| منوعـات
ليس معقولا أن يكون الحد الأدنى للأجور,, في القطاع الخاص ألفا وخمسمائة ريال في الشهر، بمعدل خمسين ريالا يوميا,, فماذا يصنع هذا المبلغ الزهيد لفتى أو فتاة أو سيدة، يحمل أي منهم شهادة الثانوية العامة أو ما يفوق ذلك!؟
أيكفي ذلك معيشة أو ملبسا أو سكنا,, وما الى ذلك من متطلبات الحياة الكثيرة، كالكهرباء مثلا؟ أكبر الظن أن الدكتور علي النملة لا يغيب عنه,, أن أجور الساعة الواحدة للحد الأدنى ستة دولارات ونصف، أي ما يعادل نحو ثلاثة وعشرين ريالا,, في أمريكا! فاذا عمل عامل هناك ثماني ساعات يوميا,, كما هي الحال عندنا,, حسب نظام العمل، فإنه يحقق في اليوم 230 مائتين وثلاثين ريالا يوميا، أي أربعة أضعاف,, ما يحصل عليه موظف أو موظفة في القطاع العام، والحياة عندنا وفي الولايات المتحدة متقاربة,, من حيث النفقات والأسعار,!
إننا لو افترضنا,, أن يحصل المواطن والمواطنة السعوديان,, فقط ثلث أجر ما يحصل عليه المواطن في الولايات المتحدة، وحتى غير المواطن من العاملين هناك، فان الحد الأدنى في الأجر الشهري,, يبلغ نحو 2400 ألفين وأربعمائة ريال، شريطة ألا يتحكم القطاع الخاص، بحيث يجمد مرتب العامل أو العاملة فلا يزيد، وإنما ينبغي أن يكون ثمة زيادة سنوية لا تقل بأي حال من الأحوال عن 8% ثمانية بالمائة.
وأنا أدرك ان الراتب للوظيفة، وان القطاع الخاص ينبغي ألا يتحمل أعضاء مرتبات لقطاع غير منتج، ذلك ان هذا القطاع والنظام في صفه، فعملية الفصل قائمة لأي عضو مقصر في عمله، وغير منتج، ولا أحد يفرض عليه أعباء بلا عائد,!
إن الحديث يساق بالقياس الى الانسان المنتج، الملتزم الذي يؤدي واجبه,!
وحين أقول: ان المواطن والمواطنة,, الذين اضطرتهم ظروفهم القاسية للعمل، ينبغي ألا تبخس جهودهم وأداؤهم، فيحرموا حقهم المشروع، ويكرهوا على العمل بأبخس الأجور، بحيث إن ما يحصلون عليه,, لا يكفي لطعام ولا لسكن ومستلزمات الحياة الضرورية,!
إنني أعجب من وضع مدرسة بألف ومائتي ريال شهريا، في القطاع الخاص، والحديث موجه الى الرئاسة العامة لتعليم البنات، وبجانبها مدرسة تتقاضى أكثر من ضعف المرتب! وأتساءل في ألم: كيف ستعمل وتخلص، وحالها ونفسيتها في أسوأ الأحوال، وماذا ستكون نتائج من تعلم؟ ولست أدري ماذا عند رئاسة تعليم البنات من معالجات,, كنتائج لهذا التردي ولهذا الخلل؟
إن العجيب والأعجب,, ألا يُحس بحال تلك البائسات، اللاتي قهرهن الزمن، وقست عليهن الحياة، وهن منا وفيما بيننا، ثم لا نحس بشقائهن وحالهن، وإصلاح وضعن! والمؤلم ان هذه الأمور تسير في صمت، ولا تثار على المستوى العام ولا تبحث,!! غير ان الأمل في الله,, ثم في وزارة العمل، ووزارة المعارف، والرئاسة العامة لتعليم البنات كي تنظر الى هذه الأمور، فتفرغ لها بعض الوقت,, دراسة ومعالجة، لينال كل عامل، جاد ومخلص حقه، بجانب من أتيح لهم أو لهن، ان تبسم لهم الحياة، وهم محرومون ومحرومات من أقل الحقوق وأدناها ,, والأمور تسير فيما يشبه الصمت المطبق، كأن الأمر لا يعني أحدا من المسؤولين، وانما صاحب المعاناة وحده,, هو الذي يتحمل همومه وحده، فلا ينظر اليه بشيء من رأفة ورحمة وواجب قبل كل شيء، ذلك انه وأنها مواطنان، لهما حق الحياة في وطنهما,, وحمايتهما ,, في الحق العام، إن صح هذا التعبير، ونيل الحق,, الذي يحمي من الذل والبؤس والحياة المتدنية، التي تمس كرامة الانسان المسلم، ثم لا يلتفت الى معاناته وصقله وعوزه، كأن أمره لا يعني المسؤولين,! وكأنه ليس له حق في حياة كريمة، تحفظ ماء وجهه من المسألة والفقر، وهو قادر ان يعمل في وطنه، ويشارك بما يستطيع، له ان يعيش كغيره، وهو يجد ويكدح، لأنه يدرك ان اليد العليا,, خير من اليد السفلى.
الأمل وطيد في نهدة من رجل واع,, يدرك حال من عضهم الزمن القاسي,, وهم لا يريدون صدقات، ولكن أجرا يحفظ الكرامة، لأن الله كرم بني آدم,! وقد ضربت المثل بالحد الأدنى في الأجر عند الولايات المتحدة، وعندنا ما دون الحد الأدنى، وفي ذلك ما يكفي بيانا وتوضيحا,, والله المستعان.
|
|
|
|
|