سأروي لكم الحكاية التي دارت بين رفيقيّ اللذين جلسا أمامي في الحافلة أثناء رحلتي من مدينة الفستق الى بلدة الموقف دون زيادة أو نقصان:
في نهاية شارع البتار المتفرع من شارع قادر يقع موقف أبوحجر ، كل سكان المدينة يعرفونه,, لا يخطئون مكانه، فهو علامة مميزة لقاصدي تلك المنطقة,, وهم كثر, فشارع البتار هو منعطف الطريق الدائري وبداية عقدة الطرق التي تتوزع الى مختلف أحياء المدينة.
أبوحجر هو الرجل المستلقي تحت عريشة الموقف ليحتمي من حر القيظ، وبرد الشتاء، أراه منذ وصولي الى المدينة، واعتباري ضمن أعداد ساكنيها.
أوجز,, أوجز يا ناجي,, فأنت تعلم أنني مع الحكايات الطويلة يصرعني النعاس والمثل يقول: كلمة نظيفة افضل من جريدة متسخة .
رد زميله الراوي:
الطريق طويلة يا سليم ولن تبتلعه الحافلة من دون حكايات طويلة، استجمع انتباهك لمرة واحدة في حياتك، وستصرع النعاس بالضربة القاضية.
نعم يا سليم,, كنت أعطي أبوحجر ما يريده مني,, أقلاما ورقا أبيض,, إلا أنني أرفض رجمه بالأحجار عندما يطلب مني ذلك,, ولو توسل اليّ.
ولكنني كثيراً ما أرى نفس الوجوه لمجرد نظرة واحدة من أبوحجر اليهم تتعاون على رصف أثقل الأحجار على ظهره,, عندها ينكب على الورق الأبيض,, ويجري قلمه بين السطور، مثل كلب صيد يطارد فريسة تأبى الاستسلام، فتتعالى ضحكاتهم:
أحدهم يقول: دعه يثرثر.
والآخر: إنه الإبداع,, هكذا اعتادوا، لا يبدعون إلا وعلى ظهورهم أثقال وأحمال, لم يولدوا مثقلين، ولكنها العادة,.
لأول مرة:
التطبع,, يغلب الطبع .
ينتفض سليم من مقعده,, لقد غلبت النعاس يا ناجي,, أكمل,, حكايتك مشوقة وسأشتري لك كأساً من الشاي لكي تصحصح وتتابع للنهاية.
أنا أيضا تابعت حكاية ناجي بشغف,, ولم أشعر بالطريق,, إلا وقد أعلن مساعد السائق: محطة المفرق يا شباب,, حيث مكان نزولي، ولم استطع متابعة الحكاية حتى نهايتها,.
ولكن سؤالاً تبادر لذهني فجأة، فطرحته على رفيقيّ مباشرة:
ما سبب تسميتكما بناجي وسليم,,؟
فجاوبا في وقت واحد:
تفاؤلاً بالنجاة والسلامة .
فنزلت من الحافلة مودعاً، وقد انتابني شعور غريب بالضحك أو البكاء,, لا أدري!!
حسين محمد الحسن
|