أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 25th May,2000العدد:10101الطبعةالاولـيالخميس 21 ,صفر 1421

الثقافية

أجنحة الكلام
ثقافتنا بين العالمية والعولمة,,,!
ريما مبارك
لابد أن الذين تحدثوا صدقاً أو مجاملة أو تعزية للنفس عن العالمية التي بلغتها بعض نماذج الإبداع العربية، كانوا يجيلون النظر في التقنية والأسلوب فيها، واضعين في خلفية الذهن نموذجاً للقياس من الأعمال العالمية القديمة التي حققت شهرة تاريخية، أو الحديثة التي تحظى بذيوع لافت من حيث أنها تحقق انتصاراً جديداً في التعامل مع الشكل أو الأداة، وهو ما يعني ان تلك هي نوافذنا للاطلال على العالم الخارجي,, أن نتراسل معه على طريقته في التعبير، حتى وان كانت تلك الطريقة ليست إلا صرعة محمومة وعابرة!
واذا تجاوزنا ما نطلقه على كاتب عربي أو آخر من صفات العالمية (الأديب العالمي,,) لا لشيء الا لأنه حصل على جائزة عالمية، رأينا صورة أخرى لهذا التوق فيما نقرأ من أخبار تطيّرها الصحافة ووكالات الأنباء وكلمات التعريف على أغلفة الإصدارات الجديدة لأصحاب تلك الأخبار، من أن دارا شهيرة للنشر مثل جاليمار أو غيرها تعد لإصدار ترجمة أجنبية لأعمال شاعر عربي أو قاص، أخبار لم تفلت كاتباً معروفاً أو ناشئا مغموراَ أو مثابراً عنيداً لايقر بيأس أو مجابهة للنفس، بدءاً من كتّابنا الكبار كالحكيم وحقي ويوسف ادريس الى الغيطاني واحسان كمال والقعيد، الى متبجحين لم نقرأ لهم عملا واحدا يسودون غلاف كتابهم الأول بأسماء اللغات التي ترجمت إليها أعمالهم المزمعة أوالمزعومة لا فرق، من الانجليزية الى التشيكية والأمهرية، الى السلافية، الى مالا نعرف من أسماء,,! ولابد ان نصاب بالأسى لكل محاولاتنا المحيطة للمرور عبر نوافذ الغرب، أو ادعاء الحصول على جوازات وهمية للمرور، لأن الحقيقة التي لامراء فيها أن الغرب لا يهتم بقراءة نماذجنا المترجمة الى لغاته قسراً الا من قبيل الاهتمام بكل ما يقع تحت مظلة الغرائبية ، وبالتالي تبقى تلك الأعمال قاصرة على التداول في أحسن الحالات بين قليل من هواة الاطلاع على حضارات الصين واليابان وافريقيا القديمة، يستلهم غرائبيتها الفنانون، ويستمتع بقراءة نماذجها محبو الخرافات والأساطير، بحثا فيها عن ألف ليلة جديدة,,,! وطبيعي ان الذين ينهضون بمهمة النقل في هذه الترجمات، هواة أجانب همهم الأساسي توفير احتياجات السوق المحلي لديهم وليس هاجساً لخدمة الأدب العربي، وما يترتب على ذلك من ارتجالات وعشوائية تبدي مهارتها العبقرية في التصويب على الأهداف الخاطئة، ومن هذا قد تبدو الأهمية البالغة لمشروع برويتا الذي كانت قد شرعت فيه منذ سنوات طويلة سلمى الجيوشي ودعمته جامعة الملك سعود لترجمة الأدب العربي، أخرجت في اطاره اصداراً واحدا لم يعقبه شيء، ولم يرتد له بعد أي صدى في الأفق الغربي.
نحن كغيرنا بلا شك مؤرقون بهاجس العالمية، حد أن فلاسفتنا ومفكرينا ونقادنا ومنظرينا، قد وجهوا جانبا من جهدهم في وضع المعايير وتوصيف الدروب المفضية اليها، واختلفوا بين الزعم بأن النسج غلى غرار الغرب وبأساليب التعبير لديه هو السبيل، وبين الاجتهاد في الاقناع بأن الغوص والاستغراق في القضايا والأطروحات المحلية، والاخلاص في خدمتها واستكناه جوهرها الانساني هو وسيلة الانطلاق من المحدود الى المطلق، ومن الموقوت الى الابدي، ومن الشخصي والخاص الى الانساني والعام، وبالتالي يجد المرء في أي زمان أو مكان في نماذجه تعبيراً بشكل من الاشكال عن ذاته وهمومه، ويستدلون على ذلك بجائزة كنوبل التي تمنح للذين يجيدون التعبير عن بيئتهم المحلية.
ولسنا بصدد تغليب رأي على رأي، فان سلمنا بصحة النظرة الأولى واجهتنا معضلة اللغة الأجنبية التي نطلع من خلالها على النماذج العالمية وتردي حركة الترجمة الى العربية وتوقف البرامج الطموحة التي قدمت من خلال المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ترجمات بروكلمان وشكسبير ورواد المسرح الفرنسي وغيرها، وان صحت الأخرى واجهتنا استحالة قدرتنا على تصدير منتجنا الثقافي وفق شروط ومواصفات قياسية تضمن سلامة المنتج!
هذه اطروحات مللنا من ترديدها فليس في كل ما سبق من جديد الا تساؤل بسيط: هل نحن جربنا ضرب الرؤوس في جدران المحال حتى أدمينا الجباه، ودون ان ننجز شيئا ذا بال من هذا الهاجس، فنريح الرأس على وسادة العولمة المخملية التي تمنحنا وعودا بالراحة والخلاص، طالما اننا وكل الآخرين سنقف تحت مظلة واحدة للتسلية والامتاع والترفيه؟ أم أن الغيرة والنعرة وكل اسباب العزة والاعتزاز بالهوية تدفعنا الى مراجعة الحسابات وتدارك اخطاء التراخي والكسل؟!

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved