمهم لما دخلت اللغة العربية في هذا المأزق الذي شطرها إلى لغتين، لغة الكتابة المقدسة ولغة الكلام الدارجة، ولتغيرات حال معاجمنا بل ولجرت قوانين الصيرورة على النحو العربي والصرف العربي بما يقارب اللغة الفصحى من اللغة العامية .
ولويس عوض,, الذي يحاول إيهامنا بأنه يغار على اللغة العربية، وهي في غنى عن غيرته، لأنها من قبيل الحق الذي أريد به باطل,,! هذا المضلل,, ربما لا يفهم أن الإسلام محا الفوارق بين مسلم ومسلم، وليس فيه التفرقة التي ذكر, وقد سقت الدليل آنفا عن سلمان وبلال ,, -رضي الله عنهما- ولويس يريد أن يجدد الدعوة لإفساد اللغة العربية، لتكتب من الشمال إلى اليمين كما صنع أتاتورك مصطفى كمال في تركيا، ومحا اللغة العربية, ولويس عوض لا ينسى تلك الحركة في مصر، الداعية إلى ذلك الاتجاه للقضاء على العربية، ولكن هيهات!!
وعن أي عنصرية لغوية,, يتحدث لويس عوض، فلغة الضاد مشاعة، لكل من يريد أن يتعلمها ويتكلم بها ويكتب، لا أحد يعارض في ذلك، ولم يحدث ذلك عبر التاريخ الإسلامي العربي, ومن الذي فرق في المواطنة ورسولنا يقول:المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه إلخ , أما إذا لم يكن المواطن على الملة الإسلامية، فهو في كنف الإسلام مأمون الحق والكرامة، له ما على مواطنه المسلم من الحقوق والواجبات, ولويس يجهل أو يتجاهل، أن الفاروق عمر,, حين زار دمشق، وجد يهوديا يتكفف الناس فقيرا، فبكى وقال مقولته الباقية: أكلناك شابا وأضعناك شيخا ، أي كنا نأخذ منك الجزية وأنت قادر,! وأمر أن يعطى مرتبا شهريا من بيت مال المسلمين، كان ذلك من تقدير الإسلام وحقوق الإنسان منذ 14 قرنا,!
وما المقصود من امتصاص الأعاجم؟ الذين دخلوا في الإسلام؟ لقد أصبحوا إخوتنا في العقيدة، وتعلموا العربية، ودخلوا في الحكم في عهد هارون الرشيد، فصدق بعضهم وأخلص وخدم، وأخذ بعضهم من المنحرفين وذوي الأغراض ينخرون في جسد الدولة الإسلامية ويفسدون، ولو أتيح لهم، لغيروا العربية,! والإسلام سوى بين أتباعه في كل شيء، وقضى على النعرة والدعوى الجاهلية، فأي مساواة يريد عوض!؟, وهل العنصرية اللغوية، أن نتنازل عن لغتنا، ونتكلم الأعجمية أم ماذا!؟
إن دعاة العامية أمثال لويس عوض وأضرابه، ونبذ العربية، هو التمزيق الذي كان مطلوباً من أعدائنا أن يتسرب إلى عروبتنا، ولكنها دعوات فاشلة مفسدة، فماتت في مهدها، لأنها مبدأ تخريبي وتقويضي، ودعوة في القرن العشرين,, امتدادا لدعوات سابقة، تنحو المنحى نفسه، لمحاربة العربية ونبذها، وأن يتحدث بلغة الشارع ويكتب بها، كما كانت تصنع مجلة البعكوكة المصرية قبل نصف قرن.
إنها افتراءات يقحمها لويس عوض مجددا، لاتهام العربية، لأنها لم تتسيب، ولم تصبح عامية، لا جذور لها ولا أصول,! ذلك هو مطمح أعداء الإسلام ولغة القرآن، وهدف يرمون من ورائه إلى تقويض الفصحى، لتموت كما مات غيرها من لغات كانت حية ومنتشرة,! أي فساد هذا الذي يدعو إليه لويس عوض، زاعماً اننا في غفلة، وينسب إلينا التعصب والتفرقة العنصرية والتخلف، وأن لغتنا تخلفت بفعلنا، فنحن حجرنا على السلالات البشرية أن يتعلموها كما يزعم, وهو يرى، ان الذين درسوا الإسلام وهداهم الله إليه، من العلماء والمثقفين، تعلموا العربية، رجالا ونساء، في أمريكا والمملكة المتحدة وسائر أوروبا وأخذوا يتحدثون بها ويكتبون، ولم يحدث أن قال لهم العرب المسلمون كما يزعم لويس عوض ابتعدوا عن لغتنا، فأنتم لستم من أهلها,! إنها لغة مشاعة لكل من يريد أن يتعلمها ويتكلم بها، لا أن يحاربها ويريد لها الدمار كحال لويس عوض وأضرابه من أعدائها، إنه الحقد الدفين والحسد، وهو ما يدفعه وغيره,, إلى أن يتقولوا بتقوقع العربية! ماذا يريدون لها وماذا يريد منها؟ إنه وإنهم يريدون أن تبلى وتموت، ليفرح ويفرحوا, وتشيع العامية، ولا تفهم الأجيال القادمة المسلمة كتابها وسنة رسولها وتاريخها وتراثها الإسلامي، لتصبح أمة أمية، لا تفقه شيئا، ولا دين لها,! لأن لويس عوض يريد لها ذلك ويتمناه، وإلا فإنها لغة حبسها أهلها في قمقم حتى لا يفهمها أحد، ولايصل إلى أغوارها أحد, وعليه فإن البديل، هو اللهجة الدارجة، مخاطبة وتعاملا وكتابة وقراءة,, ومسلكا, وكفانا من العربية وفصاحتها وبلاغتها ونحوها وصرفها وبيانها, لينتهي تاريخها وعهدها، فقد طالا أكثر من اللازم, ونبارك العامية، وندعو للويس عوض بطول البقاء, ونكيل له الشكر، وربما غيرنا مارس ذلك، ونحن ربما ظللنا صامتين، ولكن الله الذي حفظ كلامه بهذه اللغة، حفظها من عبث العابثين، وكيد الكائدين والكارهين لها، رغم أنهم يكتبون بها، ولعلهم كارهون، ولذلك جدّوا ويجدون نحو بديل يطمس اللغة والتراث وما يتصل بها من قرآن وأحاديث وفقه وأصول، لتنتهي أمة طال بها الزمن، ولتأتي أمة أخرى، بلا لغة، وبلا دين ولا عقيدة ولا إيمان, لتنتهي كما انتهت امم وشعوب! اي فساد أكبر من ذلك؟ ومن هذا التمني والرغبة والدس والكيد والتخريب!؟ وهل المعتزلة,,لولا هذه اللغة البليغة، وغيرها من فرق الجدل والحجاج، لولا هذه اللغة وبيانها، كانت لهم تلك الصولات والمحاضرات وقوة المنطق والمعاني؟ ولو أنهم اتبعوا رأي عوض، وما يعلن من قول واتهام بأن العرب فرقوا بين الأعاجم وبين العنصر العربي، هل استطاعوا أن يبرزوا في العربية، وهل حال العرب بين سيبويه وغيرهم من الأعاجم المسلمين ممن خدموا العربية وأحاديث الرسول والتفسير، وبعضهم من الفرق المنشقة، وبين تعلّم العربية واشتغالهم بعلومها؟ هل العرب رفضوا ودفنوا جهودهم وحاربوهم، أم تقبلوا من أعمالهم في العربية وأحاديث الرسول ما يوافق مقاصد الشريعة، وحسبوا لهم ذلك، وتحفظوا على تفسير الكتاب العزيز والخروج عن مقاصد كلام الله، من الانحرافات والشطحات، التي تسيء وتسوء! كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا !
ويخوض لويس عوض مع الخائضين في مسألة إعجاز القرآن والطاعنين في ذلك، والدخول في المنطق الصوري الارسطاطاليسي، والمنطق الجدلي الأفلاطوني، ويسوق إلينا آراء الأعجام والفرق,, التي تطلق لألسنتها العنان لتقول ما تشاء، عبر آراء لا يقبلها الإسلام ولا يسلم بها، لأنها بعيدة عن روح القرآن ومنهج أهل السنة والجماعة، ويزعم الأعاجم والأشاعرة والمعتزلة من أهل الملل والنحل ما يسمونه حججا عندهم، وإنه لخوض ضلالي، لأنهم يدخلون في غيبات ومفاهيم ما أنزل الله بها من سلطان,,! ولويس عوض سعيد بهذا الخوض,,الذي كثر فيه الحديث والجدل، لأنه يريد هذا التشكيك الذي تجنح إليه الباطنية في قضية إعجاز القرآن, وليس لمثلي الحق في أن يثير هذا الموضوع الذي فرغ منه علماء المسلمين أهل السنة والجماعة، وقالوا فيه الرأي الحاسم، حتى لا يبقى هذا الأمر مفتوح الأبواب للعابثين والمؤولين، تقودهم أهواء مرضى، وكتاب الله أجل وأسمى من أن يكون لعبا ولهوا، وصدق الله القائل في كتابه العزيز: ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا , إذن هو معصوم من التأويل، والله يقول:وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا ,! وفي هذا الكتاب العزيز يقول الحق سبحانه وتعالى:وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين .
وتحدى الرسول عليه الصلاة والسلام العرب الفصحاء والبلغاء بما برعوا فيه، تحداهم بالقرآن لما يختص به من المزية، فيما جرت به عاداتهم وسبلهم بالتحدي في الكلام,, ولكنهم عجزوا، فلم يثبتوا للتحدي, ولإعجاز القرآن، لأنه كلام الله، ويكفي ذلك دلالة وحجة، أما خصائصه البيانية والبلاغية، فالعرب تحسن أطرافا منها، لذلك فهم لم يؤمنوا، حين دعاهم الرسول واجتمعوا إليه في جبل الصفا، وقال لهم:قولوا لا إله إلا الله فلم يقولوها، لأنهم عرفوا متطلبات ذلك، وقال أقربهم للرسول: تباًّ لك ألذلك جمعتنا ؟ فأنزل الله قوله: تبت يدا أبي لهب ! والقرآن معجز كذلك في مبناه وفي معناه, وقالوا: إن سلامة القرآن على أدلة العقول أحد وجوه إعجازه، وأنه في أعلى مراتب الفصاحة, وقالوا: إن من إعجازه,, أن عجزت العرب عن الإتيان بمثله، وقد تحداهم في فصاحتهم، وهي من خصالهم الشهيرة، التي تقتضي التحدي, ويقول المشككون من فرق أصحاب الكلام والتأويل مثل المعتزلة:والله هو الذي أودع فيه هذه القدرة وحجبها عن غيره، وهذه آيته .
وقالوا:إنما كان التحدي بأن الله خص النبي بفعل شيء حجبه عن سواه، وهذا معنى الإعجاز , وكما يقول الجاحظ، إنه كان للعرب فضل على الأمم كلها في الخطابة والبلاغة, وهو بذلك يرد على الشعوبية ويقضي عليهم بالشقوة وبالتهالك في العصبية ويسفه أحلامهم ويجهلهم ! وحتى الكلام الذي يقوله ممن ليسوا من أهل السنة والجماعة، فيما يتعلق بإعجاز القرآن، مثل الجاحظ وأضرابه من المعتزلة، يعقب الكاتب المغرض لويس عوض على ذلك فيقول:وهذا إحساس صادق ولكنه لا يمثل القضية كلها ص 75 .
ونتابع كلامه في 89 90 ، وهو ينقل ويؤول بعض كلام,, عبدالجبار المعتزلي: والرد عنده أن كلام الله لا يكون مفيدا للناس إلا إذا بلغهم باللغة التي تواضع عليها الناس وجرت على وجه مخصوص باتفاق الناس على الصلة بين الألفاظ ودلالتها, ولا يستثنى من ذلك اللغة العربية التي نزل بها القرآن ! وهذا المجادل قد قرأ قول الحق:وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه وقوله: إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون , وحتى أعجمي اللسان، من الذين هداهم الله، حين قرأوا معاني القرآن المنقولة إلى لغتهم، وأجالوا عقولهم المبصرة، آمنوا بالإسلام، لأنه يخاطب أولي الابصار والألباب والنهى! إذاً ما يقوله لويس عوض من تشكيك، وكأنه وقف نفسه فيما يكتب عن الكتاب العزيز والإسلام ورموزه، لهذه الغاية، ظناً منه أنه سينال أربه ووطره، فدحره الحق, ووجد لويس عوض ما يوائم هواه من كلام الفرق الضالة، التي تدعي زورا وباطلا أن القرآن محدث، وانه مخلوق، إلى غير ذلك من البهتان والترهات,,!
ويجدد هذا الكاتب، وجود غير اللغة العربية في القرآن، مع أنه وقف على أقوال الصادقين من الأمة المسلمة، وقرأ الآيات التي تؤكد انه قرآن عربي! فالإمام الشافعي يقول: والقرآن يدل على أن ليس من كتاب الله شيء إلا بلسان العرب , ولكن هذا المجادل لا يقنع بهذا القول، لأنه يستند إلى أقوال عبدالجبار المعتزلي ومن على شاكلته, ولا يقبل لويس عوض قول الإمام الشافعي: بأن:لسان العرب أوسع الألسنة وأكثرها ألفاظا , وعوض يستشهد بشيء من التاريخ الذي يوائم مزاجه بما فيه من تشكيك في العربية وأهلها, والمحقق الكبير محمد شاكر,, يقول:والعرب أمة من أقدم الأمم، ولغتها من أقدم اللغات وجودا، كانت قبل إبراهيم وإسماعيل، وقبل الكلدانية والعبرية والسريانية وغيرها، بله الفارسية، وقد ذهب معها الشيء الكثير بذهاب مدنيتهم الأولى قبل التاريخ, فلعل الالفاظ القرآنية التي يظن أن اصلها من لسان العرب، لا يعرف مصدر اشتقاقها ولعلها من بعض ما فقد أصله وبقي الحرف وحده 21 .
إن هذه الآراء، لأنها ليست آرية، فهي عند لويس عوض عرقية الدم، وعرقية اللغة، حتى قال:وينسب إلى العرب ولغتهم عراقة ليست لهم ولها بين الحضارات القديمة , إلى أن قال:وأيا كان الأمر فإن هذا الموقف ينطوي على إحساس عميق بنجاسة كل ما هو غير عربي جنسا ولغة، وهو المقابل السامي للآرية الأوربية، ص 95 .
والفصل الثالث من كتاب لويس عوض، وعنوانه:أدوات البحث الفيلوجي ، هذا الفصل أشبه بالعبث، لأنه دوران واستعراضات,, لا تقود إلى شيء من صميم البحث، ولكنه دوران للتضليل، وصفحاته 29 ، من 97 125 , فهي عن الآرية الهندية، واللغة والقومية، وعصور الهجرات,, التي بدأت في نهاية العصر الجليدي، والجنس القوقازي، والفاشية العمياء، وترادف بين الجنس واللغة، وأن أصل العرب مثلا ، أنهم أقوام قوقازية تتكلم لغات سامية, ويسبح لويس عوض,.
في نظريات كما أسماها، ثم يقول ويعقب: هذه النظرية قد تكون أو لا تكون صحيحة، إلى أن يقول: فالاتجاه السائد اليوم بين علماء اللغة، هو الفصل التام بين توزيع الأجناس وتوزيع اللغات بأن كلا منها يتبع قوانين مختلفة إلخ ص 110 111 .
ويجنح عوض إلى التوراة المحرفة والمبدلة ليستشهد بها، وهو يتحدث عن السامية والساميين، مثل العرب ولغتهم، والحامية نسبة إلى حام بن نوح, ويسوق ألفاظا عامية مصرية مثل: حاكتب أو راح أكتب ، فيقول: وهي لا صلة لها بكلمة راح ، يروح العربية بمعنى ذهب , وقالوا هاكتب، بدلا من (حاكتب) , وذلك سميت هذا الفصل عبثا ومثله كثير، مما ساق هذا العابث المبطل.
ويمضي يضرب الأمثال في هذا السرحان، فيقول: فعندما نقول للأوربي قل: محمد، ويحاول يائسا فلا يخرج منه إلا صوت آخر هو اما مخمد أو مهمد ونقول له، وكأنه لا يدرك أن لغة الضاد لا يتقنها ولا يحسنها إلا أهلوها، أما أعجميو اللسان فتشق عليهم، لأن العربية ليست لغتهم,! ونجد الأمثال عن لهجات عامية متوارثة، وليست ألسنة فصيحة، يسوقها عوض,, ليزحم بها صفحات كتابه، ويعرض ما فيها من اختلافات في النطق، بين الجيم والقاف ، مثل جال بمعنى: قال ، والذين يبدلون الهمزة قافا إلخ.
ويتحدث عن سبل وطرق دفن مسلم، فيمارس أهله طقوساً مصرية قديمة، ونقول إن ذلك جهل منهم,! ثم يقول، واستمرار بعض شعائر الدفن المصرية القديمة، متجاوزاً مصر المسيحية ثم مصر الإسلامية في محافظة أسيوط ، نقلا عن عبدالعزيز عبدالله، المحرر بجريدة الجمهورية, ويقول عوض:إن سكان هذه المنطقة، رغم انتمائهم إلى الدين الإسلامي، ورغم تحدثهم بالعربية أو بلهجة من لهجاتها، ينتمون من بعض الوجوه إلى الحضارة الفرعونية , ثم يقول في الصفحة نفسها,, 123 : ومعروف أن الشعائر الجنائزية عند الشعب المصري اليوم، مسلميه ومسيحييه على السواء، لا تزال تحافظ على كثير من الطقوس والمعتقدات الفرعونية المجافية للمعتقدات الإسلامية أو المسيحية ! ولاشك أن البعد عن الدين والجهل به يؤدي الى ذلك الانحراف بالنسبة إلى المسلمين, غير أن المسلم الواعي المدرك، لا يمارس تلك الانحرافات التي تحيد به عن العقيدة السمحة والسنة المطهرة, والجهل بلاء مبين,!
إن الفصل الرابع ، من كتاب لويس عوض، يبدأ من ص 127 ، وعنوانه: فقه اللغة المقارن , ورب سائل يقول: ما شأننا نحن بالمقارنة؟ وما الداعي الى ذلك؟, وماهو الهدف والغاية؟ ولمصلحة من كل ذلك!؟,ونجيب,, إنه التسلط على اللغة العربية، ليقول لويس عوض ومن على شاكلته,, إنها من أصل هندي أوربي، كما يردد، رغم انه ساق بعض أقوال المنصفين,, أنها عربية لحما ودما,! إذن ما شأننا وهذا، وعنوان الكتاب: مقدمة في فقه اللغة العربية؟ إنه الحشو والثرثرة والعبث الدراسي، ومضيعة الوقت، للتضليل,! ذلك أن الكتاب مدفوع الى ذلك التشويش على لغتنا العربية، عليه من الله ما يستحق!
ونحن ماذا يعنينا ولز، اسكوتنلندا في الحديث عن العربية؟ , ولماذا لا يكون البحث في أمر العربية وحدها، من خلال فقهها، إذا كان الكاتب جادا وصادقا فيما يقول؟
ويحاول أن يفسر الأمور بغير أهدافها ومؤداها وحقائقها! فيقول في ص 130 : ومن هنا جاء الكلام عن النبي محمد أنه النبي الأمي ومعناه الحقيقي، ليس النبي الجاهل بالقراءة والكتابة، كما في المعنى المتوارث المتبادل، وإنما النبي الأمي أي النبي الذي ليس من بني اسرائيل لأنه من سبط هاجر المصرية وابنها إسماعيل، وليس من سبط سارة وابنها اسحق والد يعقوب إسرائيل مؤسس الشعب المختار، ويستشهد بقول الله في رسولنا: هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته سورة الجمعة , ويقول: بمعنى بعث في غير بني إسرائيل وليس بعث في الجهال , وهي مقولة مكذوبة ليست جديدة، فقد سبق الى إشاعتها نفر من أصحاب الفرق والمذاهب الضالة، وكل ما يفعله لويس عوض أنه نقل هذه الفرية عمن سبقه من أعداء الإسلام,! ويمضي لويس عوض يستشهد بآيات من الكتاب العزيز، فيقول: ويلاحظ أنه كلما ورد ذكر الأميين أو النبي الأمي في القرآن، إنما ورد في سياق الحديث عن أهل الكتاب من باب التمييز والمقابلة كما يدل السياق , وساق لويس عوض في 131 ، الآيات من سورة البقرة: فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي , وفي سورة آل عمران:وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين ءأسلمتم , وفي سورة الأعراف: فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكذلك: الذين يتبعون الرسول النبي الأمي -الأعراف-:وقالوا ليس علينا في الأميين سبيل الأعراف, وقوله:وهو الذي بعث في الأميين رسولا - الأعراف.
إنه الخلط والجهل المركب، والذي قرأ القرآن يفترض أنه قرأ غيره من الأدلة الصحيحة, التي تثبت أمية محمد وهي فيه كمال، وفي غيره نقص، وذلك وقت نزول القرآن عليه في غار حراء، وجبريل عليه السلام يضمه ويقول له اقرأ، فيرد الرسول ما أنا بقارىء، ثلاث مرات، ثم يقول له رسول السماء:اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق .
إن رسولنا عربي، من أرومة عربية, والأمة العربية، بعد أن أعزها الله بالإسلام ودخلت فيه أفواجا، وتحققت لها الفتوحات العظيمة، شرقا إلى الصين، وغربا إلى جبال البرانس، بحيث أصبحت امبراطورية، حتى أن هارون الرشيد وهو يفاخر بسعة ملكه، كان يقول إذا رأى سحابة ممطرة تعبر سماء عاصمته دون أن تمطر، خاطبها بقوله:امطري حيث شئت فسوف يأتيني خراجك .
إذاً الرسول الكريم رجل أمي بعث في أمة أمية، بدليل أن المسلمين بعد نصرهم في غزوة بدر ، كلفوا بعض الأسرى الذين يجيدون القراءة والكتابة,, أن يعلم كل واحد منهم عشرة من صبيان المدينة الكتابة والقراءة، لقاء فداء نفسه! ولويس عوض إما إنه رجل جاهل بتاريخ المسلمين ورسولهم، لذلك فهو يتخبط في تفسير معنى الامية، ويزعم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس النبي الجاهل بالقراءة والكتابة ص 130 , وإما أنه عارف بهذا التاريخ لكنه يصر على التزوير والكذب والدس ويقول في ص 131 : وكان العرب يقسمون العالم إلى عربي وعجمي، والعجم أو الأعاجم هم الأجانب أو من ليسوا عربا بصفة عامة .
وهذا غباء فهم, إذ لا يوجد في الإسلام معنى أجنبي بالنسبة للأمة التي تجمعها عقيدة واحدة، لقوله تعالى: إنما المؤمنون أخوة والعجمة المقصودة، هي عجمة اللسان، أي اللسان غير العربي,!
ويقول هذا الرجل النحرير في 121 : وحين قال النحاة:العلمية والعجمة تمنع من الصرف، إنما قصدوا الى أن اسماء الأعلام الأجنبية تمنع من الصرف، ولم يقصدوا الأعلام الفارسية بالذات , انه لجهل فاضح، هذا الجهل بالنحو عند دكتور يدرس اللغات وتواريخ نشأتها! ولو كان حياً لسألناه: هل أسماء: عمر، وحمزة، وعثمان، وفاطمة، هل هي أجنبية لأنها ممنوعة من الصرف؟ ومن قال لهذا الجاهل إن الأجانب هم من ليسوا عربا بصفة عامة؟, إن هذا التخريج ضرب من الهجس كما يقال,!
وهو يهوّم، حين يقول في ص 147 : وما فعلت في هذا الكتاب إلا أن فتحت باب الاجتهاد الفيلوجي، ولذا سميت كتابي مقدمة في فقه اللغة العربية، عسى أن يأتي بعدي من يقيم أركان هذا العلم الخطير .
ونقول,, إنها مقدمة فاشلة ضائعة، لأنها لا تهدف إلا إلى النيل من اللغة العربية وأهلها, ولكن الله أظهر عجز المحاولة وصاحبها، لأن المكر السيىء لا يحيق إلا بأهله,, كما جاء في الكتاب العزيز, ذلك أن هذا الكتاب العريض,, الذي تجاوزت صفحاته الستمائة، ليس فيه فيما يختص بالعربية إلا أوهام وترهات وافتراضات,, لا يعوّل عليها، لأنها لا تستند إلى علم، ولا إلى من يوثق برأيهم، فهي أقاويل مفتعلة باطلة، مردودة على أصحابها وناقلها وقائلها، فليس فيها شيء جازم، ذو مراجع يعتد بها, وما قاله في ص 147 بما أشرت اليه، هو عبث في أمر محسوم مؤكد، ليس في امر مجهول بادىء ودخيل!! ونقول: ما شأنك أنت بلغة أنت لست من أهلها المختصين، وإنما اختصاصك في اللغة الإنجليزية!؟ إنه العبث والدخول فيما لا يحسن المرء,, ولا يعلم، ولا يدرك، والشاعر العربي يقول له ولامثاله المتطفلين:
إذا لم تستطع شيئا فدعه وجاوزه إلى ما تستطيع |
والفصل الخامس ، ص 144 ، يبحث في الفونطيقا المقارنة والمورفولوجيا المقارنة , يقول لويس عوض,, في بداية هذا الفصل: فلنحاول الآن أن نحصر المبادىء الفونطيقية التي بنى عليها بعض علماء اللغة نظريتهم في احتمال وحدة الأصل بين المجموعة الهندية الأوربية والمجموعة السامية الحامية من اللغات ويبدأ في هذا الفصل بما أسماه قانون تبادل السنيات , ولا حاجة لي أن أشغل القارىء بتلك الحروف العربية المتقطعة، ويقابلها الحروف الأخرى، اللاتينية وغيرها، وسبل نطقها، ونسبها الى لغات مختلفة، مثل: اليونانية، الفرنسية، والألمانية، والعربية، والقوطية والعربية إلخ, ثم الرجوع إلى القواميس في إظهار معانيها, وكذلك موضوع تلاقح اللغات، وأنها تأخذ من بعضها بعضا، ومعاني كلمات في أكثر من لغة فمثلا يقدم الكاتب من اللاتينية كلمة مدو ثم يقول: وهو أصل كلمة صوت ، صل ، ومنها صلصل ، صليل ، وهذه المقارنات، لا حاجة لي ولا للقارىء العربي الوقوف عندها ومتابعتها، ذلك أنها تختص بعلماء اللغة المتخصصين, ويشرح الكاتب في متابعة جذور الكلمات، ونراه يقول: وفي المجموعة الهندية الأوربية جذر افتراضي هو ديوب ، والجذر الجرماني الافتراضي هو ديوباز ، فما دخلنا نحن وما دخل لغتنا العربية في ذلك؟,, ويقول في ص 159 وذلك في باب الافتراضات والاحتمالات, والدراسة العلمية المقننة,, لا تعتمد على التخمين والأقاويل غير المؤكدة، فمنطق العلم ضد هذه الافتراضات التي لا يعول عليها! يقول عوض: والاحتمال الأخير يصح فقط إذا أمكن ربط صيغة (نطفة) العربية بصيغة (ندوة) في العامية المصرية بمعنى (ندى) إنه تخمين وتخريف فارغ، لانه ناتج عن فراغ!, وإلا ما علاقة نطفة ب ندوة من ندى ؟
ويقول في أخر هذه الكلمات التي لا يجمعها معنى ولا مبنى: ويكون المعنى (ندى المساء) بهذا يمكن تغيير (ندى) و ندوة المصرية و (نطفة) , ونقول إنه فهم طمطماني , وتخريف,, بعيد عن الفهم العلمي، ولكنه عبث عابث,, لا يؤبه له,!
ويصادفني في هذا الفصل تخريجات كثيرة,, مبنية على التخمين والقياس والافتراضات في الصوتيات , ومن هذه التخمينات التي لا أساس لها قوله: واجتهاد كوني يجب أن يؤخذ مأخذ الجد، ففي الاصطلاح العربي كال المديح ، يظن أن كال من الكيل ، وهو مستبعد، وأقرب منه إلى المنطق أن تكون كال هنا تعني: اسمع, فالعلماء لا يقولون في غير المؤكد والمختلف فيه كلمة يجب ، ويؤخذ مأخذ الجد,! ولويس عوض بعيد عن العربية وأهلها وجاهل بها.
ونحن نقول في الأمثال الدارجة: كيللو المديح ، اي كال له, والمكيال في الحبوب وما إليها,, أداة كميات لا تخضع حبوبها للعد، أي معنى المثل مدحه بلا حساب,,! وما قاله لويس عوض، وهو افتراض وتخريج خاطىء,, شيء مستبعد، وخطأ وجهل بمدلولات المعاني في العربية, فالكيل أصح، لانه صب بكميات كثيرة,! واللغة ليست افتراضا، وإنما هي سماعية وقياسية,! أما أن معنى كال تعني اسمع ، فإنه فهم ليس فيه شيء من العلمية أو المنطق الذي يتذرع به كاتب,, ليس من أهل العربية، ولا يربطه بها رابط من قريب أو بعيد,! فالعربية الشاعرة,, معان، و مجاز ، وهذا شيء لا يدركه لويس عوض غير العربي، وهو أكثر من غيره,.
أعدى أعداء ما جهل, وقد يكون الجهل نعمة، بالقياس إلى لويس عوض,,ومن سلك نهجه,! وصدق المتنبي في قوله:
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم |
فالذي يحكم بما لا يعلم جاهل، وقد مر بنا أنه يعارض القول أن رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم أمي , أي غير متعلم، فلا يقرأ ولا يكتب، وسقت الأدلة، يوم نزل عليه الوحي، وكان الوحي ثقيلا,! قال تعالى:انا سنلقي عليك قولا ثقيلا .
فأي منطق الذي يقوله لويس عوض ويحاول أن يوهمنا بما يؤديه عقله المريض، ليخطئنا فيما نفهم وندرك ونعي من لغتنا، لغة الضاد , وإنه لآخر زمان أن يعلمنا لويس عوض غير العربي لغتنا بمنطقه هو المجافي للحق، وذلك في عصر النور والمعارف الواسعة,! انه عمى البصيرة والضلال البعيد,!
يتبع |
|
|
|
|