| متابعة
* متابعة : عبدالرحمن المصيبيح
ذثمن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض العلاقة القوية والمتينة والراسخة بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية, وقال: ان هذه العلاقة تزداد قوة ورسوخا بفضل الله ثم بفضل السياسة الحكيمة التي ينتهجها قادة البلدين لتعزيز الصداقة والتعاون المستمر بينهما لخير الشعبين الصديقين، وقد نوه سموه باستقبال سمو ولي العهد لأبناء قدامى موظفي شركة أرامكو الذين يزورون المملكة حاليا بدعوة من سمو الأمير سلمان.
عندما بدأ الملك عبدالعزيز تأسيس الدولة
ورد هذا في المقدمة التي دونها سموه في كتاب أصدقاء وذكريات وانطباعات وذكريات أمريكية عن الحياة والعمل في المملكة العربية السعودية 1938 1998م الذي قام بإعداده وتحريره الدكتور فهد بن عبدالله السماري امين عام دارة الملك عبدالعزيز وشاركه السيد جيل روبيرج وجمع المادة د, مايكل كروكر.
وفيما يلي نص التقديم الذي توج به سموه هذا الكتاب التاريخي فقال الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد,.
فقد كان استرداد الملك عبدالعزيز الرياض في الخامس من شهر شوال عام 1319ه 1902م اللبنة الاولى في تأسيس المملكة العربية السعودية، في حين تعود جذور هذا التأسيس الى مئتين واثنين وستين عاما، عندما تم اللقاء التاريخي بين الامام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبدالوهاب -رحمهما الله- عام 1157ه/1744م، فقامت بذلك الدولة السعودية الاولى على أساس الالتزام بمبادىء العقيدة الاسلامية، ثم جاءت الدولة السعودية الثانية التي سارت على الأسس والمبادىء ذاتها.
وعندما بدأ الملك عبدالعزيز في مشروع البناء الحضاري لدولة قوية الأركان، كان يضع نصب عينيه السير على منهج آبائه، فأسس دولة حديثة قوية، استطاعت ان تنشر الامن في أرجائها المترامية الأطراف، وأن تحفظ حقوق الرعية، بفضل التمسك بكتاب الله عز وجل وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وامتد عطاؤها الى معظم أرجاء العالمين العربي والاسلامي، وكان لها أثر بارز في السياسة الدولية بوجه عام، بسبب مواقفها العادلة والثابتة، وسعيها الى السلام العالمي المبني على تحقيق العدل بين شعوب العالم, وجاءت عهود بنيه من بعده: سعود وفيصل وخالد -رحمهم الله- وخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -يحفظه الله- امتدادا لذلك المنهج القويم.
وفي الخامس من شهر شوال عام 1419ه/ 22 يناير 1999م يشهد التاريخ مرور مائة عام على دخول الملك عبدالعزيز -رحمه الله- الرياض، وانطلاق تأسيس المملكة العربية السعودية، عبر جهود متواصلة من الكفاح والبناء، نقلت هذا الوطن وابناءه من حال إلى حال وصنعت بتوفيق الله تعالى وحدة حقيقية على اساس الاسلام ملأت القلوب ايمانا وولاء، وجسدت معاني التلاحم التاريخي بين الشعب وقيادته في مسيرة تاريخية.
ويعد هذا الإصدار جزءا من التقدير لصداقة ثمينة عبرت عنها كلمات عدد من أبناء العاملين من الولايات المتحدة الأمريكية في المملكة العربية السعودية في الفترة الماضية، التي جاءت بمثابة شواهد صادقة على محبتهم للمملكة ولقيادتها وشعبها ومبادئها وتقاليدها, ويأتي هذا الاصدار الذي تشرف عليه دارة الملك عبدالعزيز بالتعاون مع جمعية العاملين بارامكو بالولايات المتحدة الامريكية للاحتفال بمناسبة مرور مائة عام على تأسيس المملكة والاحتفاء بتلك الصداقة التاريخية, وفي الختام أسأل الله القدير ان يديم علينا نعمه، وان يوزعنا شكرها، والحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كما تناول الدكتور فهد بن عبدالله السماري أمين عام دارة الملك عبدالعزيز كلمة دونها في الكتاب عن بداية هذا الإصدار فقال:
لقد بدأت فكرة هذا الاصدار عندما كنت في زيارة للولايات المتحدة الأمريكية 1996م وتعرفت على رابطة أبناء العاملين الأمريكيين في شركة أرامكو بالمملكة العربية السعودية عن طريق الصدفة، ومقرها ولاية تكساس بالولايات المتحدة الأمريكية ورئيسها الدكتور مايكل كروكر.
وأثناء الحديث مع الدكتور كروكر اقترحت العمل على إنجاز مشروع مشترك يتضمن الاتصال بأعضاء الرابطة وتسجيل انطباعاتهم ومشاعرهم أثناء اقامتهم في المملكة العربية السعودية، وتوثيقها حتى تبلورت هذه الفكرة واصبحت حقيقة واقعة حيث لم يمض وقت طويل على طرح الفكرة حتى وصل العديد من الانطباعات عبر البريد الالكتروني بالانترنت، وهي تحمل الكثير من المعلومات والمشاعر بكل تجرد وصدق لتأتي توجيهات سمو الأمير سلمان الكريمة تنفيذ هذا المشروع المهم.
وبجمع هذه الكتابات الصادقة والنابعة من مشاعر حميمة رأت دارة الملك عبدالعزيز بتوجيهات من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، رئيس مجلس ادارتها، اصدارها في كتاب خاص، لما تحمله من رصد لأمثلة كثيرة على مشاهدات عدد من اولئك الذين سبق ان عملوا وعاشوا بالمملكة، ولما تتضمنه تلك الانطباعات من ابراز لحقيقة المجتمع السعودي من خلال عيون الآخرين الذين وجدوا فيه الشموخ في مبادئه وعاداته وتقاليده, والحفاوة وكرم الضيافة وحسن التعامل.
وتتميز هذه الانطباعات بصدقها وإحساسها العميق بالرابطة مع الأرض والشعب والمجتمع رغم اختلاف تقاليده وعاداته, وتدل هذه المشاعر التي ترجمها هؤلاء الأصدقاء على قدرة المجتمع على التعايش ما دام قد وجد الاحترام المتبادل والفهم الصحيح لما لدى الآخر من مبادىء ورؤى.
لقد أثبتت تجربة شركة أرامكو في المملكة العربية السعودية عن حكمة القيادة وروعة التعامل من لدن أفراد المجتمع السعودي مع الضيوف الذين قدموا للعمل ولم يكن لوجودهم آثار سلبية، بل حدث العكس مثلما يذكره هؤلاء الأصدقاء الذين تأثروا بالمجتمع السعودي ومبادئه العظيمة ولا يزالون الى اليوم يحملون في قلوبهم كل تقدير واحترام للمملكة العربية السعودية ولقادتها وشعبها، بل ويعدون أنفسهم جزءا من المملكة بشكل عميق وحقيقي,ويسر دارة الملك عبدالعزيز ان تتبنى مثل هذا الاصدار النابع من قلوب أناس عاشوا بالمملكة العربية السعودية واطلعوا على مكامنها الحقيقية، وجاءت كلماتهم تنبض بالتقدير والاعجاب، وان تتقدم بالشكر والتقدير لصاحب السمو الملكي الامير سلمان بن عبدالعزيز، رئيس مجلس الادارة عن دعمه لهذا الاصدار من منطلق رعايته للصداقة وللأصدقاء، والشكر موصول للدكتور مايكل كروكر على جهوده في جمع مادة هذا الكتاب.
ولا يسعني الا ان أتقدم أيضا بالشكر لكل من أسهم في اصدار هذا الكتاب بدءا بأولئك الذين شاركوا بانطباعاتهم ومشاعرهم، ولرابطة أبناء العاملين الأمريكيين في شركة أرامكو بالمملكة العربية السعودية.
برنامج حافل لوفد أبناء قدامى الموظفين بأرامكو
كان برنامج يوم أمس برنامجا حافلا لزيارة وفد أبناء قدامى موظفي شركة أرامكو الذي يزور المملكة هذه الأيام بدعوة كريمة من صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض ورئيس مجلس دارة الملك عبدالعزيز.
حيث تخلل زياراتهم أمس التشرف بالسلام على سمو ولي العهد ثم زيارة بعض المعالم والمرافق في محافظة جدة حيث شملت الزيارة زيارة بيت نصيف ثم جدة القديمة، ثم جولة في الأسواق.
كما قام الوفد بزيارة لمنطقة عسير يرافقهم الأستاذ خالد الناصر من دارة الملك عبدالعزيز الذي مثل الدارة خير تمثيل وقام بماهو مطلوب في مثل هذه المناسبات الكبيرة.
وتخللت زيارة الوفد الى منطقة عسير زيارة الجبل الأخضر ثم استخدموا التلفريك ثم زاروا السودة.
وقد عبر وفد أبناء قدامى موظفي شركة أرامكو عن شكرهم وتقديرهم على ما لقيه من حفاوة وكرم ضيافة وحسن استقبال.
ذكرياتنا مع الملك عبدالعزيز
ماذا قال هؤلاء الذين عاشوا مع الملك عبدالعزيز والبعض ولد في المملكة وترعرع فيها من خلال هذه الكلمات الصادقة عن الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- والفترة التي قضوها في المملكة كانت كلها أمن وأمان وسعادة ومن خلال هذه الكلمات لمن عاش في المملكة يتضح مدى ما يجده الزائر لهذه البلاد من الحفاوة والمحبة من رجل قائد محنك.
سفر لتحسين الأوضاع
أشد الأيام أهمية في حياتي كان في نوفمبر 1950م، حيث نزلت من طائرة تابعة لأرامكو ووضعت أقدامي في الأراضي السعودية، وسرت اولى خطواتي في الظهران بوصفي موظفا جديدا بأرامكو كنت من أصغر الموظفين الجدد, كنت أقوم بزيارات موسمية لعدة أماكن من العالم، وقد قضيت فترات متقطعة في أماكن حافلة بالجديد في مختلف البلدان، وكان لزيارتي القصيرة للجزائر أثرها الكبير في اتصالي وشغفي بالثقافة العربية، وأيقنت ان المملكة العربية السعودية ستمنحني فرصة ان أبدأ حياة حافلة بالانجازات وهي فرصة لا تعوض, بدأ تعرفي بالشخصيات السعودية على المستوى المحلي عندما عرفوني بشقيق الأمير جلوي أمير منطقتنا ليعمل معي كمساعد للاحلال, كان اسمه راشد، كان شابا طويلا أسمر اللون، رخيم الصوت مليئا بالمرح بصورة مدهشة, كانت عربيتي في هذه الفترة أحسن بكثير من انجليزيته، وكان هذا دافعا لراشد ان يطور لغته, وما تطور حقا هو هذا الفهم المشترك وعمق الصلة بيننا نما بيننا احترام متبادل خلال جو من الفكاهة والمرح, كان من المقرر عام 1953م ان يقوم الملك سعود بزيارته السنوية المعتادة متفقدا مناطق المملكة كافة, وكان هذا التقليد يرجع الى عهد والده المؤسس الملك عبدالعزيز، وكانت الزيارات تتم عادة في الشهور الباردة بعد انقضاء أزمنة الصيف الحار وأرهقها في العمل الدؤوب, وتم اختياري ضمن آخرين في مجموعة مساعدة لإقامة أمسية ترفيهية، واتسمت المجموعة باللطف والكياسة، وكان الموقع المقترح لاقامة المناسبة قد أصبح سيىء التجهيزات مع مرور وقت طويل لم يشهد خلالها مناسبة, وكان في خاطري منطقة صحراوية بين أبقيق والهفوف, لذا يجب علي ان اعمل بسرعة لتهيئة المكان, خرج معي عدد قليل من العمال لتفقد الموقع، وفي ذات صباح قدت سيارتي أبحث عن شاحنة من أرامكو للامدادات، وصادفت في ذلك الطريق الوعر أحد أبناء القبائل مع زوجته وأطفاله الثلاثة, كانت السيارة التي يقودها من نوع بيك أب تقف على جانب الطريق، وكان الجميع يقفون قربها, كان أحد اطاراتها معطلا، ولم يكن لديه اطار احتياطي، توقفت بالقرب منه وظهر انه انزعج فحييته بالعبارات العربية المعتادة غادرته وأنا أحمل اطار سيارته بينما اتخذ هو موقعا بالقرب من سيارته المعطلة, وأكدت له انني سأعود باطار العجلة بعد ان يتم اصلاح عطبه وملئه، وبمساعدة صديقي عبدالكريم تم اصلاح الاطار, وعندما اعدناه في صبيحة الغد لذلك المواطن الذي وجدته على الطريق كان اللقاء عبارة عن تجربة مؤثرة وواعدة, في ليلة المناسبة تجمع الآلاف من أتباع الملك المخلصين من المناطق البعيدة جاءوا لهذه المناسبة المهمة, ارتدوا أفخر ثيابهم وقد امتشقوا السلاح على الملابس المبهرجة كنا نشهد ما لم يشهده الا القلة من الغرباء, دب النشاط والابتهاج حيث تناهى الى الأسماع أصوات العرضة التي لا مثيل لها، حيث اصبحت مزيجابين هدير الهتاف بالتحية من الحضور وانفجار طلقات المدافع التي عاد رجع صداها فغمر المكان، ثم انداح في الهواء الطلق؟ لقد وصل صاحب الجلالة الملك سعود وبعد وصول صاحب الجلالة الملك سعود، وعقب بروتوكولات الاستقبال جلس على المنصة في كرسي واسع كبير محاطا بمقاعد للشخصيات، وغطيت المنصة بسجاد محلي رفيع كان الحضور متجها نحو مكة، وما على الملك والشخصيات الرسمية من حوله سوى الاستدارة حتى يواجهوا مكة ايضا فيؤم الملك رعاياه عندها ان صلاة المسلمين بسيطة خالية من الأيقونات والزخارف، حيث يتوجه الجميع الى خالقهم دون تكلف ان تلك السنوات الباكرة في أرامكو منحتني خطواتي الاولى للحياة العملية على قاعدة صلبة واعتمدتني عضوا في الحياة الدولية التي أردت ان مثل هذه الفرصة عظيمة ولحسن الحظ وجدت نفسي في المملكة العربية السعودية انا جئت هنا لأشهد الكرم العربي الذي يعد منبعا أصيلا للاحترام الذي يجب ان يشهد به العالم رحم الله: الملك سعود والى تابعيه أقول: شكرا للمملكة العربية السعودية.
بيل كالاهان 1950 - 1970م
***
رجل شعبي
كنت صغيرا جدا فلم احظ بمقابلة الملك شخصيا ولكن والدي ذكر لي هذه الحكاية حيث انه قابل الملك عندما جاء الى الظهران كان مجتمع الظهران في الأربعينات صغيرا ولذا كانت ادارته سهلة.
وكان هنالك موظف ضمن مجموعة الأمريكيين نسيت اسمه وما يلفت الانتباه في ذلك الشخص هو لحيته الطويلة السوداء الكثة التي اطلقها خلال تعاقده في المملكة العربية السعودية وعندما جاء دور الموظف ليحيي الملك تقدم واستعد لتقديم تحياته وتوقيره لجلالته ولكن قبل ان ينطق بكلمة وقف الملك فجأة وتقدم نحو ذلك الشخص وأدخل أصابعه في لحيته وهو يهتف بصوت ملكي سمعه الجميع والله هذه لحية جيدة من منا يمكنه ان يقول ان الملك ليس رجلا شعبيا؟
جاري بارنيس 1947 1977م
***
ذكريات حلوة
في ذات صباح في مطلع الخمسينات وأنا أتوجه نحو مدرستي بمدينة الظهران وبالقرب من حوض السباحة جرى نحوي عدد من صديقاتي زميلات الدراسة وأخبرتني ان السيد أوكونور سيقوم بمخاطبة الطلاب قبل دخولهم الى الفصول، وربما يسمحون لنا اليوم بالخروج مبكرا, وحدث ما قالته زميلاتي اذ خرج مدير مدرستنا السيد اوكونور الى ساحة المدرسة وتجمعنا للاستماع اليه، فقال لنا: أيها التلاميذ: علمت للتو ان صاحب الجلالة الملك سعود سيزور الظهران, وستتم دعوة طلاب الثانوية لمقابلته في حفل شاي بعد الدراسة يوم الأربعاء، ونظرنا أنا وأصدقائي الى بعضنا بعضا بفرح وارتسم فرحنا في ابتسامات كبيرة.
وفي البيت ونحن على العشاء في ذلك المساء أخبرت والدي بالخبر السار, وابتسم، وقال: ألم تلاحظ انهم يرممون البيت الذي خلف سكننا؟ انهم يعدونه ليكون منزل ضيافة لبعض حاشية الملك، وبذا يمكننا رؤية العديد من رجال الملك هنا, ذهبت بعد العشاء لأنظر الى البيت خلف منزلنا الذي اشار اليه والدي ورأيتهم بالفعل يصلحون المنزل الذي عبر الشارع ويقومون بطلائه، وبالطبع كنت آمل أن ينزل الملك نفسه في ذلك البيت، ولكنني علمت انه سينزل في منزل ضيافة آخر مخصص للشخصيات الكبيرة, وفي يوم لقاء الملك لبست أفضل فستان عندي مع الغطاء, كنت مليئة بالفرح والانفعال حتى إنني لم استطع التركيز في دروس ذلك اليوم، وعندما قرع الجرس بنهاية الحصص، انتظمنا جميعا في صفوف حسب الفصول، وسرنا في طابور طويل من المدرسة الى بيت الضيافة الكبير، حيث ينزل الملك.
وعندما وصلنا رأينا موائد طويلة وفوقها اواني الشاي وقطع الكيك والفطائر التي جلبت من الظهران من أرقى محلات المأكولات بها كانت هنالك خيمة كبيرة منصوبة على العشب الأخضر، حيث يجلس داخلها جلالة الملك وأعضاء العائلة المالكة الموقرين.
وطلب منا السيد فريد دافيس رئيس شركة أرامكو ان نحيي الملك ومن الصور التي شاهدناها سابقا عرفنا جميعا من يكون الملك بين الجلوس الكرام, كان يرتدي الشماغ ذا اللونين الاحمر والأبيض والنظارة الشمسية التي يلبسها دائما كان يبدو حانيا.
وقف الجميع وصفقوا له لمدة طويلة ثم تلا ذلك كلمات ترحيب تمت ترجمتها للعربية ظللت أنظر الى جلالة الملك سعود بن الرجل العظيم الذي وحد المملكة العربية السعودية، وسمح لنا نحن الأمريكيين بالحضور الى المملكة العربية السعودية المدهشة المليئة بالجديد, كان الملك يجلس على كرسيه وعلى وجهه ترتسم نظرة رضا وهو محاط بالناس الذين يعملون في بلده, وعندما طلب منا ان نتقدم نحن الطلاب لنصافح الملك، أمر جلالة الملك بأن يحضر له الكرتون الكبير فأحضر ووضع بالقرب منه، وبعد ان صافحنا بحرارة، أعطى كل واحد منا علبة معدنية من حلويات الكرامل الانجليزية انها ذكرى حلوة عن كل السنوات المدهشة السعيدة التي قضيتها في المملكة العربية السعودية، وعن اليوم غير الاعتيادي، حيث أتيحت لي الفرصة لأن أصافح الملك.
ديان ماكوود ناولاند 1950 - 1960م
***
ابتسامة جد
أول وآخر انطباع لي يرد في الذاكرة عن المملكة العربية السعودية هو الحرارة, انها حرارة لا تشبه أي شيء مماثل عرفته سابقا أو صادفته من بعد, ان الحرارة شديدة للدرجة التي يخيل للمرء فيها انه يمشي في فرن ذي تيار هوائي ساخن, ولكن تلك الحرارة ليست مزعجة اطلاقا أنا أعلم ان لدينا مكيفات هواء في كل مكان ولكنني لا أذكر أنني كنت منزعجا من تلك الحرارة وبمجرد ان نرجع من الاجازة وفي اللحظة التي نكون فيها في طائرة أرامكو نكون في وطن آخر نحبه, وعندما نخطو خارج الطائرة نعانق الحرارة فنشعر انها تنزل علينا بردا وسلاما.
أول مرة رأيت فيها الملك كانت ربما في أواخر عام 1950م وبالطبع لم نحظ بالحديث معه,
وأعتقد انه أطول شخص رأيته في حياتي ولديه ابتسامة دافئة ومشجعة انها مثل ابتسامة جدي حين تغمر جسدي.
لا أذكر انني كنت أخاف من الذهاب الى أي مكان في أي وقت من النهار, وكان سائقو سيارات الأجرة والحافلات يعملون على إيصالنا للجهات التي نريدها بكل دقة وأمان لا أذكر اننا كنا نغلق أبواب منازلنا لقد كنا نشعر وكأننا عائلة واحدة.
ماري لويس روهويدل لونج 1949 - 1970م
***
الهدية
في أحد أيام ابريل، وأعتقد ان ذلك كان عام 1959م سافر والدي ووالدتي واصطحباني معهما الى أحد مواقع عمل الوالد النائية, كانت الشركة تشيد مدرسة تقع على مسافة ساعتين عن المنطقة التي نعيش فيها وكان والدي هو المشرف على المشروع, كان اسم المدينة هو الهفوف، ويقال إنها واحدة من أقدم المدن التي ظهرت في العالم, كان من المتوقع ان يصل الملك الى هذه المدينة في زيارة لمدة يومين لحضور الاحتفالات، وبما أن والدي كان هو المشرف المسؤول عن بناء المدرسة, فقد كان يلقى تقديرا عاليا من المواطنين, وقد تمت دعوتنا لوليمة فاخرة أقامتها احدى العائلات على شرفنا وبعدها أوصلونا الى المدينة بسيارتهم وفي أثناء الطريق وقبل وصولنا مررنا ببوابة علقت فوقها مظلة تحفها الاعلام السعودية المميزة, وقال لنا الأشخاص الذين استضافونا ان الملك بنفسه سيمر عبر هذه البوابة بعد عدة أيام وسوف يمنح الملك هذه الأعلام للأشخاص الذين يرغب في أن يشرفهم, أذكر أنني علقت على تلك الأعلام بانها جميلة, وبعد مدة وصلنا وودعنا مضيفنا، كان يوما ممتعا قضيناه مع أشخاص يختلف أسلوب حياتهم كليا عن أسلوبنا.
وبعد انقضاء عدة أسابيع جاء والدي في احدى فترات الظهيرة وفي يده مغلف وقال: إنه لي وتملكني حب استطلاع حتى إنني وددت لو أمزق الغلاف تمزيقا وسرعان ما تكشف لي ذلك عن علم مشابه للأعلام التي كانت تخفق في السماء فوق البوابة التي مررنا عبرها بالهفوف وسألت والدي بدهشة.
كيف حصلت على علم كهذا؟
الملك أرسله لي.
الملك ارسله لك.
قال والدي:
أصدقاؤنا ذكروا له كيف أنك أعجبت بالأعلام، وكيف أنك تستحقين علما.
سمعت طوال الوقت الذي عشنا فيه في المملكة العربية السعودية قصصا جميلة عن الملك وكطفلة أمريكية، فان ادراكي كان محدودا عن قوته، لكنني أعرف انه بذل اهتماما ملحوظا للسهر على حياتنا ورعايتنا عندما كنا في بلاده.
كنت خائفة منه في الحقيقة وبعد هدية العلم أصبحت كطفلة انظر الى الأمر من زاوية مختلفة فما دام قد أظهر مثل هذا العطف على فتاة صغيرة لم يرها أبدا فانه ليس مخيفا، وأدركت انني مهمة مثل الآخرين ما دام الملك قد اهتم بي على هذا النحو.
وانظر الآن الى تلك الواقعة بعقل شخص راشد انني لا أعرف ان كان الملك قد أرسل ذلك العلم أو أنه كان يعني به والدي، ولكنني أعلم أنه كان حقيقة أحد الأعلام التي مر الملك بها في الهفوف ان ذلك العلم يحظى بالمكانة الذي يليق به من الشرف في منزلي الى الآن.
دانيل دانو نزيو 1948 - 1969م
***
السمو اللطيف
قابلت الملك سعود عندما كنت ربما في السادسة من عمري كان هنالك استعراض رائع يتكون من سيارات وشاحنات كبيرة أيضا وكان هنالك جنود يمشون في مارشات عسكرية منتظمة أيضا، وبعض الجنود يقفون على شاحنات يرتدون القبعات العسكرية المميزة وتزين سواعدهم ملابسهم ذات علامات الصقر, ويبدو لي ان هناك فرقة موسيقية عسكرية مصاحبة لهؤلاء الجنود, كنت واقفة في صف انتظر الملك عبدالعزيز, وعندما حان دوري نظرت اليه فوجدته يرتدي عباءة بنية حوافها ذهبية اللون كان شخصا كبيرا وطويلا مثل أبي الذي كان طوله خمسة أقدام وست بوصات، ولكن الملك بدا لي أطول وأكبر وأكثر ضخامة, مس الملك كتفي ثم أعطاني علبة حلوى مزخرفة كانت عيناه حانيتين مثل جدي كانت كفاه كبيرتين قياسا بكفي لكنهما رقيقتان وبدا لي حين مس كتفي انه لم يلمسه على الاطلاق.
مرت السنوات وكنت دائما اتساءل لماذا كان الملك سعود يقابل هذا الجمع الذي لا نهاية له من الأطفال الأمريكيين الذين تنضح طفولتهم بشقاوة الطفولة هل كان يباركنا؟ هل كان يصنع أصدقاء لمستقبل المملكة؟ ام أنه كان يرينا أنه ليس هناك شيء مما نخافه في وطننا الجديد؟ أم أنه كان يصنع بفعله هذا من نفسه نموذجا يحتذى لشعبه؟
***
حس المرح
كنت ضمن أول خمس نساء أمريكيات يصلن الى المملكة كان ذلك عام 1946م وأذكر جيدا ان سموم الحر لفحتني أول ما نزلت من سلم الطائرة حينها قلت لنفسي لقد وجدت المكان الذي يروقني، عسى ان أرتاح من البرد والصقيع كانت معاملتنا كأول نساء أمريكيات نصل الى هناك معاملة كريمة وقدموا بنا الى الظهران التي كان بها أفضل خدمات وسكن في وحدات منظمة ومريحة وافق الملك عبدالعزيز على زيارتنا عندما يأتي الى الظهران, وصل الملك عبدالعزيز الى الظهران وأقام معسكره المؤقت بالقرب من ميادين التنس وذهبنا لمقابلته وكان يجلس على كرسي جميل, لم نكن نعرف هل علينا ان نرتدي قفازات أم لا ولم يكن لدينا أي منها, وقام أحدهم من متاجر أرامكو بتزويدنا بزوج من القفازات البيضاء لكل واحدة منا في الليلة قبل ذهابنا الى هناك.
كان الملك عبدالعزيز شخصا رائعا, كان طويلا ووسيما, عندما تكلم فكانما حمل الهواء صوته عبر الساحة كلها, كان صوته رخيما لكنه صوت مليء بالحزم والسلطة, كانت كلمته نافذة كنت شقراء الشعر في ذلك الوقت، وكان شعري مغطى بغطاء الرأس أذكر الى هذا اليوم الابتسامة الكبيرة والإحساس الكبير بالدفء والحماية النابعة من الملك الذي ذكروا لي انه كان رجل حرب عظيم, لقد أعطاني في ذلك اللقاء عقدا من اللؤلؤ وما زال العقد معي, وما زلت أشعر بقوة كلما وضعت العقد حول عنقي.
كان برنامج ذلك اليوم حافلا مليئا بالتفاصيل وقد وضع مدفع صغير أمام المعسكر لإطلاق قذائف تشريفية للملك، وعندما حان وقت الاطلاق حدث شيء طريف، اطلقوا نيران المدفع ولكن قذيفة المدفع انطلقت لحوالي عشرين قدما وسمع الجميع بعد ذلك صوت ارتطام القذيفة بالأرض دون ان تنفجر وكنت أعلم ان الفزع تملك الجنود لكون خطأ ما قد حدث وربما تكون العواقب وخيمة، ووجم الجميع، وعم هدوء تام لترقب ما سيحدث وفجأة بدأ الملك يضحك بصوت عال وتملكه الضحك حتى ضحكنا كلنا معه، وهكذا امتص الملك فزع الجميع بضحكته العامرة.
في أيامنا تلك بدأت مشكلة فلسطين، وكان العديد من السكان يلومون أرامكو ويلوموننا نحن الأمريكان بسبب فلسطين, وأصدر الملك قرارا يقول: ان الأمريكان في أرضنا هم ضيوفي، ويجب معاملتهم بناء على ذلك , وبذا لم تعد هناك مشكلات في أي مكان في المملكة.
غادرت المملكة نهائيا عام 1955م بعد عامين من رحيل ذلك الانسان العظيم عن دنيانا، وما زلت أشعر بالمملكة العربية السعودية وأفتقدها، لقد أحببت ذلك البلد وأناسه وحتى هذا التاريخ ما زلت اعدها بلدي.
كارول دو بريست هوج 1946 - 1955م
***
ضيافة ملكية
ينوي السفر في رحلة خاصة, أخبرني ساعتها انه سيسافر الى الرياض ليعمل في وحدات التكييف في قصر الملك لم أقدر الأمر حق قدره وقتها، ولكن فيما بعد اتخذت هذه القصة شكلا آخر.
وما علمته لاحقا ان الملك كان في قصره عندما وصل والدي وصدرت التعليمات بمعاملة ضيوف الظهران كضيوف خاصين واعدت لنا أفضل أجنحة الضيافة بالقصر وكانت مراوح السقف والنوافذ المفتوحة قد جعلت الغرف مريحة جدا في ليالي المنطقة الوسطى ذات الهواء البارد الجاف وصف لي والدي وصفا ممتعا عن الكرم والحفاوة في وجباتهم كان الافطار يتكون من القهوة أو الشاي ومختلف انواع الفطائر اما وجبات الغداء والعشاء فكانت عبارة عن ولائم كان الطعام يقدم بصورة جميلة وبخدمة سفرجي لكل ضيف, وكان القائمون على الخدمة يتأكدون من ان طلباتنا جميعا تلبى على الفور.
وذكر والدي ان كل واحد منهم منح خمسة جنيهات اضافية نظير المشقة في عملهم الذي يتلخص في اجراء التركيبات والصعود الى حيطان القصر وتركيب نظم التكييف، ان الحفاوة والكرم والعناية الفائقة براحة الضيوف والزوار هي تقاليد معروفة جيدا عن السعوديين، وكانت ماثلة للعيان بكثافة في ايام زيارة والدي للقصر، وقد جرت عنها احاديث باستفاضة في بيتنا بعد ان رجع الينا في الظهران.
ويجدر بي ان اقول: ان اعداد المتطوعين بالذهاب للرياض لقصر الملك بعد تجربة والدي هذه قد تزايدت.
تافي ساندين 1949 - 1965م
***
مشاهدات طفلة
بدأت رحلتي للمملكة العربية السعودية قبل مدة طويلة منذ الوقت الذي بدأت فيه ادرك وأقدر الجمال الهائل والأسرار العميقة التي تكتنف هذه الأرض الضاربة في القدم، كان ما يبدو للآخرين غريباً يمر عبر عيني وأنا طفلة فأراه طبيعياً ومريحاً، وفي الواقع كنت أشعر بأنني في وطني, ومع مرور السنوات تحول كل ذلك إلى حلم مدهش، مثل ذلك أزهى فترات حياتي, ساعدني والدي على التذكر فلقد حظيت بمشاهدة الملك سعود في سبتمبر عام 1954م كنت أبلغ من العمر ثلاث سنوات وأملك ما يساعدني على التذكر إنها صورة فوتوغرافية عن الحدث، زار الملك سعود الظهران، وكان محاطاً بالأمراء ورجال الدولة والحرس ومنسوبي أرامكو.
وعندما أنظر في الصورة أحس بالجو الدافئ والبهجة في عيون الناس الذين تجمهروا حوله, كان الملك سعود في وسط الصورة يبدو حازماً في مظهره.
كنت صغيرة جداً ضئيلة الحجم وقتها، واستطعت أن أمر من خلال صفوف الحرس الطوال القامة وأن أقدم بسرعة باقة من الزهور للملك، وعندما انحنى إلى الأسفل لاستلام الباقة أبعدت الزهور وراء ظهري، وانفرجت أسارير الملك المهيب في ابتسامة للموقف.
أما الآن فلا أستطيع أن أتقدم من الملك أو أية شخصية في مقامه دون دعوة، وسأكون بكل تأكيد مبتعدة ومحتفظة بمسافة معقولة,
ولكن يا لتلك اللحظة التي قدمت فيها باقة الزهور بتلك الطريقة الطفولية, إنها لحظة عظيمة لا تنسى ردمت الفجوة بين القوي المهاب والصغير الضعيف.
لقد احتفظت بهذه الصورة الفوتوغرافية مكبرة تزين صالون بيتنا طوال هذه السنين حتى الآن, وكان الأصدقاء والأقارب ينظرون إليها، ويلاحظون محتواها غير العادي ويبتسمون عندما يسمعون القصة, إنها تذكرني بزمن كان فيه الأشخاص العاديون أمثالي قد أتيحت لهم فرصة عظيمة صادفوا خلالها أشياء غير عادية عندما كان العالم صغيراً في خيالاتنا كأحداث، ومليئاً بالوعود.
كارلا وودكوك 1954 -1966م
***
موكب ملك
كنت فتى في الخامسة عشرة من عمري عندما جئت إلى شوارع جدة من ذلك الجزء الممطر في الولايات المتحدة الذي يقع في المنطقة الشمالية الغربية على المحيط الهادي, كان حضوري للمملكة عام 1952م، وكنت في حالة دهشة لاختلاف أنماط الحياة بين بلدينا, كنت سعيداً ألتقط في شوارع جدة كل صوت أو منظر أو رائحة,, كل شيء كان بالنسبة لي بمثابة مغامرة مدهشة, ولكن الحادث الذي انحصر في ذاكرتي إلى اليوم حدث في الأسابيع الأولى من قدومي لجدة خلال عهد الملك عبدالعزيز, لم أشهد في حياتي قبل أو بعد هذا مثل ذلك المطر الذي شهدته في ذلك الصيف.
انشغلت في أيامي بجدة بتعلم اللغة العربية وعادات الناس هناك، وكنت سعيداً أن حققت بعض النجاحات مما حدا بي للإكثار من الذهاب للسوق مستمتعاً بذلك كله, وكان أصحاب المتاجر والمحلات يساعدونني في التحدث بالعربية بكل مودة.
ولذلك فهمت بعض الكلمات التي سمعتها في الشارع الذي توجد به شقتنا, كانت كلمات مثيرة للدهشة وظهر في شارعنا صداها مثل إعصار عاصف: الملك عبدالعزيز سوف يجيء عبر طريق مكة الرئيس, انه الشارع نفسه الذي يمر أمام مسكننا, فتحت نوافذ بيتنا وانحنيت لأشاهد ورأيت موكباً من سيارات الكاديلاك السوداء يتجه نحونا ببطء, وكان الجمهور قد احتشد على كلا جانبي الطريق، وبدا من بعيد مثل أشرطة زينة معلقة في الهواء على الرصيفين، وكان الجميع يهتفون ويتدافعون ويلوحون، ويحاول كل واحد منهم أن يلقي نظرة على الملك لدى مروره.
جريت نحو الشرفة من أجل الرؤية ولدهشتي توقف موكب السيارات أمام العمارة التي نسكنها تماماً، ثم خرج شخص متوسط القامة وفتح صندوقاً، وبدأ يوزع جنيهات ذهبية من صندوق خزانة الملك عبدالعزيز على بعض المواطنين.
قررت أن أنضم إلى الجمهور المحتشد، وهرعت بعجلة شديدة أسفل الدرج إلى خارج العمارة في اللحظة نفسها التي تحرك فيها موكب السيارات، وكان القليل من الجمهور ما زال موجوداً أملاً في أن يحصل على احدى تلك العملات الذهبية, ولكن كان بديهياً أنه لم يبق شيء من تلك الجنيهات لذلك اليوم, وجرى معظم الناس خلف الكاديلاك آملين أن يقف الملك مرة أخرى ويكرر المشهد, أنا لم أفعل كما فعلوا لكنني في تلك الساعة أدركت إنني أشهد حادثة نادرة لن تتكرر,, وشعرت بغبطة أنني كنت جزءاً منها, وبالنسبة لي كفتي في الخامسة عشرة,, كنت أعلم أن هذا مما يفعله الملوك الحقيقيون,, هذا هو الملك عبدالعزيز آل سعود.
جاك سومر 1952 - 1955م
***
نهاية عهد
عشت في المملكة العربية السعودية في الفترة من عام 1950 إلى عام 1956م من عمر 9 إلى 15 سنة ، وكان والدي رالف أوجدين يعمل محاسباً ويسافر بين جدة والرياض، حيث كان لديه أعمال ينفذها مع رجال البنوك السعوديين والمسؤولين الحكوميين.
وحدث أن زار الملك عبدالعزيز الظهران بعد مدة وجيزة لوصولنا واستقبل المواطنين والزوار ممن كانوا يودون مقابلته, كان يجلس في الفناء المرصوف ويرتدي الملابس التقليدية، الشماغ الأحمر والأبيض وعباءة بنية, زي الملك بسيط ولكن حضوره ومظهره مهيب وفخم، كان الملك عالي الطلعة جليلاً، وقد تركت معاركه في لهيب الصحراء بصمات خفيفة على وجهه، أنا في تلك السن (10 أو 11 سنة) كانت تدهشني الحياة الملوكية كما أسمع عنها فما بالكم بي حين أقابل الملك نفسه, وزار سمو ولي العهد الظهران أيضاً، وارتفعت الأعلام ترفرف شاهقة للترحاب به وصدحت موسيقا الفرق العسكرية.
ونصبت الخيام حول بيت الضيافة لمجموعة من الناس بملابسهم التقليدية المميزة وهم يربطون حولهم سيوفا ضخاما وخناجر, وبالرغم من هذه الصرامة فلم يكونوا خطرين على الاطلاق، كانوا ودودين يقفون معنا لالتقاط الصور، ويجيبون عن مختلف الأسئلة.
وهم ربما يتملكهم حب الاستطلاع، ويريدون أن يتعرفوا علينا كما كنا نحن نرغب في الشيء نفسه بالنسبة لهم، وعقد اجتماع مدرسي على شرف ولي العهد، نذكر بوضوح اليوم الذي مات فيه الملك، كان يبدو مثل اليوم الذي مات فيه جون كينيدي,
لم يمر وقت طويل بعد زيارته لنا حتى توفي, كنت أتذكر أن الهواء كان ساكناً ومخيفاً في ذلك اليوم كأنه الهواء الساكن الذي يسبق العاصفة.
وأطلقوا سراحنا من المدرسة، ووجدت نفسي عند ساحة بيت الضيافة مع بعض الصديقات,
نظرنا إلى السماء فرأينا نسوراً تحوم فوق رؤوسنا، وعلمنا أن ثمة شيء جلل حدث، الآن أتذكر لقد كان نهاية عهد، هنالك شيء يذكرني بالملك عبدالعزيز هو زوج من الأقراط الذهبية الجميلة المحلاة بالماس والياقوت، اشتراه والدي من صائغ جوهرجي بالرياض وقدمه هدية لوالدتي، ولاشك أن الملك كان قد اشترى أزواجاً من هذه الأقراط لزوجاته وهذا الزوج الذي اشتراه والدي هو ما تبقى من الأقراط، إن تجربة العيش في المملكة ونحن أطفال شكلتني بحيث أصبحت أنا هو ما أنا عليه وشكلت رؤيتي للعالم بثقافاته المتنوعةأشعر بأنني محظوظة لحضوري ومشاهدتي تحولات بلد يخرج من مجتمع تقليدي إلى القرن العشرين، وكان الملك عبدالعزيز هو الشخص الذي قاد الركب في الطريق إلى ما تم انجازه.
كاثرين أوجدين ويليامز 1950 -1956م
|
|
|
|
|