| أفاق اسلامية
من المعلوم أن الأقليات الإسلامية تشكل جزءاً أساسياً على درجة كبيرة من الأهمية من البنيان الاسلامي وذلك لعدة أسباب، أولها: تلك الأقليات النسبية ليست كذلك إذا أخذت بالمنظار المطلق، فحجمها كبير للغاية، فبلد مثل الهند لوحدها يوجد فيه اكثر من مائتي مليون مسلم، وبلدان اوروبا تحوي اقليات اسلامية وصل عددها في معظم تلك البلدان لأن يشكل المسلمون أكبر ثاني تجمع ديني، وحتى في الولايات المتحدة الامريكية فإن أبناء الاسلام يشكلون رقميا الدين الثاني في تلك البلاد.
وثاني الاسباب هو وجود تلك الاقليات في بلدان على غاية الاهمية في بلدان بحسب التعريف المعاصر تدعى بعضها البلدان المتقدمة، أو العالم الأول، أو القطب الذي يحرك العالم في مجالات السياسة، والاقتصاد، والمال، والأعمال، والثقافة، والفكر عدا الأمور العسكرية التي اصبحوا سادتها!
وثالث الاسباب هو ان أبناء تلك الأقليات هم على قدر كبير من الوعي، والثقافة، والخبرات العلمية والعملية، فهم قد خبروا بلدانهم الأصيلة، واطلعوا على ثقافات جديدة، ،استوعبوها واستفادوا منها وعرفوا كيف يفيدون منها مجتمعهم الجديد أو الاصلي.
ورابع الأسباب وأهمها هو ان تلك الاقليات تشكل الصورة التي ستنطبع في ذهن ابناء المجتمع غير الاسلامي إما إيجاباً أو سلباً لا سمح الله فهي الواجهة للمجتمع الاسلامي وللاسلام وللمسلمين في بلاد الغربة أو بلاد الاستقرار الجديدة وعلى هذا تشكل تلك الأقليات سفير أمة الإسلام لذلك العالم وعلى يديها قد يحصل الخير العميم، وهذا ما ندعو الله أن يحصل ولكن إن كان الأمر ليس كما نتمنى فقد يحصل مالا يحمد عقباه.
إن قراءتنا واستقراءنا لواقع تلك الاقليات يجعلنا نقول: إنها تشكل نسخة مصغرة ولكن واعية لكل المجتمعات الإسلامية، وهذا يبشر بخير، وخصوصا ان جذور تلك الأقليات لاتزال متصلة بالشجرة الأم، ولا تريد الفروع ان تبتعد عنها، كما أن الأم لاتزال تمد أذرعتها لاحتضان تلك الاقليات، وضمها ولم شملها وتقويتها ومؤازرتها وتقديم الدعم المعنوي والمادي المطلوب لها في واقعها الجديد.
إن المملكة العربية السعودية لاتزال وستبقى إلى ما شاء الله تشكل العمود الاساسي لتلك الأم الاسلامية التي تسعى لضم واحتضان أبنائها، ولذلك كانت السباقة في كل ما من شأنه ان يخدم الاسلام والمسلمين، وإزاء قضية الاقليات الاسلامية كانت المملكة في الطليعة دوما في وضع هذه القضية في الوضع الصحيح والمناسب لتجعل منه قوة للإسلام، وليس هماً أو عبئاً عليهم.
لقد قدم صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني تبرعا ماليا مقداره مليون دولار أمريكي لرابطة العالم الاسلامي، وذلك لاستكمال اجراءات تشكيل المجلس الاسلامي الايطالي، وكان ذلك إبان زيارة سموه لإيطاليا في الصيف الماضي.
إن هذا التبرع ليس غريباً على صاحب الأيادي الخيرة البيضاء، فهو المعروف بكرمه وبسخائه، وخصوصا في الأمور التي تمس حياة المسلمين، ولكن الذي يلفت النظر ويستحق الذكر وبكثير من التقدير هو تبرعه لانشاء هذا المجلس الذي سيشكل الواجهة والبنيان الرئيسي للمسلمين في إيطاليا، والذي ستنصهر في بوتقته كل مجموعات المجتمع الإسلامي هناك، وبالتالي تحصل صورة ناصعة للمسلمين في الذهنية الإيطالية، وبالتالي الذهنية الغربية ككل وبشكل غير مباشر.
حقا لقد أصبح الحلم حقيقة أخيراً، حيث تم في العاصمة الإيطالية روما التوقيع مؤخراً على نظام المجلس الاسلامي الايطالي الذي سيقوم بتمثيل الجاليات الاسلامية في إيطاليا أمام السلطات الحكومية الإيطالية، وإن شاء الله يستكمل ذلك المجلس قريبا الاجراءات المتعلقة باعتراف الحكومة الايطالية بحقوق المسلمين على غرار اعترافها بحقوق اتباع الديانات الاخرى، وهذا يبشر بخير كبير للمسلمين في إيطاليا وفي الغرب عموما، كما أكد لي مجموعة من الدعاة والأئمة الذين التقيت بهم مؤخراً في روما ابان زيارتي لها للمشاركة في ندوة حقوق الإنسان في الإسلام التي نظمتها رابطة العالم الإسلامي في المركز الثقافي الإسلامي، حيث ابناء المسلمين في إيطاليا يعلقون آمالاً كبيرة على المجلس، وينظرون إليه نظرة تفاؤل وخير للإسلام والمسلمين في ايطاليا.
نعم إن فكرة قيام المجلس الإسلامي الإيطالي خطوة في الاتجاه الصحيح إن شاء الله، ونرجو ان تتبعها خطوات اخرى مماثلة في البلدان الأوروبية ما دام الهدف أولاً وأخيراً خدمة دين الله القويم وأبناء المسلمين أينما وجدوا، وفي ذلك الخير كل الخير,, وفي هذا المقام لا يسعني إلا أن أتقدم بجزيل الشكر والتقدير لرابطة العالم الإسلامي لجهودها الطيبة المباركة في رعاية كافة المؤسسات الإسلامية قاطبة وأبناء الأمة خاصة انطلاقا من مسؤوليتها ورسالتها السامية، وعلى الأخص تبنيها ومتابعتها لقيام المجلس الإسلامي الإيطالي، وذلك بتوجيه مباشر من الرجل الأول في الرابطة معالي الدكتور عبدالله بن صالح العبيد الأمين العام الذي يحرص كل الحرص على تلمس كافة احتياجات ابناء الأمة بنفسه من خلال زياراته المتعددة، ورحلاته المكوكية المتتالية,, مرة أخرى نتمنى للجميع دوام التوفيق,, والله من وراء القصد.
alomari 1420 @ yahoo.com.
|
|
|
|
|