أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 25th May,2000العدد:10101الطبعةالاولـيالخميس 21 ,صفر 1421

الاقتصادية

نجوم الإدارة في العالم الثالث
د, مسعد العطوي
لقد شخص بعض نجوم الإدارة المفكرين أحد امراضها، فأشار الى وصول من ليسوا بأهل الى العمل وتارة الى القيادة العملية بوسائل غير السبل المنهجية والعملية فقال: ان المغرورين يرشحون أنفسهم، أما الرجال ذوو الأهلية الحقة فيؤثرون ان يلتمس قدومهم .
وهذا النص الإداري يفيض بعدد من الدلالات التي تؤدي الى نجاح الإدارة.
فالدلالة الأولى تشير الى ان كل فرد في هذا الكون يسعى الى احتلال مكانة عالية لكن تستوقفنا مسألتان إحداهما مسألة القبول لهذا الإنسان المنطلق وما ضوابط قبوله لهذا العمل والمسألة الثانية: هي السلوك الفردي لبلوغ غايته.
والتدبر في عالمنا الثالث حول قبول المتطلع الى الوظيفية يكشف انه لا يقوم على تأمل عقلي، ولا منهجية علمية تستدعي المعرفة اولا والوعي بها ثانيا والعمل الذي يقوم على عزيمة، وإنما الاختيار تغلب عليه العاطفة الذاتية للمدير المنفذ فانه ينظر في اولئك المتقدمين ثم هو يختار منهم الطائع اللبق المنقاد الوصولي لا المبدع الواثق ومن هنا يبدأ التراكم المنحرف في الإدارة فإن الضعيف لا يختار إلا ضعيفا ومن ثم تؤول الإدارة الى الضعف الذي يحتم المداراة ويجعلها تسود، فإن هؤلاء ليسوا بمبدعين ولا منجزين، وإنما هم يريدون ان يطفئوا حركة الاشتعال والإبداع فإذا بزغ لهم مبدع من حيث لم يحتسبوا فإن المقامع والمطارق تقع على رأسه حتى يستسلم او يُحطم وكلاهما تحطيم.
وقد يظهر هذا الوضع الإداري على دواوين الاستشارة لمثل هذه المؤسسات فإن الرئيس المباشر يختار الأعضاء الاستشاريين فهو ضمن انقيادهم، وهو ايضا يخشى من المبدعين فيبعدهم، من لائحة الاختيار فهو يريد استشاريين مستسلمين لا مفكرين، ومن هنا يقل الإنجاز، وتخسر الشركات، وتضعف المؤسسات.
أما كيف الوصول الفردي الى قلوب الإداريين فإن الأمر لا يعدم العزيمة والقدرة على التفاعل مع المجتمع، وعن طريق العلاقات الاجتماعية المتشابكة، وربما تبادل المصالح الفردية التي تؤول الى مصالح عامة، وهؤلاء أشبه بأهل الثقافة الذين يأخذون من كل فن بطرف فالفرد مثقف عام في وظيفته، ومن ثم يكون إنجازه ليس بالخطأ وليس بالصحيح كاللحم الذي طبخ ولم ينضج، فلم يترك لكي يحفظ، ولم يُكمل طبخه لكي يؤكل, وهذا يندرج على كثير من المؤسسات في بلاد العالم الثالث، لأن الإداريين تنقصهم عملية المنهجية لتقييم العمل، وقدرة المتابعة والدراسة الاستراتيجية له وان وجد الهيكل العام فانه مشحون بالسطحية التي تسببت عن الوضع السابق، فكم من هيئة استشارية كانت نتائجها فادحة الخطر على المؤسسة ونتاجها.
وفي هذا الصراع المادي والاقتصادي الذي يتطلب دقة وسرعة وإبداعا وحسابا ومحاسبة فإن العالم الثالث احوج ما يكون الى نجوم ادارية ليس في المؤسسات الكبرى وحسب وإنما بداية من رئاسة الاقسام وإدارة المدارس، والإعداد للنجومية تكوينا ذهنيا، ووعيا معرفيا وتدريبا إداريا، ومراقبة اجتماعية، وتنافسا شريفا.
فهؤلاء النجوم هم بناة الوطن، فهم يوفرون الأموال، وهم الذين تنافس بهم الأمم والأوطان، وهم الذين يطيلون حياة الأمم, بإذن الله.
والنجوم هؤلاء هم الذين يملكون قدرة الإبداع في التعامل الاجتماعي المعتدل الذي يوازن بين المصالح الذاتية والمصالح الجماعية وهم الذين تذوب ذاتيتهم في سبيل أوطانهم، فهم لا يبنون علاقات ذاتية او صلات اجتماعية او بناء ذاتية ذات جاه بتقريب عنصري او قرابة إنما يتجاوز في ذلك طلبا للافضل عند الله ثم من أجل خدمة الوطن والأمة وهي الأكثر فائدة حتى لأولئك المشفعين من ذوي القرابة.
إن النجومية الإدارية تحمل قيما عليا، لكنها لا ريب تتعرض لصراع مرير من أفراد المؤسسة الذاتيين ومن الحلقة الجهنمية المهيمنين.
ان النجومية الإدارية ضرب من الجهاد النفسي فإننا لا نعدم أمثالا كثيرة من النجوم الإدارية الإسلامية التي جاهدت النفس كعمر بن الخطاب، وخالد بن الوليد، وسعد بن ابي وقاص - رضي الله عنهم - وغيرهم الكثير ولهم اتباعهم الى يومنا هذا.
إن نجوم الإدارة أكثر عائدا وطنيا من نجوم الفن والرياضة بل وسائر الفنون فلنسأل الله أن يرزقنا إدارية تعمل لله ثم للوطن.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved