| مقـالات
لكل أمر قاعدة حتى يستوي البناء، وبدون القاعدة فإن الهرم ليس في وضع سوي وثابت سواء من حيث الميلان أوحتى الارتجاج .
والتجارة لدينا حرة كما هو المفروض في أي منحى من مناحي الحياة السليمة القائمة على بنيان ثابت ومتين , بمعنى ان تحقيق الربح السليم من حيث المبدأ كقوله تعالى "وانتشروا في الأرض وكلوا من رزقه " والمبدأ في العصور السالفة لاخوف من تذبذبه لأن الناس يخافون الله في كل شأن من شئون حياتهم ولاسيما علاقاتهم الاجتماعية , فالقوي نادرا ما يبطش بالضعيف أو الكبير يتطاول على الصغير لضعفه وقلة حيلته , ودوام الحال من المحال, فالركض وراء المكسب المادي أصبح غاية في حد ذاته والقناعة لم يعد لها مكان في هذا الزحام , إذن فمن حقنا اليوم أن نتساءل إلى متى هذا الربح التصاعدي ومن يحاكم الجشع ؟ الأسعار في ارتفاع مضطرد والذين يتسوقون شهريا يلمسون الفارق بين شهر وآخر ثم لاتفسير مقنع لهذا الهامش الذي لايشبع بل يتنامى ولا يجد من يكبحه , وأذكر من بضعة أعوام حاول أحد التجار الجشعين أن يحتكر سلعة لا يستغني عنها الناس وأقفل عليها أبواب مستودعاته وأنكر تواجدها لديه ولكن الحاكم الإداري بما لديه من بصيرة عرف ما يبيته هذا التاجر فما كان منه إلا أن استدعاه إلى مكتبه وأخبره أن خطته مكشوفة والحكومة لن تسمح له بالتحكم بالأسعار على هواه فإما أن يفتح أبواب مستودعاته وإلا فإن الجزاء الصارم في انتظاره (ويقال إنه أهداه صفعة دوت في المكان ) وطبعا إن ذلك التاجر قد جبن وتراجع قليلا عن جشعه , وإذا كان يصعب علينا في هذا الزمن تحديد هامش للربح مع اتساع الذمم وتسرب التحكم في الضمائر فإن على الحاكم أن يكون أكثر حزما , وإلا فهل من المعقول أن يقوم بعض الأفراد باستيراد بضائع من دول الخليج إلى أسواقنا فيبيعونها بأسعار أقل من أسواقنا ويحصلون على مكسب , ألايعني ذلك بصريح العبارة أن اسعارنا مبالغ فيها ,, أو بمعنى آخر أن تجارنا سيطر عليهم الجشع وهم بحاجة إلى من يواجههم بهذه الحقيقة لأن المغالاة في الأسعار ضحيتها المواطن البسيط الذي تراجع دخله وانكمش توفيره , والغريب أن الجشع طال الخدمات الكبيرة مثل شركة الاتصالات التي تتفنن في رفع الأسعار باسم التخفيض بينما إعلانات الصحف في دول الخليج تكشف عن مغالاتها سواء في التأسيس أو استخدام الأجهزة المختلفة وتسعيرة الاستخدام , فها هي ترفع سعر الاستخدام الداخلي بينما تخفض الاستخدام الخارجي الذي لايحتاجه المواطن وإنما يتراكض نحوه المنفذون في هذه الشركة واضرابهم من كبار التجار غير ملتفتة الى تحسين ادائها الخدمي, إن هذه الصراحة سوف تزعج بعض الفئات لأن سكوت الناس أعطاها القوة والقدرة على التلاعب مستفيدة من شعار "التجارة حرة "الذي لم يعد يتناسب مع مستوى معيشة الأكثرية من المواطنين الذين تستغلهم الفئات المتسلطة في السوق من شركات كبيرة مختلطة تمثل عناصر الاستغلال في الأسواق العالمية أو الاحتكارية , فهل نحن أكثر ثراء وغنى من إخواننا المواطنين في دول الخليج ؟ لا أعتقد ذلك كما أن المصالح والاستثمار لديهم محدود بدليل انهم يضعون الخطط للدخول في مشاريع استثمارية نشجعهم عليها ولا ندعوهم إلى الاستسلام نحو هذه الزوبعة من التلاعب بالأسعار لدينا .
|
|
|
|
|