| لقاءات
يحدثنا اليوم الشيخ عبدالله ابن عايض الودعاني الدوسري أحد الرجال الابطال الذين دخلوا الى جازان فاتحين عن شروق الشمس في يوم فتح جازان وبقية المنطقة, يتحدث عن الحياة وكيف كانت في ذلك الوقت ومقارنتها مع الحياة الحالية فتعالوا معنا الى هذه الأسطر وأولى اوراق ضيفنا الشيخ الودعاني:
والذي تحدث عن عمره قائلاً
:الأكيد أنني فوق التسعين بسنتين اوثلاث
حيث كنت في فتح جيزان ضمن المشاركين, وكان سني فوق العشرين سنة ولك ان تحسب السنين فهذه طريقة الأولين في الحساب بربطها بحادثة معينة ثم تحسب السنين، اما أنتم ففي نعمة الله لايغيرها وان يديم الشكر من الناس على هذه النعم فقد عشنا ومن قبلنا حياة فيها من التعب والمشقة والجوع والخوف ما الله به عليم.
*أيام الصبا كيف هي أبو ناصر؟
كما قلت ايام مشقة وتعب ويصعب ان أصفها الآن لأنها ستكون للأجيال الحاضرة مثل الحلم او الخيال.
*وهل أخذت نصيبك من التعليم؟
أبدا لم أتعلم ولم يكن في عهدي مدارس للتعليم لكنها الحياة التي علمتني الكثير مابين نجد والبحرين والحجاز, رافقت رجالاً وتعلمت منهم ثم انني كنت احب مجالس العلم, مع العلم انني درست فترة قصيرة القرآن الكريم على يد الشيخ المطوع, ابن شليع - يرحمه الله - وهو معروف انه الذي علم القرآن الكريم لجميع ابناء السليل, وكان والدي معارضا ان التحق بحلقة ابن شليع بسبب انه كان يحتاجني كثيرا للعمل معه في الزراعة, حيث كنت أساعده في السانية والحطب والعناية بالإبل والمواشي .
لكن عددا من الاقارب حاولوا إقناع الوالد ان اتعلم ولو جزءاً من القرآن الكريم ولم استمر طويلا.
إلى البحرين
*علمت انك سافرت من اجل طلب المعيشة في سن مبكرة, اين كان الاتجاه؟.
الحياة وصعوبتها تجعل الشخص في ذلك الوقت, يرحل مبكرا هنا وهناك, ففي سن الخامسة عشرة تقريبا عزمت على السفر لطلب المعيشة وبعد إلحاح على والدي ووالدتي وافقا على السفر نظرا للحاجة الماسة, فقدم والدي لي قعود (جمل صغير كراحلة وعهد بي الى أحد المعارف المتمرسين في السفر ومعرفة الأماكن، وبعد رحلة استغرقت 20 يوما وصلنا للاحساء وذكر لنا البحرين, حيث توفر العمل لكل راغب للعمل فبعت جملي ابحرت الى البحرين وبرفقة أحد المعارف فهناك بقيت اكثر من ثلاث سنوات, ثم عدت الى السليل, وبقيت ثلاث سنوات مع والدي تزوجت خلالها زواجي الاول وتوجهت الى الحجاز حيث ذكر لي ان في الطائف عملاً فكتبت هناك مع خوياء الامير فيصل (الملك فيصل يرحمه الله) وكان الراتب زهيداً جدا بالمقارنة بوقتنا الحالي, وبعد عدة اشهر طلب منا التوجه الى جازان, حيث كان هناك خلاف بين (فهد ابن زعير) منصوب ابن سعود في جازان والحسن الادريسي حاكم جازان قبل دخولها في حكم الملك عبدالعزيز فقرر ابن سعود إرسال بعثة للإصلاح بين الطرفين مع ابن سليمان وزير ابن سعود وأبو الوليد من المستشارين, ومعهم عدد من المقاتلين, امانحن وعددنا 150 رجلا من الخوياء نكون قوة احتياط كان علينا ان نركب البحر توجهنا من الطائف الى مكة المكرمة وبعد أداء العمرة اتجهنا الى جدة ومنها كان هناك مركب (سنبوك) ينتظرنا في البحر واتجهنا الى جازان, حسب الموعد مع ابن سليمان ومن معه, لكن اثناء سيرنا حدث تطور ان الادريسي اعتقل ابن زعير ومن معه فعلم الملك عبدالعزيز في الرياض ابرق الى ابن سليمان ومن معه بالتوقف وكان ابن سليمان قد غادر القنفذة ولم يعلم بما حدث من الادريسي الاقرب جازان فتوقف وحاول إبلاغنا في البحر ولم يستطع وفي الموعد المحدد وصلنا الى الساحل فكان بعض من معنا اصيبوا بمرض وكان عددهم حوالي خمسين رجلاً او اقل فخفنا عليهم وتركناهم في المركب وطلبنامنه ان يعود الى داخل البحر ويعود لنا بعد الظهر, نزلنا في منطقة مهجورة ولم نجد أمامنا من ربعنا حملة السيارات أحداً وكان الوقت آخر الليل, اتجهنا مشيا على الاقدام وكل واحد منا معه بندقيته فقط ولم يكن معنا طعام، واثناء سيرنا في اتجاه البلد جازان قابلنا رجل وعندما سألناه عن الاخبار قال ان الادريسي سجن ابن زعير ومن معه وسوف يقتله وقلنا الم يصل لكم إمداد من ابن سعود من أية جهة وكنا نقصد الحملة قال ابدا عندها تشاور الرجال فكان ليس امامنا إلا الغارة قبل طلوع الشمس اونقع في الاسر وبسم الله بدأنا في الرمي في اتجاه البلد ونحن نزحف ركضاً حتى وصلنا الىداخل البلدة وكانت صغيرة جدا وأثناء المعركة تمكنا من الدخول الى المكان الذي فيه ابن زعير ورجاله وحررناهم من الاسر وواصلنا حتى قبيل طلوع الشمس حيث وصلت الحملة وخاضوا معناالمعركة فتوقع أهل جيزان ان خلف المغيرين من البحر والبر جيش وقوة كبيرة فاستسلموا دون ان يعرفوا ان العدد من المقاتلين كان قليلاً, وبعد ذلك توجهنا الى الحفاير وهي من اصعب المعارك جاء فيها عجاج ثاير ثم المضايا والعين وأبو عريش والحرة,وهكذا.
ذهبنا للصلح
*اعرف من ذلك ان من فتح جازان هم المائة الذين قدموا عن طريق البحر.
نعم وهم من استبسل حتى طلوع الشمس ووصلت البعثة البرية وفي الاصل لم يكن الجميع مرسلين للفتح وانما من اجل المفاوضات والصلح ولكن اراد الله الفتح لابن سعود.
*وهل تذكر الفاتحين؟
اعذرني يابني فالذاكرة لم تعد تستوعب اخاف ان اذكر البعض ويبقى البعض افضل ان اترحم على الجميع دون ذكر الاسماء فالجميع كانوا ابطالاً فمن عايش توحيد هذا الوطن نذر نفسه لتوحيد هذا الكيان مما جعل الابناء يجنون ثمرة غرس الآباء والاجداد يابني لقد كان الجميع يحبون ابن سعود ومن في قلبه ذرة إيمان لا اعتقد انه في ذلك الوقت يفضل حكم غير الحكم السعودي.
لقد رحب الجميع بالملك عبدالعزيز وبايعه الداني والقاصي لأنه صاحب عقيدة صحيحة ودين الله الواحد الاحد.
أصيبوا بالغثيان
*الخمسون الرجل الذين مرضوا وبقوا في المركب ماهو المرض الذي أصيبت به تلك المجموعة التي تمثل ثلث حملة المركب.
ليس مرضاً معديا كما ذكر لما بقينا اصحاء نقاتل, وانما البعض منهم اول مرة يركب البحر فحدث لهم دوخة وغثيان مستمر وقبل ذلك هذه إرادة الله.
*وبعد مشاركتك البطولية في الفتوحات جنوب البلاد ماذا علمت.
شاركت في جميع فتوحات منطقة جيزان وبعد الانتهاء من الفتوحات بقيت سنتين مابين الحجاز وتهامة عدت الى الطائف لعملي الذي انطلقت منه وسمعت انهم سوف يلبسون لباساً عسكرياً (بنطلون) وكان من العيب عندنا هذا اللبس, وقال بعضنا لبعض والله مايتعالمون الجماعة والقبائل انا لابسين بناطل ان ماعاد احد يجوزنا او يتجوز منا, وقيل انه سوف نصور صوراً ويكون لنا توابع (حفائظ نفوس) ولم نكن ندرك الاسباب فقررنا العودة الى الاهل وعدت الى السليل رغم الحاجة لطلب الرزق لكنه الجهل وعدت ومعي عدد ممن شارك في الفتوحات وتوفي البعض رحمة الله عليهم.
*وبعد العودة؟
تزوجت ام اولادي وبقيت سنوات ثم توجهت الى الرياض وعملت عاملاً في بناء القصور الملكية في المربع.
وتزوجت رزقت والله الحمد بثمانية مابين بنين وبنات, وتوفي منهم اربعة وهم صغار بالحصبة التي كانت هي والجدري تقضي على الكثير من الصغار والكبار حيث اذا دخلت البيت الواحد لايسلم منها الامن يشاء الله له حياة جديدة, ولهاضحايا أكثر اما الان فالحمد الله الذي سخر الطب للناس وتم القضاء على تلك الامراض التي كانت تصيب الناس, بقي من ابنائي (ناصر ومسفر) وابنتان, وللجميع ابناء وبنات ولله الحمد.
|
|
|
|
|