| متابعة
* غزة عماد الدريملي وشهدي الكاشف د,ب,أ
صور الفلسطينيون امس الاول الاربعاء الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب اللبناني بأنه بمثابة رداء الملك الذي بدأت تعريته وبشارة لنهاية كفاحه ونضاله من اجل الحرية والاستقلال وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .
وقد انعشت خطوة الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني بعد احتلال دام 22 عاما، الامل في نفوس الفلسطينيين في أن يأتي اليوم الذي نرى فيه الفلسطينيين يرقصون كما رقص اللبنانيون اول امس ، كما يقول الحاج يوسف اهل ابو محمود 55 عاما صاحب محل تجاري في مدينة غزة.
ويلمح ابو محمود الى انسحابات إسرائيلية جديدة من الاراضي الفلسطينية، ويقول: من يدري ربما الله يهديهم الاسرائيليين ويطلعوا من القدس والمستوطنات مشيرا الى انه سنبقى نتذكر ذلك اليوم,, نحن لا ننسى شيئا واللي حصل يوم النكبة شاهد علينا .
وكان الشارع الفلسطيني قد شهد موجة من الاضرابات والمواجهات مع الجنود الإسرائيليين في الذكرى الثانية والخمسين لحرب عام 1948 والتي ادت الى مقتل ستة فلسطينيين ومصرع طفلين آخرين وجرح نحو ألف آخرين الامر، الذي اوقف مفاوضاتهم المتعثرة اصلا مع اسرائيل بسبب التوتر الحاصل في الشارع الفلسطيني.
وتأتي اقوال ابو محمود وسط الترحيب الرسمي الفلسطيني الذي عكسه الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات نفسه بتوجيهه التهنئة للشعب اللبناني مرتين امس الاول الاربعاء ، وقال: اوجه لهم التحية والاعجاب وان شاء الله معا وسويا حتى القدس ، مشيرا في الوقت ذاته الى اننا قد رحبنا واكدنا منذ البداية بقرار الانسحاب وقلنا ان على اسرائيل ان تنفذ القرار 425 فيما يتعلق بشعبنا وارضنا اللبنانية التي نعتز اليوم انها تتحرر شبرا شبرا .
وفي معرض رده على سؤال حول احتمالات ان يساهم هذا الانسحاب في تسريع عملية السلام وتحقيق نتائج ايجابية قال عرفات: نرجو ان يكون ذلك .
وقال نبيل ابو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني من جهته، ان على اسرائيل ان تطبق جميع قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالاراضي اللبنانية والسورية والفلسطينية .
ولم يخف بعض الفلسطينيين غيرتهم مما حصل في لبنان وقال خالد وافي 62 عاما من حي التفاح في غزة: والله إحنا غيرانين ويضيف: لبنان قالت للعالم ان المقاومة لازم تجيب نتيجة وان شاء الله يكون الدور علينا علشان تعطينا إسرائيل حقوقنا .
ويستغرب وافي الذي غادر مستشفى الشفاء بغزة الثلاثاء الماضي بعد تحسن حالته إثر اصابته بعيار ناري في الساق في المواجهات التي وقعت قرب مستوطنة نتساريم، بقوله: حزب الله بيضربهم صواريخ بينسحبوا وإحنا مفاوضيننا تعبوا وهم رايحين وجايين وفي المقابل بنتصاوب وأسرانا ماتوا من الجوع في المعتقلات .
وذكرت عجوز فلسطينية لاتزال منذ سبعة ايام في خيمة الاعتصام بوسط ميدان الكتيبة للتضامن مع المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، بمثل شعبي فلسطيني قديم يقول: اذا امطرت على بلاد فبشّر بلاد ، في إشارة الى ان الخير اذا وصل الى بلد معين فإنه سيصل الى البلاد التي تجاورها.
وتقول أم محمد السكسك 60 عاما التي يقضي ابنها حكما في السجون الإسرائيلية منذ عشرة اعوام، ان اسرائيل تركت المعتقلين اللبنانيين من غير مشاكل ليش مش راضية تعطينا اولادنا,؟! .
وتساؤل هذه العجوز الفلسطينية لم يغب عن عقول العشرات ممن لايزالون يتضامنون مع المعتقلين الفلسطينيين بالاضراب عن الطعام في اليوم الثالث والعشرين الذي يتواصل فيه اضراب المعتقلين انفسهم عن الطعام والذين يتجاوز عددهم 1,600.
من جانبهم خصص التلفزيون والإذاعات الفلسطينية العامة والخاصة في الضفة الغربية وقطاع غزة ساعات بثها لنقل صور من الجنوب اللبناني وتلقي التهاني من المواطنين الفلسطينيين في داخل الاراضي الفلسطينية وخارجها بالانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني.
وكان المجلس التشريعي الفلسطيني قد اصدر اول امس الاربعاء بيانا اعتبر فيه ان الانتصار الذي حققه الشعب اللبناني الشقيق وحكومته ومقاومته البطلة هو انتصار للشعب الفلسطيني والأمة العربية ولجميع احرار العالم، وهزيمة مدوية لعقلية الاحتلال وسياسته .
واكد البيان الذي حمل توقيع رئيس المجلس التشريعي احمد قريع ابو علاء ان من شأن هذا الانتصار ان يمنحنا الامل والايمان بحتمية انتصارنا على الاحتلال الذي مازال جاثماً على اجزاء واسعة من ارضنا .
واعلنت وزارة الإعلام الفلسطينية امس الاول الاربعاء ان احتفالا جماهيريا دعت اليه كافة الهيئات والمنظمات وفصائل العمل السياسي والإسلامي الفلسطينية سيقام في غزة والضفة الغربية يوم السبت القادم ابتهاجا بما اسمته بيوم الانتصار .
كما اصدرت كافة الاحزاب والتنظيمات الفلسطينية المؤيدة والمعارضة لاتفاقات السلام مع اسرائيل بيانات رحبت فيها بخطوة الانسحاب والتحرير ودعت اسرائيل الى التخلي عن سياستها الحالية والالتزام بقرارات الشرعية الدولية.
ويلخص الصحفي المخضرم حافظ البرغوثي شعور الشارع الفلسطيني تجاه التطورات في الجنوب اللبناني قائلا انه شعور افتقدناه عندما كان الاحتلال ينسحب من مدننا وقرانا بطريقة لا تسمح لنا بالفرح,, فقد كان الجيش الإسرائيلي ينسحب من وسط المدينة ليرابط على مشارفها، ومن قرية الى مستوطنة قريبة وهذا لم يدخلنا في الفرح الذي يشعر فيه اللبنانيون اليوم، الذي نحسدهم عليه ونفرح معهم وهم يقبلون ثراهم ويرفعون هاماتهم فرحين بعد عودتهم المظفرة الى قراهم .
وفي هذه المرة لا يدور الحديث في الشارع الفلسطيني عن السلام مع اسرائيل بل سيطرت عليه مجددا عبارة: ما اخذ بالقوة,, لا يسترد إلا بالقوة ، وانه لا جدوى سوى عودة المقاومة الشعبية الفلسطينية لدحر الاحتلال عن الاراضي الفلسطينية .
ويؤكد عامل البناء بشير العمصي 54 عاما اننا مللنا من وعود اسرائيل فهي تارة تقول انها تريد السلام وتارة تبقي على اسرانا داخل سجونها وتارة لا تريد الانسحاب من القرى العربية في القدس، وفي نفس الوقت تبني مستوطنة هنا ومستوطنة هناك وكأنها غير معنية بالسلام المزعوم .
واضاف: انها أي اسرائيل لم تنسحب من جنوب لبنان رغبة في السلام بل انها هربت من نيران المقاومة اللبنانية والفلسطينية هناك وهذا درس يجب يتعلمه الفلسطينيون .
ويعتقد الدكتور زياد ابو عمرو استاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت بالضفة الغربية بأنها المرة الاولى في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، تجبر فيها اسرائيل على الانسحاب من اراض عربية احتلتها وهي تترك وراءها اذيال الخيبة والهزيمة .
وقال ابو عمرو: اعتقد بأن علينا نحن الفلسطينيين ان نستخلص العبر من هزيمة اسرائيل في جنوب لبنان حيث ثبت بالدليل القاطع ان اسرائيل لا تستجيب لمطالب الشعوب الا اذا دافعت هذه الشعوب عن حقوقها بالقوة .
وقال مسؤول فلسطيني كبير فضل عدم ذكر اسمه، ان السلطة الوطنية ستواصل المفاوضات مع اسرائيل غير انها في هذه المرة ستعطي فرصة اخيرة للحكومة الإسرائيلية في الاعتراف بالحقوق الفلسطينية وقرارات مجلس الامن الدولي الخاصة بفلسطين وهي 242 و338 و194 .
واضاف انه مادامت إسرائيل قادرة على الانسحاب من جنوب لبنان، فهي قادرة ايضا على الانسحاب من الاراضي الفلسطينية وتطبيق القرارات الدولية وإلا فإن اسرائيل تدفع بالفلسطينيين الى مزيد من تصاعد مشاعر الاحباط واليأس ومن جدوى مواصلة العملية السلمية .
الى ذلك اعتبر ياسر عبدربه عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وزير الثقافة والإعلام في السلطة الفلسطينية الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان انتصاراً للبنان وللشعب الفلسطيني ومدعاة لاحتفال قومي من جانب الشعب الفلسطيني لأنه دليل على ان الاحتلال لا يدوم ابدا .
وقال عبدربه ان الشعب الفلسطيني الذي تقاسم خنادق الكفاح والنضال مع الشعب اللبناني يعتبر انتصار الشعب اللبناني انتصارا له وبشارة لنهاية كفاحه العادل .
|
|
|
|
|