| أفاق اسلامية
الفرد هو اللبنة في بناء المجموع، وهو عضو مؤسس في العلاقات العامة، فهل عرف الفرد الانساني ما له في دستور الاسلام من منزل عزيز كريم، إن الكرامة التي يقررها الاسلام للشخصية الانسانية، ليست كرامة مفردة، ولكنها كرامة مثلثة، كرامة هي عصمة وحماية، وكرامة هي عزة وسيادة، وكرامة هي استحقاق وجدارة, كرامة يستغلها الإنسان من طبيعته, (ولقد كرمنا بني آدم) وكرامة تتغذّى من عقيدته (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين), وكرامة يستوجبها بعمله وسيرته (ولكل درجات مما عملوا) وقوله: (ويؤت كل ذي فضل فضله) أوسع هذه الكرامات وأعمها وأقدمها وأدومها تلك الكرامة الاولى التي ينالها الفرد منذ ولادته، بل منذ تكوينه في بطن أمه، كرامة لم يدفع لها ثمنا ماديا ولا معنويا، ولكنها منحة السماء التي منحته فطرته والتي جعلت كرامته وإنسانيته صنوين مقترنين في شريعة الاسلام، ما حقيقة تلك الكرامة؟ إنها سياج من الصيانة والحصانة هي ظل ظليل ينشره قانون الاسلام على كل فرد من البشر، ذكراً او أنثى، أبيض أو اسود، ضعيفا او قويا، فقيرا او غنيا ظل ظليل ينشره قانو ن الإسلام على كل فرد، يصون به دمه أن يُسفك، وعرضه ان يُنتهك وماله ان يُغتصب، ومسكنه ان يُقتحم، ونسبة ان يبدل ووطنه ان يخرج منه او يزاحم عليه, كل إنسان في الاسلام له قدسية الإنسان، ولا يزال هو كذلك حتى ينتهك هو حرمة نفسه, هذه الكرامة التي كرم الله بها الانسانية في كل فرد من افرادها هي الأساس الذي تقوم عليه العلاقات بين بني آدم, إن الاسلام لم يكتف بأن عرف كل فرد حقه نظريا في هذه الحصانة الإنسانية، ولكنه اخذ يهيب به ان يدافع عن هذا الحق وطفق يحرضه اشد التحريض أن يقاتل دونه، وأن يضحي بنفسه في سبيله يقول صلى الله عليه وسلم من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون اهله فهو شهيد، ومن قتل دون مظلمته فهو شهيد ، بل لنستمع الى كتاب الاسلام حين ينعي على المستضعفين إخلادهم الى الذل طمعا في السلام، ورضاهم الهوان خوفا من فراق الاوطان: (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم، قالوا كنا مستضعفين في الأرض، قالوا الم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا).
* وكيل قسم القرآن بجامعة الإمام محمد بن سعود
|
|
|
|
|