الهاتفُ يرن,,.
صوتُها ناحلٌ هادىء باكِ,,,، قالت: اعتذر لإزعاجكِ,,, غير أنني لم أجد مَن ألجأ أنا وزميلاتي إليه غيركِ اللحظة، من أنتِ؟,,, طالبة في الثانوية العامة تقديري امتياز، ولي من الزميلات من نتوقع الحصول على مراكز الأولوية في النتائج النهائية,,, ولكن جاءت أسئلةُ اللغةِ الأنجليزيةِ محبطةً لكلِ آمالنا,,, هي ليست شكوى مَدرسةٍ واحدةٍ، هناك من هاتفتنا من مدارسَ أخرى.
سألتُها: ماهي أوجه الصعوبةِ في الاختبار؟ قالت: أولاً الأسئلةُ لم تكن واضحةً في الطباعةِ، الكلماتُ متداخلةٌ وكأنها طلاسمُ، المراقباتُ والمدرساتُ المختصاتُ لم يستطعن مثلنا فكَ بعضِ تداخلاتِها,,,، شىءٌ آخر أنها جاءت تعتمدُ على أسلوبٍ جديدٍ بدأت الرئاسةُ تطبقه في الفصل الثاني الدراسي، يعتمد على نظام التعبير الواحد، والمحاورة، وهو نهجٌ لم نتعوده ولم يستطع عملُ فصلٍ دراسيٍ واحدٍ أن يمكِّننا من إجادته فجاءت الأسئلةُ تعتمدُ على ذلك دون إعطائنا فرص الخيار التي تعطي مساحةً من الحرية للطالبات كي تكتبَ كلُّ فيما تُريد من خيارات.
ثم اعتمد السؤالُ الثاني على مصطلحاتٍ غيرِ واضحةٍ، وكلمات أحرجتنا عن الإجابة الشافية، ولم تمكنَّا من الحل برضاء,, أكتبي عنّا، ليرحمونا، أم هل هناك ما يمنع من أن تكون الاختبارات فرصةَ تعبيرٍ عن مكتسبات لجهود تحصيل فصل كامل؟ أم تظل الاختبارات شبحاً مخيفاً؟
هدَّأتُها، طلبتُ إليها أن تزودني فاكسياً بما يوضح موقفهن من الاختبار حيث ليس لديَّ إلمامٌ تامٌ بالمنهجِ الخاصِ بهذا المقرر، وبصورة من الاختبار,, فَعَلَت، ولم تكد تمر ساعتان بعد أول مهاتفة منها إلا وسيلُ الاتصالاتِ لا يتوقف حتى الواحدة بعد منتصفِ ليلةِ الثلاثاء أمس الأول,,,، وكان سنترالُ الجريدةِ ومكتبُ رئيسِ التحريرِ الوسيطَ بينهن وبيني,,, وجميعُهن يشكين المشكلةَ ذاتها,, ولقد تركَّزت أقوالُهن في التالي:
هل أطّلع المسؤولون على ورقة الاختبار قبل توزيعها؟
هل أُعتمدت بأخطائها الطباعية وعدم وضوحها؟
هل رُوعِي حداثة المنهج واختلاف فروق الدارسات؟ والذي يتضح أنها لم تراع.
هل سوف تعمل الرئاسةُ على تغيير سلم الدرجات، والنظر إلى مستوى كل طالبة خلال الفصل الأول والاختبارات الفصلية للفصل الثاني كي تضعَ في الحسبان النجاح الأقرب للطالبات؟
هل يُنظَر في أمر إعادةِ الاختبار؟ وتتحمل الرئاسةُ مثلَ هذه الأخطاء ولا تُترَك الطالبةُ ضحيةً لها؟
هل هناك قرارٌ مسبقٌ بإعاقة نجاح الطالبات نظراً لضغط القبول في الجامعات والكليات؟,,.
وهل,,, وهل,,.
كانت هذه جميعُها أسئلةَ الطالبات، ومحاور نقاشهن معي,,, واحد وعشرون اتصالاً هاتفياً حفَّزني للكتابة، وعهدي لا أتسرعُ في نقاشِ موضوعٍ دون أن تستوفيَ لدي أدلته,, لكن أنموذجَ الاختبار الذي وصلني لم استطع قراءته لعدم وضوحه، زيادة على عدم وضوح إيصاله فاكسياً.
وليس لدي معلوماتٌ دقيقةٌ حول المنهجية الجديدة، غير أني أعهد أن أي منهجٍ يوضعُ للتجريب لا يؤخذُ به في الاختبارات الأساس مثل الثانوية ما لم يكن قد مرَّ على تجريبه المدة الزمنية المحددة له والتي قد لا تقل عادة عن ثلاث سنوات.
ولكن دموعهن,,.
ونحيبهن أثار شجوني,,.
ودفعني للتعاطف معهن, ولا سيما وأننا أوشكنا أن نخرج من معتقل رهبة الاختبار,,, وأحسب أننا تجاوزنا أساليب وأنماط الاختبارات التي لاتقيس مباشرة الخبرات التي وضعت لقياسها,,.
وأحسب أننا زودنا المدارس بكفاءاتٍ متمكنةٍ في التدريس وتنفيذ المناهج,,.
وأحسبُ أن مدارسَنا قد أخذت هيئةَ البوتقاتِ لتنمية القدرات وتحفيز المهارات وأحسب أن الدموع ليست وسيلة الاعتراض على ما لا يتفق فيه,,.
فماذا عند المسؤولين؟
وكيف سيعالجُ الأمر؟
ولكل صاحبات الثقة في أنني لن أهمل اتصالاتهن ومهاتفاتهن أفرد موضوع هذا اليوم لهن,,.
وفي انتظار النتائج الموجبة من قبل المسؤولين والمسؤولات الأفاضل.
|