| شرفات
لاشك في ان للكتابة والخط العربي مكانة عظيمة في الاسلام، لما فيها من مصالح دنيوية ودينية هامة حيث قال الله في كتابه الكريم: (يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب,,).
ولقد نوه الاسلام بالكتابة وفضلها منذ أول آية نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم فقال جل شأنه (اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم).
ومن تمام هذا التنويه القسم بالقلم في قوله تعالى (ن والقلم وما يسطرون) وبالكتاب في قوله تعالى: (والطور وكتاب مسطور في رق منشور).
وجعل الله القلم أول ما خلق وأمره بكتابة كل شيء, وتردد في القرآن كلمات (اللوح، والقرطاس والصحف) في اكثر من موضع.
وكان اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم بالكتابة خير قدوة لنا (ولكم في رسول الله اسوة حسنة فعمل جاهدا على نشر الكتابة واستعمالها بين اصحابه, اذا قال: (قيِّدوا العلم بالكتابة) واختار منهم من يجيد الكتابة، وهم من عرفوا بكتّاب الوحي، منهم عثمان بن عفان وعلي بن ابي طالب وابيّ بن كعب وزيد بن ثابت ومعاوية بن ابي سفيان وغيرهم,, وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يرشدهم الى تجويد الكتابة وهو النبي الامي الذي لا يقرأ ولا يكتب حيث كان يقول لهم: (اذا كتب احدكم بسم الله الرحمن الرحيم فليمد الرحمن) وكان يقول لكاتب الوحي معاوية رضي الله عنه: (ألق الدواة وحرّف القلم وانصب الباء وفرّق السين ولا تعوّر الميم وحسّن الله ومدّ الرحمن وجوّد الرحيم).
وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم فداء كل أسير من اسرى بدر من المشركين تعليم عشرة من صبيان المسلمين الكتابة والقراءة.
ولم تستخدم الكتابة منذ ظهور الاسلام في كتابة القرآن فحسب، بل تدوين الاحاديث النبوية وفي كتابة كل ما يهم المسلمين ويحفظ حقوقهم في معاملاتهم وعقودهم وفي جميع المواثيق والعهود، والمكاتبة بين الناس وضبط أحوالهم.
وامتد الاهتمام بالكتابة الى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخلفاء الراشدين والتابعين.
ولقد تطورت الكتابة تطورا واسعا منذ جاء الاسلام فتعددت الموضوعات التي تناولتها والتي لم يكن للعرب بها عهد قبل الاسلام ورسالة صاحبه النبوية, اذا اخذت تحمل مجموع النظم الجديدة التي قامت عليها دولة الاسلام العتيدة.
ويكفي الاسلام شاهدا انه خلف ملايين المخطوطات وأنجب علماء الدنيا في فترة من الفترات فكل هذا يدل على حثه على الكتابة والعلم والتعليم.
وآثارنا الاسلامية في فنون الخط العربي باقية خالدة بتميزها وتفردها بين سائر الفنون وتشهد المعارض والمتاحف والمساجد والقباب والمحاريب على تفوق الفنان المسلم وقدرته على التميز والابداع.
والآن,, ورغم رصيدنا الهائل من تراثنا الفني الاسلامي، الذي يحملنا امانة الحفاظ عليه,, الا ان الكثير منا اصبح لا يهتم بخطه وبأصول الكتابة خطاً واملاء ولا يكترث بوضع النقط على الحروف ولا يفرق بين همزتي الوصل والقطع ولا بين الهاء والتاء المربوطة ولا بين التاء المفتوحة والتاء المربوطة,, ولا يعرف الفرق بين خط النسخ وخط الرقعة,,
ولا يهتم بالقلم الذي يكتب به، ولا بالطريقة الصحيحة للامساك به.
واصبح الكثير من اولياء الامور لا يهتمون بخطوط ابنائهم اعتقادا منهم ان مادة الخط ليست مهمة كباقي المواد ولا يرسب فيها الطالب.
ومما ساعد على سوء خطوط الطلاب ان الخط لا يقوم بتدريسه معلم متخصص دارس للخط واصوله وقواعده وفاقد الشيء لا يعطيه,, !,,
اضافة الى انتشار الحاسب الآلي وما يحويه من برامج رديئة لبعض انواع الخطوط مثل الرقعة والفارسي والديواني وغيرها، هذه البرامج لا تمت الى تلك الخطوط وقواعدها واصولها بصلة ولاترقى للحد الادنى من الذوق الفني في الخط العربي بأي حال من الاحوال ,,,!!
وللأسف يحاكيها الناس ويقلدونها فتزداد خطوطهم سوءا على سوء!!
انني اهيب بكل مسؤول عن هذا الامر,,
بكل غيور على لغته وتراثه,, بكل معلم,,
بكل طالب,,
بكل ولي امر,,
ان يهتم بخطوط ابنائنا الطلاب منذ الصغر حتى لا يصعب التقويم بعد ذلك وبعد فوات الاوان، فالتعليم في الصغر كالنقش على الحجر والتعليم في الكبر كالنقش على الماء!
وأناشد معالي الاستاذ الدكتور محمد الرشيد وزير المعارف بانشاء معهد او اكثر للخط العربي في الرياض وسائر مدن المملكة الهامة، وكذلك مد حصص الخط لتشمل المرحلة المتوسطة على الاقل, واعداد دورات في الخط العربي لمعلمي اللغة العربية ولا سيما الذين يقومون بتدريس حصص الخط بالمدارس.
وليت مدارسنا تقيم حظرا على حمل الطلاب للقلم الجاف، وتلغي استخدامه في الكتابة فهو عدو لدود للكتابة والخط جاف كاسمه ليست به مرونة ولا يظهرالشكل الجمالي للحرف والكلمة ولا يكتب به الانسان عدةاسطر الا وقد تعبت يده واصابعه,,,!
وتحث على استخدام القلم السائل بدلا منه.
وفق الله الجميع لخدمة فننا العربي الاسلامي الجميل والحفاظ عليه ونشره بين الناشئة والاجيال,, انه ولي ذك والقادر عليه.
* باحث وفنان الخط العربي
|
|
|
|
|