| مقـالات
الإعلان الصحفي مورد أساسي لأي صحيفة تنفق منه على تحريرها وإنتاجها وتطويرها، خصوصا وان قيمة البيع لا تكفي حتى لدفع رواتب الموظفين، او مصاريف الطباعة الباهظة، وأمام التهافت والتنافس على كعكة الاعلان المتناقصة بين وسائله المختلفة والمتزايدة من المطبوعة الى المرئية والمسموعة وحتى اعلانات الطرق والمعارض التجارية وغيرها، وامام هجمة الوسائل العربية والدولية المختلفة وسيطرة مراكز الاعلان اللبنانية وتحكمها في عملية توزيع المساحات الاعلانية القادمة من اعالي البحار، يصبح من حق صحفنا ان تعمل بدورها على تحصيل نصيبها المستحق من الكعكة الاعلانية، خصوصا وان المملكة تمثل اكبر اسواق الاعلان والاستهلاك العربية.
ولصحفنا في ذلك ما لغيرها من الوسائل المشروعة في اكتساب الاعلان وكسب المعلن.
ولكن المشكلة هي انه ليست كل وسائل الاجتذاب مشروعة، ففي الوقت الذي تنشط فيه الوسائل الاجنبية غير السعودية في اقناع المعلن الدولي بأرقامها الوهمية لمطبوعات مبيعاتها في السوق السعودية التي لا تتجاوز المئات، وفي حين تلجأ هذه الوسائل الى كسب هذا الوجود المحدود طباعة والكبير مرئيا ومسموعا بأساليب تتلاعب وتتاجر بالرغبات، تعف صحافتنا حتى عن محاولة كسر هذا الحصار وهذه السيطرة بالتواصل المباشر مع المعلن الدولي، وتقديم المستوى الصحفي المقنع، وتفنيد مبالغات المنافسين وارقام توزيعهم الوهمية.
على أن هناك وسيلة مارستها الصحافة في بعض الدول العربية طويلا بدأت في التسرب الى بعض صحفنا, فقد دأبت هذه المطبوعات على بيع اغلفتها ومساحتها التحريرية لمن يدفع، بل وتمادت الى المطالبة والمساومة على هذا الدفع والتفنن في الضغط على من لا يدفع بالاغراء تارة، وبالتهجم تارة اخرى.
وفي بعض صحفنا بدأنا نلحظ هذا التداخل بين المادتين الاعلانية والتحريرية, فرغم ان مبادىء النشر تقتضي تحديد هوية المادة الاعلانية التحريرية بوضع اشارة واضحة كعبارة مادة اعلانية فوق الاعلان، او خدمات تجارية على رأس الصفحة، رغم ان العبارة تظل غير مفهومة لغير المتخصصين، وان يتميز اخراج المادة فنيا عن المادة التحريرية داخل الجريدة, الا ان اللهفة لإرضاء المعلن دفعت بعض الصحف الى ان تنشر ملاحق ومواد اعلانية بدون تنويه وبنفس الاخراج الصحفي للجريدة، وتحت اسماء محرريها.
وخطورة هذا الخلط ان الجريدة بذلك تتبنى تصريحات وادعاءات المعلن وتعطيها مصداقية لا يتردد القارىء الذي يثق بصحيفته في تصديقها, اما القارىء الحصيف فإن ثقته في الجريدة تتزعزع بعد أن فقدت حياديتها تحيزا تجاه هذا المعلن أو ذاك.
ان نظم الصحافة في البلاد المتقدمة ومبادئها المعلنة تفضل بشدة وبحزم وحسم بين ما تكتبه الصحيفة على مسئوليتها وما يكتبه المعلن على مسئوليته, وأتصور ان نظام المطبوعات في بلادنا يحدد هذه العلاقة ويضع الفواصل الواضحة بين المادتين, واذا لم يكن هذا واضحاً في النظام، فإنني أرجو أن يشمله النظام الجديد المطروح للبحث والدراسة حاليا في مجلس الشورى، حفظا لمصداقية صحفنا وحفاظا على سمعتها، وحماية لمصلحة المستهلك.
* رئيس الشئون المحلية ، جريدة الوطن، أبها
|
|
|
|
|