| الاقتصادية
لو سأل شخص من المستفيد من ارتفاع اسعار النفط؟ لجاءته الإجابة سريعا بالطبع الدول المصدرة للنفط، ولو سأل من المتضرر لكانت الإجابة الدول المستوردة,, وقد يستغرب البعض ان هناك من يستفيد من زيادة الاسعار في الدول المستوردة التي تنتج النفط بكميات لا تفي بحاجة السوق المحلية، ويأتي في مقدمة هؤلاء منتجو النفط المحليون في هذه الدول.
فارتفاع اسعار النفط يعني بالنسبة لهم زيادة الارباح عند مستويات الانتاج الحالية بالاضافة الى زيادتها نتيجة للتوسع في الانتاج الناشئ بسبب الزيادة في الاسعار,, لا سيما وأن هؤلاء المنتجين غير مقيدين بحصص إنتاجية تحد من زيادة الانتاج والاستفادة الى اقصى قدر ممكن من الاسعار المرتفعة مثلما هو حاصل بالنسبة لدول أوبك.
فبعض دول أوبك قد يكون من مصلحتها فيما لو تصرفت بشكل مستقل زيادة الإنتاج لما تؤدي إليه من زيادة في ارباحها لكنها لا تفعل ذلك لأنها ملتزمة بسقف أعلى للإنتاج فأصبح منتجو النفط في هذه الدول مثل الراكب بالمجان )Free rider( والذي يستفيد من ارتفاع الاسعار بدون ان يتحمل تبعات إبقائها عند مستويات مرتفعة والمتمثلة في خفض الانتاج بل يفعل العكس فيتوسع في الانتاج مقارنة بما كان عليه الحال عندما كانت الاسعار متدنية.
ولإرضاء الرأي العام يتظاهر البعض بالتذمر من زيادة الاسعار وينادي بضرورة زيادة الانتاج ومن ثم خفض الاسعار ويحمِّل الدول المصدرة للنفط وحدها مسؤولية ارتفاع الاسعار ويصور الوضع كما لو انها المستفيد الوحيد وهو متضرر أشد الضرر من ارتفاع الأسعار وربما اضاف مجموعة دول اخرى الى قائمة المتضررين ليكسب منطقه شرعية وتعاطفا دوليا.
صحيح ان الدول المصدرة للنفط مستفيدة من زيادة الأسعار لكنها حتما ليست المستفيد الوحيد والآخرون ليسوا جميعا متضررين.
بل إن هناك مستفيدين لا يظهرون على المسرح ولا تسلط الأضواء عليهم بإرادتهم ويفضلون البقاء في الظلام.
لذا فإن المفترض قبل مطالبة دول اوبك بخفض الاسعار مطالبة كبار منتجي النفط في الدول الصناعية بتحويل جزء من مكاسبهم الهائلة التي حققوها بسبب ارتفاع الاسعار لصالح المتضررين من زيادة الاسعار وذلك عن طريق فرض ضرائب إضافية على ارباح الشركات الناشئة عن زيادة الاسعار وعن التوسع في الانتاج المصاحب للزيادة.
وهذه الضرائب وان كانت في ظاهرها انها في غير صالح منتجي النفط في الدول الصناعية المستوردة له في الأجل القصير إلا أنها على العكس من ذلك في الأجل الطويل اذ ستعمل على الحد من دخول منتجين محليين جدد الى صناعة استخراج النفط والذين سيزاحمون المنتجين القدامى.
وفي النهاية يفترض ان لا يغفل عن حقيقة مؤداها ان هناك اكثر من اسلوب لمعالجة الآثار السلبية لزيادة الاسعار والتي يعاني منها البعض وأنه لا ينبغي تحميل طرف واحد أعباء هذه المعالجة وإنما يفترض مشاركة جميع المستفيدين في تحمل تبعات العلاج وتعويض المتضررين وهذا الاسلوب اكثر تحقيقا للعدالة من الأسلوب الذي يرى جاهزية بعض المنتجين على الدوام لأن يكون متحملا لما يمكن ان ينتج عن تصرفاته وتصرفات الآخرين.
* قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية جامعة الإمام محمد بن سعود
|
|
|
|
|