| مقـالات
قفزت بلادنا قفزات حضارية وتنموية في كل مجال في فترات قياسية، وصارت نهضتنا هذه حديث المراقبين والمحللين في كل مكان، ولو تأملت ذلك في الجانب التعليمي او الجانب الصحي او الجانب الزراعي او الجانب الصناعي او الجانب العمراني او غيرها من الجوانب التنموية والحضارية الاخرى لرأيت أنك أمام تجربة فريدة اختصرت الزمن وسابقته واحتفظت لنفسها بصفات الجودة والاصالة والعمق والحفاظ على الهوية والخصوصية ومن أبرز المظاهر التي يتجلى فيها السبق والريادة والأصالة والابتكار والسرعة والجودة والانتشار والعمق والتميّز والتفرد والحفاظ على الهوية والخصوصية والتحدي لكثير من العوائق والمثبطات والعقبات مع وضوح الرؤية ونبل الغاية وسمو الهدف,واختصار الزمن، هو من تعليم البنات الذي رعته وقامت عليه هذه المؤسسة العظيمة الشامخة التي تعرف ب(الرئاسة العامة لتعليم البنات) والتي تحقق التفرد والتميز في كل شيء حتى في اسمها الذي لا يوجد له نظير في أي بلد في العالم، وتعد مع نظيرتها الاخرى التي تشاركها في التميز والتفرد وهي (الرئاسة العامة لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) علامة بارزة وسمة خاصة تنفرد بها هذه البلاد المباركة عن سائر بلاد الدنيا، وهما عينان مضيئتان في وجه هذه الحسناء الجميلة المملكة العربية السعودية، يحق لها ان تباهي وتفاخر بهما، ولأنهما تؤكدان وتؤصلان نهجها الإسلامي الراسخ المتمثل في تطبيق الشريعة الإسلامية، وإقامة الحدود والعناية بالقضاء الشرعي وحراسة المقدسات وخدمتها ورعايتها وتجديد عمارتها، ونشر الدعوة الإسلامية ودعم المؤسسات الخيرية في كل مكان، وغير ذلك من الأعمال الجليلة التي يراها القاصي والداني.
وأعود الى موضوعنا وهو الرئاسة العامة لتعليم البنات، وأقول: إن المتأمل في مسيرة الرئاسة وتطورها المذهل مع محافظتها الصارمة على الهوية والخصوصية في المظهر والمخبر، أي في الحشمة والعفاف والوقار والبعد الكامل عن الاختلاط بأي صورة، والاحتفاظ بالمنهج العلمي الشرعي الرصين، على مدى واحد واربعين عاما مرت من عمر الرئاسة المديد بحول الله يدرك بلا أدنى شك ان هذه المؤسسة قد صاحبها عند التأسيس نية صادقة خالصة لله تعالى من الحكومة وفقها الله، ومن العلماء الذين أسند لهم الملك سعود رحمه الله مهمة الاشراف عليها، ويبدو ذلك واضحا من المرسوم الاول الذي أصدره الملك سعود رحمه الله في يوم الخميس 20/4/1379ه ونشر في جريدة ام القرى وبقية الصحف في اليوم الثاني، وقد جاء فيه: الحمد لله وحده، وبعد: فلقد صحت عزيمتنا على تنفيذ رغبة علماء الدين الحنيف في المملكة العربية السعودية في فتح مدارس لتعليم البنات العلوم الدينية من قرآن وعقائد وفقه وغير ذلك من العلوم التي تتمشى مع عقائدنا الدينية كإدارة المنزل وتربية الاولاد وتأديبهم مما لا يخشى فيه في العاجل والآجل أي تأثير على معتقداتنا وتكون هذه المدارس في منأى عن كل شبهة من المؤثرات التي تؤثر على النشء في اخلاقهم وصحة عقيدتهم وتقاليدهم، وقد أمرنا بتشكيل هيئة من كبار العلماء الذين يتحلون بالغيرة على الدين والشفقة على نشء المسلمين لتنظيم هذه المدارس ووضع برامجها بمراقبة حسن سيرها فيما انشئت له، وتكون هذه الهيئة مرتبطة بوالدهم حضرة صاحب السماحة المفتي الأكبر الشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ، على ان تختار المدرسات من أهل المملكة وغيرهن اللواتي يتحقق فيهن حسن العقيدة وصدق الإيمان، وتضم الى هذه المدارس ما قد سبق فتحه من مدارس البنات الاهلية في عموم المملكة، وتكون جميعها مرتبطة في التوجيه والتنظيم الى هذه اللجنة تحت إشراف سماحته مع العلم ان هذا التشكيل يتطلب الوقت الكافي لتهيئة وسائل التأسيس، ونأمل أن يكون ذلك في وقت قريب، والله الموفق ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وعلى ضوء ذلك اعتمدت اول ميزانية لتعليم البنات مقدارها مليونا ريال ضمن ميزانية الدولة في عام 1379/1380ه، وفي يوم السبت 15/1/1380ه، أصدر رئيس الديوان الملكي الامير محمد بن سعود بن عبدالعزيز البيان التالي: سبق أن أمر جلالة الملك المعظم بفتح مدارس للبنات وتخصيص المال اللازم لهذا الغرض في الموازنة العامة، وحرصا من جلالته على ما يؤمن تحقيق هذه الغاية فقد اصدر جلالته التعليمات للجهات المختصة بوجوب الإسراع في تهيئة الترتيبات الكفيلة ببدء الدراسة في مدارس البنات وإنشاء دور للمعلمات بأسرع ما يمكن , وفي مثل هذا الشهر الذي نحن فيه الآن شهر صفر وفي غرته من عام 1380ه أي قبل واحد واربعين عاما باشرت الرئاسة العامة لمدارس البنات وهذا هو اسمها عند إنشائها أعمالها في مدينة الرياض في مبنى يقع بجوار عمارة الباخرة بشارع الخزان، وصار ذلك إيذانا ببدء التعليم النظامي الحكومي للبنات، وقد كلف فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن ناصر الرشيد ليكون أول رئيس عام لمدارس البنات, وعندما نعود إلى الأمر الملكي الكريم السابق ونتأمله يظهر لنا منه بوضوح ما ذكرته من الاخلاص وصدق النية اللذين صاحبا ولادة هذه المؤسسة العظيمة المباركة، ويكشفان لك شيئا من أسرار التوفيق والتسديد والتأييد والثبات والقوة التي صاحبت هذه المؤسسة خلال عمرها المديد، انظر مثلا الى قوله رحمه الله: فلقد صحت عزيمتنا على تنفيذ رغبة علماء الدين الحنيف ,,, لترى ان الفكرة نبعت من عند العلماء وانهم هم الذين وراءها، مما يبطل دعوى من يدعي ان العلماء كانوا ضد تعليم المرأة, ويؤكد ان المعارضة التي حصلت في البداية كانت من بعض المتحمسين من قليلي العلم او العوام، ثم انظر الى وضوح الهدف ونبل الغاية في قول جلالته: فتح مدارس لتعليم البنات العلوم الدينية من قرآن وعقائد وفقه وغير ذلك من العلوم التي تتمشى مع عقائدنا الدينية كإدارة المنزل وتربية الأولاد وتأديبهم,,, فالغرض هو التعليم الشرعي مع فتح الباب لغيره من العلوم الحديثة ولكن في ظل هذه القاعدة العظيمة وهي قوله: التي تتمشى مع عقائدنا الدينية، ثم انظر بعد ذلك الى الاحتراز الرائع والاستدراك الحكيم في قول جلالته: مما لا يخشى فيه في العاجل والآجل أي تأثير على معتقداتنا وتكون هذه المدارس في منأى عن كل شبهة من المؤثرات التي تؤثر على النشء في أخلاقهم وصحة عقيدتهم وتقاليدهم , وكأن جلالته رحمه الله يستشرف المستقبل ويرىبعين بصيرته الفتن والمشكلات التي ستتربص بالمرأة في المستقبل، فأكد على هذه الامر وبادر بهذا الاحتراز ثم انظر الى هذا السياج المتين الذي أحاطها به جلالته رحمه الله قبل ان يأذن بانطلاقها، حينما قال: وقد أمرنا بتشكيل هيئة من كبار العلماء الذين يتحلون بالغيرة على الدين والشفقة على نشء المسلمين لتنظيم هذه المدارس ووضع برامجها ومراقبة حسن سيرها فيما انشئت له، وتكون هذه الهيئة مرتبطة بوالدهم حضرة صاحب السماحة المفتي الأكبر الشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ، على ان تختار المدرسات من أهل المملكة وغيرهن اللواتي يتحقق فيهن حسن العقيدة وصدق الايمان ، فقد ربط رحمه الله الإشراف على الرئاسة ووضع برامجها ومراقبة سيرها بهيئة كبار العلماء الذين يتحلون بالغيرة تحت إشراف مباشر من سماحة المفتي الأكبر، واشترط لمن يقمن بالتدريس فيها حسن العقيدة وصدق الإيمان، وهذا المقطع من كلامه رحمه الله يكشف لك عن العلاقة الوثيقة الحميمة والشراكة الاصيلة في هذه البلاد بين القيادتين السياسية والدينية، التي ظلت راسخة شامخة منذ ان وضع ميثاقها الاول بين الإمامين محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب الى عهدنا الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ولعل التزام الرئاسة بهذا النهج الراسخ سبب من أسباب صمودها وشموخها، وليت الملك سعود رحمه الله يطلع على هذه المؤسسة بعد هذا العمر الطويل ليرى ان خلفه من بعده من ملوكنا الميامين (فيصل وخالد وفهد) كانوا أوفياء كعهده، وبررة بعقده وميثاقه، ولا غرابة في ذلك فهم قد نهلوا من منهله وشربوا من معينه و تربوا معه في مدرسة واحدة، مدرسة الملك عبدالعزيز الذين قال فيهم الشاعر الدكتور ابراهيم ابوعباة في مقطوعة هنأ فيها الشيخ عثمان الصالح:
رجال تأسوا بعبدالعزيز
فنعم الرجال ونعم الإمام
ولله در الرئاسة والقائمين عليها وإداراتها المتعاقبة التي ظل فيها السلف يسلمون الراية للخلف وهم يتعاهدون على تنفيذ توجيهات القيادة الحكيمة، ويلتزمون بالوفاء لبنود هذا الميثاق العظيم، وعيونهم مفتحة يقظة إحداهما على الميثاق والمنهج والاخرى تبني وتشيد وتتوسع، حتى غطى تعليم المرأة كل مدينة وقرية، وهبط كل واد وعلا كل سفح وربوة، وارتفع عدد المدارس من سبع مدارس في مطلع العام الاول للتأسيس الى ثلاثة عشر الف مدرسة أو تزيد في عامنا هذا، وارتفع عدد الطالبات من بضع مئات في مطلع العام الاول الى قرابة ثلاثة ملايين في عامنا هذا، وارتفعت الميزانية من مليونين في العام الاول الى اكثر من سبعة عشر مليارا في العام الماضي، وصار عدد الجامعيات بالآلاف، و عدد من يحملون الماجستير والدكتوراه بالمئات، وتمكنت بناتنا من قيادة خمس وسبعين كلية او تزيد تابعة للرئاسة، وهذا العدد من الكليات يزيد على الكليات التابعة لجامعات البنين الثماني في داخل المملكة، بل إنه يضاهي أكبر الجامعات العربية, وأكبر ما يلفت الانتباه في هذه التجربة الرائدة العظيمة، وفي هذه المؤسسة الشامخة التي اسمها (الرئاسة العامة لتعليم البنات) ان مدارسها التي تعد بالآلاف، ومعاهدها وكلياتها التي تعد بالعشرات تدار إدارة كاملة بعناصر نسائية 100% من أصغر موظفة وعاملة الى المديرة أو العميدة، وأن أسوارها محكمة الاغلاق لا تدلف اليها قدم رجل مهما كان منذ بدء الدوام الى نهايته، وان منسوباتها من إداريات ومعلمات وعاملات وطالبات يلتزمن بالحجاب الشرعي الكامل الذي يراه ويفتي به علماء المملكة الثقات الذين جعلهم الامر السامي الكريم أوصياء على هذه المؤسسة العظيمة الرائدة.
إن تجربة تعليم البنات في بلادنا تجربة رائدة فريدة متميزة اثبتت النجاح التام وتجاوزت مرحلة التجريب الى النضج والتصدير، وليست محل إعجابنا نحن فقط، بل إنها مثار إعجاب العالم من حولنا، ولا اعني المسلمين فقط وهم بلا شك معجبون بها ويتمنون نقلها الى بلادهم التي ضجت من العري والاختلاط وإنما اعني غير المسلمين في الغرب والشرق الذين بدأوا يشجعون التعليم غير المختلط وظهرت عدة مدارس وكليات في امريكا واوربا واليابان تتبنى فصل البنين عن البنات ليس من منطلق ديني وإنما من منطلقات علمية واجتماعية ونفسية ثبت لهم من خلالها ان الفتاة تبدع مع بنات جنسها ولا تنشغل بتحرشات او استفزازات أو غيرها مما تواجهه عند الاختلاط، ولهذا فلا عجب ولا غرابة في أن يثمّن العالم بمؤسساته الحضارية الكبرى هذه التجربة فيمنح الرئاسة الجوائز تلو الجوائز من اليونسكو والأليسكو وغيرهما، ولو حظيت هذه التجربة بتغطية إعلامية كبيرة تنقل مضامينها وثمارها الناضجة الى العالم من حولنا لرأينا المزيد من الاهتمام والتقدير والاعجاب، ولقد أعجبت غاية الإعجاب بذلك السؤال الواعي الذي طرحته إحدى منسوبات الرئاسة على سمو الامير نايف خلال لقاء سموه في كلية التربية للبنات بالرياض هذه الكلية الشامخة التي تعد بحق ام التعليم العالي النسائي في المملكة ورافده الاول ومضمون السؤال وهو على شكل اقتراح يقول: لماذا لا يعقد في الرياض بتنظيم من الرئاسة ملتقى او مؤتمر كبير ويدعى له ضيوف من الداخل والخارج من الرجال والنساء ويقدم فيه بحوث واوراق عمل حول تجربة المملكة الرائدة في تعليم البنات، وتهيأ له الاجواء المناسبة التي تحقق الفائدة منه، وأنا اقول: ليت الرئاسة تعد خطة عمل جيدة محكمة لذلك وترفعها الى المقام السامي، وقد تعود الناس من القيادة الحكيمة دعم كل مشروع ناجح ومثمر، لكن الكرة الآن في مرمى الرئاسة كما يقولون ونرجو من الرئاسة، سرعة الاستجابة والمبادرة الى اخراج هذا المقترح إلى حيز التنفيذ.
أخيرا أقول: إن هذه التجربة الفريدة العذراء البكر التي أثبتت الأيام بل السنون نجاحها وتميزها تستدعي من كل مسلم في هذه البلاد ان يكون حارسا امينا عليها وغيورا على منجزاتها ومكتسباتها وثوابتها، ورسول صدق يلهج بمحاسنها ويذب عنها ويدفع عنها بالحسنى، ويسهم في علاج اخطائها وترشيد مسيرتها، وإن المسلمين في هذه البلاد وهم يرون بناتهم تغدو وتروح على هذه المدارس في جو آمن عفيف نظيف لم تكدره حادثة سوء على مدى اربعين عاما ليلهجون بالثناء والدعاء للملك المؤسس ولمن جاء بعده من الملوك، ويخصون بمزيد من الثناء والدعاء خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الامين وسمو النائب الثاني الذين بلغت الرئاسة في عهدهم اوج عزها وقمة مجدها مع محافظتها الشديدة على نهجها وخصوصيتها، واصحاب السمو والفضيلة المفتي العام ورئيس مجالس القضاء وغيرهم من كبار العلماء الذين يقفون وراء الرئاسة استشعارا منهم لأهميتها العظيمة ورسالتها الكبيرة حساسية الظروف العالمية المحيطة بها وامتدادا للعمل بما تضمنته وثيقة التأسيس الخالدة التي حملتهم أمانة تنظيمها ووضع برامجها ومراقبة سير العمل فيها,, كما يلهجون بالثناء والدعاء لاصحاب الفضيلة والمعالي الذين توالوا على رئاستها وهم:
الشيخ عبدالعزيز الرشيد، والشيخ ناصر بن حمد الراشد، والشيخ راشد بن خنين، والشيخ محمد بن عودة، والشيخ عبدالعزيز المسند، والشيخ الدكتور عبدالملك بن دهيش والشيخ الدكتور علي بن مرشد المرشد الرئيس الحالي، على ما قاموا به من جهود عظيمة مع وكلائهم ومعاونيهم في نهضة هذه المؤسسة والمحافظة على خصوصيتها واستقلالها، فلهم جميعا خالص الثناء والدعاء، وان كان ثمة من يستحق ان يخص بمزيد من ذلك لميزة خاصة فهو معالي الشيخ ناصر بن حمد الراشد الذي مكث على سدة هذا الجهاز مدة تكاد تعادل الرؤساء الباقين مجتمعين، فقد تسلم الرئاسة بعد عام واحد من تأسيسها وظل مدة سبعة عشر عاما ولذا فإن العاملين في الرئاسة يعدونه المؤسس الحقيقي لهذا الجهاز العظيم، وقد قالوا عنه في كتابهم الوثائقي الكبير الذي صدر بمناسبة المئوية في أكثر من ألف صفحة: تولى الرئاسة العامة لتعليم البنات من 8/5/1381ه الى 1/7/1398ه، وهو من كبار العلماء الذين أخذوا العلم عن عدد كبير من العلماء، وأسهم في كثير من الأعمال في القضاء والتعليم قبل تعيينه رئيسا لتعليم البنات، لقد تميز حفظه الله بالجد والحزم والعلم والتمسك بالحق، ولذلك يعد بحق المؤسس لتعليم البنات بحسن ادارته وقوة شخصيته وجديته في اتخاذ القرارات المناسبة ومتابعة تنفيذها، ولذا شهد تعليم البنات في عهد رئاسته توسعا كبيرا وانتشارا واسعا إضافة الى تجاوز الصعوبات والاعتراضات التي واجهت تعليم البنات في سنواته الاولى من كثير من الناس، وكان لسماحته اثر في إقناع الكثيرين وتجاوز هذه الصعوبات بدعم من حكومة المملكة وولاة امرها وفقهم الله، وأسهم في إرساء قواعد تعليم البنات وانتشاره وتعدد اختصاصاته وفروعه بتكامل مراحله، وانتقل بعد سبع عشرة سنة ليتولى الإشراف على شؤون الحرمين الشريفين، ثم احيل للتقاعد، ثم كلف مرة اخرى برئاسة ديوان المظالم الى ان صدر له في الاسبوع قبل الماضي امر ملكي باعفائه بناء على طلبه لظروفه الصحية من عمله الحالي في ديوان المظالم ويسرني ان اهنئه تهنئة خالصة لأنه خرج من العمل بموافقة سامية بناء على طلبه, وترجّل عن حصانه الذي أتعبه بالركض في شتى ميادين الخير والبذل والعطاء وخدمة الدين والمليك والوطن، ويحمد له أنه خرج راضيا مرضيا عنه محمود السيرة نقي السريرة كما نحسبه صفحته بيضاء ورايته مرفوعة وسمعته حسنة وتلهج المجالس بالثناء عليه والدعاء له أينما ذكر، وهو والله منقبة عظيمة ونعمة كبيرة وهو اهل لها وجدير بها,, وعندما يذكر الشيخ ناصر، يذكر معه التعليم الجامعي والعالي الذي تأسس في عهده ايضا، فإنه لا بد ان يذكر شخص فاضل ارتبط التعليم الجامعي والعالي باسمه على مدى ثلاثة وعشرين عاما، إنه فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد العجلان الذي تولى هذا المرفق بقرار من معالي الشيخ ناصر في 15/7/1392ه وظل فيه الى 13/1/1416ه، وهو تاريخ إحالته الى التقاعد لبلوغه السن النظامي، ولفضيلته في هذا الباب جهد مشكور عبر عنه كتاب الرئاسة الوثائقي بقول:
وكان للدكتور عبدالله العجلان جهود كبيرة وبصمات واضحة في إرساء قواعد التعليم الجامعي في كليات البنات وتطويره وتحديث خططه ومناهجه والحرص على مواكبته لمثيله في الجامعات السعودية الاخرى , وقد تسلم وكالة الكليات بعده فضيلة الشيخ الدكتور علي بن مرشد المرشد، وظل بها قرابة عام الى ان صدر الامر الكريم بتعيينه رئيسا عاما لتعليم البنات، وتسلم الوكالة من معاليه فضيلة الدكتور عبدالله بن علي الحصين، وما يزال معالي الرئيس وفضيلة الوكيل في عملهما الى اليوم ويُشهد، لمعالي الرئيس الحالي بمعاونة وكلائه ومساعديه وسائر العاملين معه بالجد والدأب والنشاط والحكمة والوعي والهدوء والاتزان في إدارة امور الرئاسة في ظل متغيرات كثيرة داخلية وخارجية، ويحمد لهم الثبات عل الخط والسير على النهج الحكيم المرسوم من القيادة الحكيمة مع لمسات واضحة من التجديد والتطوير ونسأل الله لهم العون والتوفيق والتسديد.
* جامعة الإمام
|
|
|
|
|