أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 23rd May,2000العدد:10099الطبعةالاولـيالثلاثاء 19 ,صفر 1421

الاقتصادية

قنوات الري القديمة في البحرين
تسلط الاضواء حاليا على مشكلة المياه الصالحة للشرب والاستهلاك الآدمي في كل العالم بعد انحسار منسوب المياه الجوفية, لقد اصبحت مشكلة تؤرق العلماء والباحثين وخصوصا بعد ان دخل طرفا في النزاعات السياسية بين العديد من الاقاليم التي تشترك في ذات روافد المياه فيما بينها كما هو حاصل حاليا بالنسبة لمياه نهر الاردن الواقع بين الاردن واسرائيل، ايضا الفرات بين تركيا والعراق وسوريا ونهر النيل بين السودان ومصر ودول اخرى,, قديما كانت القبائل والدويلات تتحارب من اجل السيطرة على آبار المياه العذبة الصالحة للشرب الان ورغم التطور الحضاري والتقني غير ان النزاع حول المياه لم يزل قائما واشد حدة بعد ان زادت استخدامات المياه في الصناعات المتنوعة.
الدراسات الحالية توصي بضرورة القيام بمسح طوبوغرافي لقنوات البحرين القديمة وابرازها كقيمة تاريخية وتراثية ايضا امكانية ادخالها ضمن الخطة الحالية لتطوير المناطق السياحية في البلاد والاستفادة منها كعامل جذب سياحي.
هذا الحديث يقودنا الى دراسة قامت بها الباحثة الدكتورة أسماء علي ابا حسين من جامعة الخليج العربي في البحرين مشاركة مع زميلة لها هي الباحثة هند عبدالعزيز القصيبي .
البحث يسلط الضوء على نظام الري الذي كان معمولا به في البحرين منذ القدم, والبحرين كانت لها علاقات تجارية وسياسية مع العديد من الحضارات المجاورة ويقول البحث ان المصادر التاريخية تبين بأن نظام الري بالقنوات كان معروفا منذ ايام نينوى في العراق وقد نصت قوانين حمورابي ان اقنية الري اساس دعم الدولة والاعتداء عليها يعتبر جرما اما المصريون فقد شقوا القنوات قبل 5000 عام بعض الباحثين يرجع اصل القنوات الى ايران القديمة، وانتشرت بكثرة ايام الساسانيين, ويتطلب حفر القناة جهدا ومخاطر اذ لم تستخدم اي معدات تساعد في عملية الحفر لذا وصفها الايرانيون بالعملية المهلكة واطلقوا على القائمين عليها اسم القتلة .
لاتزال سلطنة عمان تستخدم نظام الافلاج وهي القنوات ويرجعون اصلها الى الملك سليمان عليه السلام حين سخر له الله سبحانه الجن لحفرها.
اما في البحرين فكانت توجد شبكة رائعة لهذا النظام في الساحل الداخلي غرب البلاد ونجد اثاراً لقنوات مشابهة في الساحل المقابل للبحرين في المملكة العربية.
هناك روايات تقول ان اهل البحرين انتفعوا من القنوات تلك في حروبهم عندما مر المحاربون من خلال القنوات المحفورة عميقا والمغطاة بسقف يتساوى مع الارض والتفوا الى مؤخرة العدو وباغتوه وانتصروا عليه كما استخدمها الشيخ احمد الفاتح عام 1783م في اقتحام قلعة الديوان اذ تسرب رجاله من خلال القنوات الى قرب القلعة وفتحوا ابوابها واستسلمت حاميتها وعادت البحرين بذلك الى الحكم العربي حتى يومنا هذا.
ان القنوات تغذيها العيون الكثيرة في البحرين والتي تقع عادة في المنحدرات الجبلية تحيطها ارض كلسية تنتشر بها الحشائش وتنتصب حولها النخيل وترى المياه في تجاويف الصخور صافية مثل البلور ، في جريان دائم تتدفق بسلاسة في جداول تكون شلالات صغيرة لقد شوقتنا الباحثة الباحسين وزميلتها بهذا الوصف الجميل الشاعري، حتى لتمنينا لو عادت الحياة الفطرية بعذوبتها وعفويتها الى سابق عهدها,, تحيط بنا بدلا من هذا الكم من الاسمنت والحديد الساخن تسد امامنا منافذ الرؤية لكل ما هو رائع ونقي في الطبيعة البكر.
كانت القنوات تغذي العديد من القرى ولولاها لاندثرت وجفت الارض, ان ازدياد عدد القنوات في تلك الحقبة يدل على فترة ازدهار حضاري وتطور مركز دلمون التجاري وتوسع علاقاتها مع الجزيرة العربية وفيلكا وبلاد الرافدين لقد كانت البحرين مركزا تجاريا مهما في المنطقة وتزايد بها عدد السكان ونزح اليها اعداد كبيرة من الخارج مما ضاعف حاجتها الى مصادر للمياه العذبة والى شق المزيد من القنوات.
لقد ساعد الوضع الهيدرولوجي الخاص بجزيرة البحرين والوضع الطوبوغرافي الملائم لانشاء المزيد من القنوات للاستفادة من مياه العيون, ودل ذلك على قدرة انسان البحرين على تحمل المشاق وعلى المهارة والابداع, تلك القنوات كانت تستمد المياه من العيون الجوفية التي يغذيها خزان الدمام المائي الواسع المسمى بالخزان العربي الشرقي والممتد من صحراء الدهناء وسط المملكة العربية الى المنطقة الشرقية في المملكة حتى البحرين والكويت وقطر.
لقد ذكر النبهاني الطاني في كتابه التحفة النبهانية بان البحرين جزيرة كثيرة المياه العذبة ويوجد في وسط البحر العديد من الينابيع الصالحة للشرب وعيونها في البر تسيح على الارض لذلك فتربتها خصبة وزرعها كثير.
غير ان بعد اكتشاف النفط في البحرين بداية القرن وماصاحب ذلك من تغييرات اقتصادية واجتماعية، ادت الى توسع عمراني وتزايد عدد السكان مما زاد معدل الطلب على المياه واصبح حفر المزيد من الابار ضرورة لابد منها وادى ذلك الى زيادة كمية المياه المسحوبة واستنزاف خزان الدمام الجوفي في البحرين مسببا انخفاضا في منسوب ونوعية مياهه وجفت معظم عيون المياه وزادت نسبة الملوحة بها وبذلك تدهورت حال القنوات واهملت بعد ان صار تكلفة حفر البئر اقل من حفر قناة واكثر سهولة في استخراج الماء.
الان القنوات لم يبق منها غير اطلال لذلك من الضروري اجراء مسح لها ومحاولة ابراز قيمتها التاريخية والتراثية وادخالها ضمن الخطة الحالية لتطوير المناطق السياحية التراثية والاستفادة منها كمواقع سياحية خدمة لاهداف السياحة البيئية.
منى عبدالله الذكير

أعلـىالصفحةرجوع






















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved