| مقـالات
العقل يرفض تسخير الدين كمخلب قط لتحقيق أغراض سياسية، وهو ضد إثارة القضايا الخاصة على المستوى العام بهدف بلبلة الناس، وأن يتدنى الرأي (الآخر) من مقارعة الحجة بالحجة الى مستنقع الاستفزاز والتهديد بالعنف، ويتيح للمغرضين ان يندسوا بين الصفوف بالفتنة التي تهدد الأخضر واليابس وتزلزل أمن المجتمع واستقراره.
وقد تابعنا الاحداث (المؤسفة) التي جرت مؤخرا في مصر الشقيقة حول رواية حيدر حيدر وما فجرته من تداعيات كادت تطول لحمة المجتمع ذاته لولا لطف الله.
وسمعنا وقرأنا حوارات أطراف القضية التي اخذت حجما اكبر كثيرا مما تستحق وقد يعيدنا هذا الى رأي سابق في كتاب سلمان رشدي الذي كان لملاحقته وإهدار دمه ورصد الملايين لقتله أثر كبير في بث دعاية هائلة، وما كان الكتاب لينالها لو اكتفينا بمفكر مسلم يرد بكتاب دامغ على الكتاب الحقير وبذلك تنتهي المشكلة ويظل الكتاب المنبوذ قابعا في طي النسيان.
وحسنا فعلت الحكومة المصرية ممثلة في وزارة الثقافة التي شكلت لجنة علمية لدراسة الرواية (المشبوهة) فقدمت تقريرها وأحالته الحكومة ممثلة في رئيس وزرائها الى شيخ الأزهر وأحاله فضيلته بدوره الى لجنة (شرعية) لإبداء الرأي.
وقد وقعت صورة التقرير في يدي,, واطلعت على التبريرات التي قدمتها اللجنة لما جاء به الكتاب من عبارات سافرة، وقولهم بأن هذا يأتي على سبيل الدعابة وروح الفكاهة,, ولا يتصور صاحب عقيدة سماوية سواء أكان مسلما أو مسيحيا او يهوديا ان الدعابة والفكاهة مسموح بهما مع الخالق جل وعلا؟!
وأنا لا أريد أن أسهم في الترويج للكتاب بالمزيد من إيراد فقراته موضوع النزاع لا في سياقها ولا خارجه ولكني أخطاب ضمير اللجنة وهي تضم نخبة من النقاد الكبار يعلمون ان كلمتهم منارة للأمة ,, ومع ذلك حاولوا ان يصنعوا من الشخصيات المتخيلة شماعة تعلق عليها خطايا الرواية وبذاءاتها, وبدوري أسأل: ومن صنع هذه الشخصيات وتخيلها، ثم أنطقها بشيء هو يريد ان يقوله,, أليس هو المؤلف؟! إذن فكيف وأمامكم أكثر من برهان للإدانة تتقاعسون عن أداء واجبكم ببتر عمل فاسق قد يعطب المجتمع بكامله,, لأن تشجيع مثل هذه الأعمال التي تستهين بعزة الخالق وتجترىء على مقدساته يؤدي إلى كارثة عقابية من لدنه سبحانه وتعالى الذي يمهل ولكنه جل وعلا لا يهمل,, وامامكم المثل لمن طحنتهم الحروب الاهلية عقب استشراء الفساد,, (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) الانفال:2.
ومع إدانتنا لهذا اللوم مهما رأى فيه (الآخرون) من إبداع,, فإن السيناريو المقبول البديل للإثارة والعنف هو ان يعالج الموضوع في الجامعة أو مجلس الشعب وإذا ثبت فساد الرواية بالادلة يخاطب وزير الثقافة بإيقاف تداولها,, فالوزير نفسه اعترف بأنه لم يقرأ الرواية إلا بعد إثارة القضية,, وهو امر طبيعي فوزير الثقافة يا سادة كأي وزير في الدنيا لا يمكن ان يقف على كل التفصيلات,, وهو ليس شمسا شارقة ولكنه يعتمد على الادارات المتخصصة,, ويأتي توقيعه خاتما لعدة توقعات تسبقه,, وكان من حقنا ان ننادي لا بعزله فقط بل محاسبته إذا ما أهمل أو امتنع عن تنفيذ التوصية الواردة من الجهة الشرعية المتخصصة جامعة الأزهر أو مشيخته أو من الجهة الشعبية مجلس الشعب.
شاكر سليمان شكوري
|
|
|
|
|