| محليــات
نشأت في ضوءِ المتغيراتِ الإنسانيةِ في مجالاتِ الحياةِ العصريةِ القائمةِ الكثيرُ من المصطلحات التي تنتشرُ بينَ الناسِ، بعضُهم يدركونها، بوصفهم متعاملين معها، وبعضُهم يعرفونَها لأنهم مطَّلعون يتابعون الحركةَ الإنسانيةَ في عمومِها,,,، وبعضُهم يجهلونها في منأى عن المتابعة,,,، وكلَّما غذَّت حركةُ الحياة في جريانها، كلَّما أشاحت، وأطاحت، عن/ وبكثير من النَّاس، ولا يصمد أمامها إلا القوي، ومصدر قوته متابعتُه وحرصه على مواكبة ما تقذف به هذه الحركة وتستحدثه متغيراتُها.
ومن أهم وأشهر وأقدر ما قدمته الحركةُ التطويرية في مجالِ الاتصال الذي يربطُ الإنسان بالآخر حتى يجعلَ الدنيا جميعَها في دائرة أصبع الإنسان هو الحاسوب وبرامجُه، ووسائلُه،,,, وشبكات الاتصال المعلوماتي عنه وقد أصبح حديثَ الإنسانِ، وشغلَه الشاغل، إذ دخلت هذه الوسيلةُ بكل قوتها وتجديدها وتنويعها وتطويرها اليومي بل اللَّحظي في حياة الإنسان وأصبحت في كافة المجالات التي يمارس الإنسانُ فيها دورَه عاملاً، أو دارساً، أو موظفاً، أو إدارياً، أو مسؤولاً أو مفكراً، أو اقتصادياً، أو باحثاً، أو حتى عابثاً متطفلاً فارغاً لا همَّ له إلا المتعةُ والتسليةُ,, وتفاعلُ الإنسانِ مع لوحة المفاتيح تدخَّلت حتى في أدقِ خصوصياتِه: يأتيه بريدُه إلى سريره، وتصله خدماته إلى حجرة اغتساله، بمثل ما تُغلق ستارة مكتبه، أو يتعرف إلى مَن خلف بابه، في مقابل وصوله إلى جميع مواقع المعرفة، والأعمال، والمنتجات، والصناعات والأحداث، وحركة الإنسان العقلية والرياضية والمالية والتربوية.
وأصبح لزاماً على أي مجتمع يهدف إلى رقي حياته، واكتسابه من المعطيات النافعة من متغيرات العصر ومنجزاته أن يلمَّ بكل شيء، وأن لا يقتصر إلمامُه على مجرد معرفة الشيء بل إتقانه,, والتعامل معه,.
وكان حري أن تنهض المؤسساتُ التربويةُ والتعليمية بشيء من استحداث متغيرات وإضافات وتطويرات في سياساتها التعليمية، ومن ثم في أهدافها,, وذلك بالتحديث,.
والتحديث سمة الناجح,.
وليس المقصود من التحديث هو المحو المجحف للثوابت والأصول، إنما التحديث في آليات التحقيق لهذه الثوابت وللتعامل مع الأصول بأساليب تنتفع، وبوسائل تواكب المعطيات الجديدة في منجزات الإنسان، تلك المنجزات التي تساعده على تحقيق الكمية الأكبر بالكيفية الأتقن في الزمن الأقصر,.
ولقد لوحظ أن هناك ليست حركة واحدة في مؤسسة أو مرفق أو مجال بعينه في هذا المجتمع تواكب متطلعات التحديث، وإنما شمل ذلك القطاعات المختلفة بشكل ينم عن وعي بضرورة المنجز الذاتي في مواجهة المنجزات البشرية الشاملة ,.
ولقد حدث المتوقعُ في مجال المؤسسات التربوية والتعليمية,.
ذلك أن الأممَ لا تنطلقُ بإنسانها إلا من حيث تربيه وتعلمه,.
ولا تحقق فيه طموحاتِها وعنه أهدافَها إلا إذا أولت مؤسساتِه عنايةً فائقةً واهتماماً مركزاً وذلك بجعلها تواكب كلَ هدفٍ يمكنه أن يوصلها بحركة الحياة من حولها,.
ولأن المعلومات المجالُ الخصبُ والجديدُ الذي تتسابق فيه وإليه وعنه البشريةُ نحو الرقي والتطوير والمواكبة والتحديث فلقد شرعت المؤسساتُ المسؤولة في إنشاء برامجَ ومشاريعَ أقل ما توصف به أنها تواكب المرحلة، وأنها ضرورة حياتية لا يتحقق لهذه المؤسسات دورها ومسؤوليتها دون أن تقوم بها.
وآخرُ هذه المشاريع مشروع وطني الذي تبنته وزارة المعارف ورعاه بالدعم المادي ولي العهد النابه المشاطر لكافة المشاريع النهضوية والمواكبة للتحديث المطلوب رعاه الله.
وهو مشروعٌ يحتاج إلى دعائمه الأولى: الدعم المادي، والثانية التهيئة اللَّازمة من الآلات والآليات والعناصر البشرية,, ومن ثَمَّ هو يحتاج ليس إلى فرحة البدء وإنما إلى فرحة النتيجة وذلك لا يتم إلا من خلال المتابعة والمواكبة والتقويم والتقييم,.
ذلك لأن كثيراً من المشاريع تموت في مهدها، أو يفتر الحماسُ لها، أو لا تحقق أهدافَها إذا نشأت في ضوء فرحة الإعلان، وأولوية البدء، ثم رافقها روتين يقتلها.
فليظل الحماسُ لهذه المشاريع مستمراً توقده حركةُ الحياةِ من حول الإنسان بمنجزات الإنسان كي يتحقق في هذا المجتمع للإنسان المنجز الذاتي ليكون قادراً على مواجهة عصرية للمنجزات البشرية الشاملة .
فالإنسان هو محورُ كافة ما يحدث في العالم,, والمؤسسات التعليمية هي توقعات الانطلاق.
فالله الله به كي يقوى على الحياة بقوة لا تطوِّحه معها دولبة حركتها.
د,خيرية إبراهيم السقاف
|
|
|
|
|