| الثقافية
* كتب المحرر
ضمن اطار النشاط الثقافي بمناسبة الاحتفاء بالرياض عاصمة للثقافة للعام 2000م، نظم مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الاسلامية مساء الاربعاء الماضي محاضرة بعنوان نحو فهم جديد للتراث العربي ألقاها أ, د, عزالدين اسماعيل عبدالغني الحائز على جائزة الملك فيصل للأدب لهذا العام، وذلك بقاعة المحاضرات الكبرى بالمركز.
وقد قام د, عبدالله الغذامي مدير الأمسية بتقديم نبذة مختصرة عن المحاضر الذي وصفه بأن علامة ثقافية بارزة في العالم العربي قائلا: وهو ليس شاعرا فحسب بل هو مسرحي كتب بابداع وتميز وله دوره العربي الكبير في مصر والسودان وفي الرياض أيضا في بعض الفترات، ولكن الشيء الذي يتميز به هو انه رجل مؤسسة فان جيلا من الباحثين والمنظرين يعرفون تماما كيف تحرك هذا الرجل عبر مؤسسات ثقافية متعددة,, وهو من الذين غيروا الخطاب الثقافي في الأمة,, وكلنا نعرف مجلة الفصول وكيف كان د, عزالدين يتدخل بكل كلمة وكل فاصلة وكل جملة ليؤسس خطابا معرفيا مدققا وظل في مجلة الفصول عشر سنوات وخلال هذه المدة ستكتشف انها انتجت عشرة آلاف صفحة نقدية,, كان ضيفنا يؤسس الخطاب العربي المعرفي,, ومن هنا فعندما علمنا بفوزه بالجائزة احسسنا أن جيلا من الباحثين والنقاد استلموا الجائزة.
ثم بعد ذلك تحدث أ, د, عزالدين اسماعيل فذكر في البداية انه: كثر بين الباحثين والنقاد تداول فكرة ثنائية التراث والمعاصرة على انها تضاد,, والتراث مرادفة للقدم,, في حين ان الحداثة معاصرة للحدث,, وان هذا المفهوم ينفي الآخر,, وينظر الى القديم على انه رمز للتخلف,, أما الجديد فانه ينظر له كرمز التقدم,, وهنا تحدث البلبلة بين هذا وذاك.
والواقع ان القديم في مجموعه ينطوي على عناصر متخلفة ولكنها ليست متخلفة بالضرورة، وأيضا الجديد ليس في كله تقدم، ولنحاول ان نطرح هذه الثنائية للفهم:
منذ الوهلة الأولى يتضح لنا الحيرة بين ما هو تراثي وتقدمي، فالتراثي قاعدة قومية لا يجوز التعدي عليها، والعودة الى التراث تؤكد على العودة الى الماضي، انه الشيء الذي يجوز الإمساك به لأن فيه ما يبعث على الراحة والسكينة، هذا من جهة، أما التقدمية فهي تمثل الطموح والتقدم للانسان للخروج من الماضي الكئيب وهكذا سيخرج الانسان نحو مستقبل يحقق ذاتيته وانسانيته,, ان الصراع بين التراث والجديد وبين الماضي والحاضر تصنع معيارا لحقيقة على حد سواء,, وأشد من هذا نكرا ان يجد الانسان نفسه ممزقا بين هذين التوجهين، وهنا يترائى لنا ان العلاقة بين التراث والمعاصرة ليست علاقة تضاد ولكنها علاقة تداخل وتخارج في الوقت نفسه.
وأضاف د, عزالدين قائلا: والناس ازاء التراث في موقفين:
ان هناك من يرفض الرجوع الى التراث ويقول اننا نحمل الماضي أكثر مما يحتمل.
وهنا آخرون يرفضون التحكم في مجريات الواقع بالنظرية التراثية.
ثم انتقل د, عزالدين للحديث عن فهمنا للتراث فقال: كيف يتمثل لنا فهم التراث في ضوء الثابت والمتغير؟!
كما قامت دراسات أدونيس المستفيضة ولست أراه عادلا أي العدالة العلمية، ونحن نتمثل التراث في مستويين.
* هناك مادة تراثية ثابتة سواء كانت باقية في ذاكرة الانسان سواء عن طريق المشافهة الشعرية أم مدون في الكتب,, فمثلا شعر المتنبي محفوظ في الذاكرة أو القراءة.
* هناك مادة تراثية تنتقل من كائن باق في الكتب الى شيء يصبح فيه موضوعا للوعي,, وهنا ينشأ الوعي بالتراث.
ثم تساءل د, عزالدين عن موقفنا من التراث فقال: أما موقفنا من التراث، فهناك من يحفظه فقط، ومنا من يعرفه كمجموعة حركة توالد، وهناك من يرفض التراث، فمثلا ابو نواس حينما كان يتهكم على الوقوف على الأطلال كان يرفض التراث.
وهناك سؤال مهم ما هو الحد الزمني للتراث؟!
البداية قد تكون غامضة دائما,, وكذلك نهايته,, فقد قالوا ان نهاية التراث كانت في القرن التاسع عشر ولكن هذه نظرية خاطئة فقد نصبح تراثا في انظار أبنائنا وأحفادنا، وليكن أحمد شوقي كما يسميه شوقي ضيف شاعر العصر الحديث لكنه سوف يصبح تراثا بالنسبة الينا كمعاصرين,, اذن التراث يتجدد ويتغير من خلال تناسله,, وربما يكون التناسل فيه ضعف أو قوة.
وحذر د, عزالدين من الاغراق في التراث وحده لأنه يولد ضعفا في المكنون الثقافي المعاصر وذلك بالرجوع الى الماضي وبهذا المعنى يصبح الانفتاح على الآخر دعما للتراث وليس كما يظن البعض ان ثقافة الآخر تصبح مهددة له.
وختم حديثه قائلا: ان الوعي بالتراث من جانب الفنان أو المبدع يحقق النماء والاكتفاء والخصب.
|
|
|
|
|