| عزيزتـي الجزيرة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
فلقد جاء الاسلام بالخير والسعادة للبشرية، ورفع الظلم عنهم وتحريرهم من العبودية الا لله وحده المستحق للعبادة، وأمر فيما أمر به بالعدل والمساواة، وإعطاء كل ذي حق حقه، وأزال وحرم التمييز العنصري والفخر بالانساب والاحساب، وان الراجح في ميزان الله ذو الايمان والتقى قال تعالى: (ياأيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير).
وان مما عني به الاسلام المرأة من بني الإنسان التي كانت قبل بزوغ الاسلام مهانة مهضومة الحقوق مكسورة الجناح مظلومة لا تعطى حقوقها وهي عند الكثير من سقط المتاع وجزء من اثاث المنزل ليس لها حقوق ولا واجبات ولا يؤخذ لها رأي ولا تستشار، بل ان بعضهم اذا عد ماشيته عدها من ضمنها، وعند بعض الشعوب كاليهود لا تجالس ولا تؤكل ولا تشارب وتكون منبوذة وذلك اثناء الحيض، وليس لها حق في الميراث ويحجر عليها ويتزوجها من يريدها، اي يحجر عليها احد اقاربها منذ ولادتها او منذ سن السابعة بالا يتزوجها أحد سواه، وربما جمع الرجل بين زوجته وقريبتها في ذمته وقد يجمع اكثر من عشر نساء في ذمته وقد يصل العدد الى المائة زوجة واكثر، وهناك من يئدها اي يدفنها حية خوفا من الفضيحة والعار.
فجاء الاسلام بالعدل والنور فرحم هذه المرأة المسكينة وأنصفها وجعل لها حقوقا وواجبات، فلا تزوج الا مستأذنة أو مستأمرة، وحدد الجمع بين الزوجات الا يزيد على أربع، ولا يجمع بين المرأة وقريبتها.
وفرض لها حقا في الميراث ولها حق البيع والشراء والهبة والتملك وطلب العلم وتعليمه والخروج من ربقة الجهل والظلام فصار منهن الفقيهات العالمات كأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وصار منهن المربيات الفاضلات والامهات المشفقات والاخوات الطيبات والزوجات العفيفات المحصنات الحافظات لحقوق الله ثم للحقوق الزوجية.
ومع هذا التكريم والتقدير للمرأة من الاسلام ومع هذه الرعاية للحقوق طالبها في المقابل بالتقيد بمنهج الاسلام، والالتزام به ظاهرا وباطنا وذلك لتتم لها هذه الحقوق على الوجه المشروع ولتكون درة مصانة وجوهرة لامعة في بيت زوجها لا تمتد لها يد لامس، ولا تلحقها عيون الاشرار ولا تكون عرضة للسلب والنهب أو عرضة للتعدي والنهش من الذئاب المسعورة والوحوش الضارية قال عز من قائل: (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى).
لذا أمرها الاسلام بالقرار في بيتها وعدم الخروج منه الا لحاجة ضرورية تقدر بقدرها كل ذلك صيانة وتقديرا لها لذا فرض الله عليها الحجاب وألزمها به قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: (يا ايها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن، ذلك أدنى ان يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً) الاحزاب.
ونهى المراة ان تسافر مسافة وهي بدون محرم لها فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم) متفق عليه,, وحرم عليها الخروج متطيبة متزينة لتمر بمجامع الرجال.
قال عليه الصلاة والسلام: (أيما امرأة استعطرت ثم مرت على القوم ليجدوا ريحها فهي زانية) رواه الامام احمد وهذا مما عمت به البلوى في زماننا واستهان به كثير من النساء، فصارت الواحدة منهن تخرج بمفردها مع السائق الاجنبي وتجوب الأسواق بلا حسيب ولا رقيب.
ومن تكريم الاسلام للمرأة والشفقة بها ان جعل القوامة والنفقة على الرجل قال تعالى (الرجال قوامون على النساء) وذلك حفظا وصيانة لها ولتتفرغ لخدمة بيتها وتربية اولادها ولكنها اذا احتاجت للعمل واضطرت اليه فلا مانع ولكن وفق الضوابط الشرعية والآداب الاسلامية لئلا تفتن او تُفتن كأن تخرج الى عملها متسترة متحشمة غير متبرجة ولا سافرة ولا تختلط بالرجال الاجانب أو تخلو بأحدهم كما قال عليه الصلاة والسلام: (لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان) رواه الترمذي وقد امر الله المؤمنين بالعناية بتربية المرأة كفرد من افراد الاسرة لتجنيبها الفتنة والعذاب في الدنيا والآخرة قال تعالى: (يا ايها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة) التحريم.
وبعد هذا التكريم الإلهي والعناية الربانية لامنا واختنا وقريبتنا المرأة المسلمة وما حظيت به من حقوق يأتي من يزعم انه يطالب بحقوق المرأة ويدعي ان حقوقها مهضومة، وللأسف هم اناس من جلدتنا ويتكلمون بلغتنا ولكنهم تأثروا بالافكار الغربية والعادات الدخيلة وما يبثه اعداء الاسلام عبر وسائل الاعلام العالمية المختلفة من دعوات مضللة وأفكار مسمومة تنادي بتحرير المرأة في البلدان الاسلامية، والمطالبة بمساواتها بالرجل في كل شيء واعداء الاسلام لا يلامون في ذلك لانهم كفرة وليس بعد الكفر شيء، ولكن اللوم يقع على بعض الكتاب من المسلمين المتأثرين بثقافة الغرب وعاداته واخلاقه حتى اصبحوا لا يميزون بين الحق والباطل والغث والسمين كمن يطالب بقيادة المرأة للسيارة وكمن يطالب بأندية رياضية للمرأة وتوظيفها في شتى الميادين والمجالات والزج بها في الاعمال المرهقة لها والتي لا تتناسب مع انوثتها وطبيعتها وتعرضها للاختلاط بالرجال الاجانب والخلوة بغير المحارم ومنهم من ينقدون حجاب المرأة المسلمة ويرون انه تخلف ورجعية وما علموا انهم بذلك يعارضون حكم الله ويحتجون على الله ويرفضون اوامره في امور محسومة ونزل فيها تشريع رباني ليس لاحد فيه خيار ولا اجتهاد وهؤلاء نذكرهم بقول الله تعالى: (أفي قلوبهم مرض ام ارتابوا ام يخافون ان يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون، إنما كان قول المؤمنين اذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم ان يقولوا سمعنا واطعنا، واولئك هم المفلحون, ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون) النور 50، 51، 52، فاتقوا الله دعاة التحرير للمرأة ودعوا المرأة في حالها وكفوا عن دعوتها للسفور والتبرج والتنكر للدين والقيم والأخلاق وليسعكم ماوسع سلف هذه الامة وما درجت وتأسست عليه هذه البلاد وتمكست به من ستر المرأة وحشمتها وعفافها وصيانتها، وحيائها وحجابها، حتى ضرب بها المثل من بين نساء العالم في الحشمة والحياء,, وبالله التوفيق.
محمد بن سعد السعيّد الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
|
|
|
|
|