| الاقتصادية
لاشك ان عالم اليوم يشهد ثورة كبرى في اساليب الادارة الحديثة ووسائلها، ولا يجوز ابداً ان نكون بمعزل عنها والا حكم الزمن علينا بالتخلف الاداري المهين الذي لا نرضاه لانفسنا ولوطننا,, ان التحديث الاداري الفاعل ليس قضية موظف او مجموعة موظفين فقط، كما انه ليس مقصورا على جهاز اداري او اكثر من اجهزة الدولة، بل هو في واقع الامر ينبغي ان يكون قضية كل فرد في هذا البلد ومجال عمل كل وحدة ادارية فيه,, فالكل مطالب بأن يرصد بفطنة وذكاء التغيرات التي تؤثر في مجال عمله او عمل الوحدات الاخرى او المستفيدين الآخرين، ويقدم ما يراه مناسبا من طروحات لمواجهة تلك المؤثرات والتعامل الناجح معها، ويجب ان يتم ذلك في تناسق وتناغم ومن خلال قنوات محددة على نحو يضمن تفاعل الاجهزة المعنية مع كل ما يطرح بشأن خدماتها ونشاطاتها من مرئيات وملاحظات لتحديثها وتحسينها, ومن الاهمية في هذا المجال ملاحظة ان التحديث الاداري لا يتمثل فقط كما هو ممارس حاليا في اعادة صياغة التشكيل الاداري او الهيكل التنظيمي او احداث تغيير في جوانب العملية الادارية بل انه قبل ذلك وبعد ذلك لا بد ان يتجسد في (سلوك) القائمين على العمل ومواقفهم, اي ان عملية التحديث في اي مجال اداري يجب ان يصاحبها اعادة صياغة (الفكر السلوكي الاداري) للقائمين على العمل وافساح المجال امامهم ليطوروا اساليبهم ويبدعوا في اعادة تشكيل سلوكياتهم لتتوافق مع درجة تطور ما وصلنا اليها ودرجة اخرى نتطلع اليها ونخطط لتحقيقها.
ومن المهم ان ندرك ان السير نحو تحديث الادارة ينبغي ان يتم من خلال منظومة عمل شاملة,, يكون هدفها الرئيسي النهوض بالمجتمع والسير به نحو النمو الشامل والمتكامل في اطار ما تسمح به الاستعدادات والحدود والامكانات وبما يكفل التوازن بين تحقيق الكائنات الادارية لذواتهم واعدادهم للمشاركة البناءة في تقدم المجتمع، هذا هو عين الهدف الذي يجب السعي لبلوغه، ولا شك ان اجهزة الدولة كلها وما لها من اختصاصات ومسؤوليات، وما يخصص لها من قوى عاملة وادوات، وما يوضع لها من قواعد عمل ونظم، وما يراد لها من تنظيم وتنسيق في مهامها ونشاطاتها وتكامل وسائلها,, كل ذلك, انما هو لتحقيق هذا الهدف بكفاءة في الاداء، وترشيد في الجهد والانفاق, ان العمل,, والعمل وحده، ينبغي ان يكون معيار المفاضلة بين الافراد واساس الحكم على القدرة من عدمها, ان الظاهرة الملاحظة مثلا بالنسبة للقوى العاملة هي دائما شكوى وتظلم الجهاز الاداري من نقص القوى العاملة فيه، والحقيقة ان الادارة في قالبها الاصلاحي والتنظيمي لا تسلم بصحة ذلك ما لم يبين الجهاز الاداري المعيار العلمي الذي يقيس به حاجته من القوى العاملة فيه, ان كثيرا من الاجهزة بكل اسف تفتقد ذلك المعيار ولذلك فان تقلص حجم العمل في اي ادارة يجب ان يصاحبه تقلص مماثل في العمالة والعكس ليس بالضرورة ان يكون صحيحا,,,؟! كما ان تقليص حجم العمل ايضا في اي جهاز يجب ان يصاحبه تقليص الوحدات الادارية التي يتكون منها بناؤه التنظيمي, ان معنى ذلك هو ان نسعى للتخلص من المفهوم البئيس الذي يجعل الموظف او شاغل المنصب هو (الموظف والوظيفة),, اي انه فوق واجبات والتزامات الوظيفة,, وليس العكس , هذا المفهوم او النهج لابد ان نجعله (محرما) في الممارسة الادارية,, ولابد ان نضع النظام الذي يجعل الوظيفة (فوق) الموظف,, وتكون المؤهلات والقدرات والانجازات هي (مقياس البقاء) في شغل الوظيفة وتحريم ان يمتطي الموظف صهوة الوظيفة ويلونها بمزاجه ويسخرها لمساراته واتجاهاته الشخصية.
|
|
|
|
|