| مقـالات
النظافة ثمرة من ثمار الثقافة وعطاء من عطاءاتها، ونظافة أي مدينة دلالة على نظافة اهلها، فإذا رايت الناس يعنون بنظافة هندامهم وأولادهم وسياراتهم فاعلم انهم يسكنون مدينة نظيفة، وإذا رأيت غير ذلك فاحكم ان ثمة انحداراً في الثقافة، لان النظافة عنوان الثقافة وانعكاسها على البشر,أستطيع ان أقول إن الرياض عاصمة الثقافة هي ايضا عاصمة النظافة، فأنا أعيش في الرياض منذ اكثر من (30) عاماً، عرفتها قرية وأدركتها عاصمة للثقافة، ولم تكن الرياض يوماً غير نظيفة، وعرفت مقدار ما يبذل على هذه العروس من جهود ومال لتبقى نظيفة عندما توقفت شركة النظافة لمدة (3) أيام قبل سنوات فأصبحت النفايات كالجبال,إن الجهود التي تبذل لتكون الرياض نظيفة ليست جهوداً يسيرة، ولكن للإنصاف وراءها رجال سابقا وحاضرا يعملون باخلاص وبمرونة، والمرونة هذه من أهم عناصر النجاح، ومنها التفاعل مع المحيط الاجتماعي توعية، واتصالا به، ومعرفة بطبيعته، وأذكر أنه في البداية كانت امانة الرياض توزع براميل النفايات وأكياسها على المنازل ثم هي لم تترك فرصة لبقائها في الشوارع، فقبيل صلاة الفجر يبدأ هدير السيارات لحمل النفايات,أعلم أن الأمانة تعاني شيئاً من عدم تعاون الجمهور مثل رمي النفاية خارج الحاوية، وقذف البقايا اثناء سير السيارة في الشارع ونحو ذلك، ولكن في تقديري ان هذا سيزول مع الزمن لارتفاع الوعي بشكل عام في الرياض,وكم تمنيت ان تستفيد بعض بلديات بلادنا من المرونة في امانة الرياض، وهي مرونة ليست جديدة لئلا اتهم بمجاملة الموجودين، ولكن الشيء الجيد ان جميع من تعاقبوا على حمل المسؤولية اتفقوا على هذه المرونة، ففي الرياض بالامكان ان تأخذ المخططات من الامانة مقابل ألف ريال حيث توجد عدة مخططات حسب المساحات، ولمن اراد تصميم مخطط خاص به ان يفعل، وفي الرياض لا تحتاج إلا ليوم واحد لاستخراج تصريح البناء ويوم آخر لشهادة الانهاء، وفيها تجد حسن الاستقبال وحسن المعاملة من الموظفين إلا ما ندر فلا توجد إدارة إلا وفيها عناصر ممن خلقهم الله لتعقيد عباد الله,والنظافة ليست في المظهر بل لابد ان تمتد إلى المخبر، فلا يكفي نظافة ثوب المدير ومكتبه ومشلحه بل الاهم نظافة عمله ومعاملته، والمدير الناجح هو المدير الذي ينهي العمل بدون أن يقف المراجع على رأسه، لانه وزع العمل وحدده بحيث ينتهي المراجع في اقصر وقت وبأيسر السبل.
في الاسبوع الماضي قرأت في احدى صحفنا شكوى مواطن من احدى بلديات مدننا، مفادها انه أراد إضافة دورين لعمارته التي بناها قبل عشر سنوات وفق النظام المتبع، ومنه التأسيس على اربعة ادوار، فطلب منه صورة فوتغرافية للعمارة وصورة الصك مصدقة من المحكمة، وصورة من المخططات مصدقة من الامانة، وصورة الرخصة القديمة، كل هذا والملف القديم موجود لديهم، وبعد مراجعات لم تستمر سوى (4) أسابيع قالوا: لا يمكن لأن المنطقة ستزال لصالح شارع جديد، وكان يمكن أن يقال منذ اللحظة الاولى التي خرج فيها للموقع المساح فالمراقب، أرأيتم الفرق بين الرياض وغير الرياض في بلد واحد؟!
عموماً الاجراءات الادارية في جميع الدوائر في الرياض ايسر منها في كثير من مدننا، مع تأكيد وجود بعض التعقيد من بعض الموظفين حرصا على السلامة، ولكنه مع ذلك يعد رحمة إذا جرَّب المراجع أن يراجع خارجها.
هذه الرياض عاصمة الثقافة والنظافة، والوعي الإداري فعسى ان يمتد ذلك لغيرها، والمجربون يوافقونني، ومن لديه غير ذلك فليكتب.
|
|
|
|
|