| أفاق اسلامية
لعل من أهم ميزات الحضارة في العقد الأخير هو الانتشار الهائل لتلك التقنية الحضارية التي اسموها بالإنترنت، أو شبكة المعلومات العالمية، التي جعلت العالم في الحقيقة قرية صغيرة بمفهوم الواقع، وبشكل موضوعي وعملي.
تأتي اهمية الإنترنت، وخطورته بنفس الوقت من أنه يمثل لغة عالمية مشتركة، يتخاطب بها كل الناس، وعلى الاخص المثقفون منهم، وتحدث مزجاً واختلاطاً، وربما تفاعلا (إيجابيا أو سلبيا) بين الثقافات المختلفة والأطر الفكرية المتنوعة التي يزخر بها التراث البشري والحضارة الانسانية.
ولأن الانترنت لغة عالمية على النحو سابق الذكر، فقد تسابق اصحاب الأفكار والعقائد والايديولوجيات إلى استغلاله، وحجز الاماكن، والمواقع العديدة والكثيرة على ساحته التي تغطي العالم وأكثر,,!!
إننا نحن المسلمين أصحاب مشروع حضاري إسلامي إنساني عالمي، وبالأحرى نحن حملة لواء منهج رباني ارتضاه الله سبحانه للبشر، وما يهمنا هو تقديم ملامح وأصول هذا المنهج الحقيقية على وجهها الصحيح في مواجهة العولمة الظالمة التي تسعى لسحق الثقافات الأخرى، وعلى رأسها الرؤية الإسلامية، كما أن لنا موقفا متوازنا موضوعيا من الحضارة الغربية والحضارات الاخرى بكل مقولاتها وإفرازاتها، وهذا الموقف، الذي من شأنه إنقاذ الانسانية بالاسلام الذي يجب أن تصل دعوته إلى كل إنسان في العالم بشكل واضح وجلي وغير مختلط بالفرعيات أو الخلافات أو التناقضات أو الصور المشوهة.
لقد وصل لا بل التحق المسلمون بعالم الانترنت متأخرين,,!!، ولم يصلوا كفريق عمل منسق، بل وصلوا كالعادة أيضاً فرادى وجماعات ومؤسسات، وبطريقة عفوية متناثرة أقرب ما تكون للعشوائية، إن لم تكن العشوائية بعينها، لقد كان وصولهم يفتقد لأبسط أنواع التكامل والتنسيق والتعاون، ولو في مستوى الحد الأدنى، وكان من نتيجة هذا أن أتت جماعات مغرضة، وقدمت نفسها على أنها ممثلة للإسلام، وربما كانت خارجة عن كل ثوابت الإسلام من امثال الجماعات القاديانية، أو البهائية، أو الباطنية، أو فرق الأحباش وغيرها، وفي وسط هذا الصخب والضجيج قد يصعب على المتلقي العادي، بل على المثقف، وخصوصا غير المسلم أو نصف المثقف بصفة عامة، او حتى على العديد من المسلمين انفسهم في مختلف اصقاع الأرض، وخصوصا في بلاد الاقليات الاسلامية ان يكونوا قادرين على التمحيص والثقة، وإعادة الأفكار إلى المسلمات الإسلامية، وبالتالي يقدم الإسلام إلى العالم، وكأنه عدد من الاسلامات، أو كأنه مجموعة أديان يعارض بعضها البعض، او يهدم بعضها بعضا، وحتى في الدائرة الاسلامية قد تقدم الافكار احيانا بنوع من السطحية والتسطيح والتركيز على الرؤى والخلافات الفرعية، التي تحجب الاصول العامة، ووجهة النظر الإسلامية الأساسية بالنسبة للإيمان بالله، وموقف المسلم ونظرته بالنسبة للحياة والكون وأخيه الإنسان والفكر الاسلامي الصحيح بالنسبة لقضايا العصر وما يستجد من تطورات.
وبناء على ما تقدم، نجد انه من الضروري التأكيد من خلال منظمة المؤتمر الاسلامي او رابطة العالم الاسلامي أو غيرهما من الهيئات التي يمكنها تمثيل المسلمين، وبالتعاون مع الدول الاسلامية لإحداث مؤسسة او ادارة عامة للتنسيق الاسلامي والعربي، فيما يتعلق بالطرح الاسلامي والعربي على شاشة الانترنت، وإلا سيهدم بعضنا بعضا، ولن ننجح في إيصال كلمتنا الاسلامية الصادقة، ومشروعنا الحضاري إلى الانسانية التي تنتظره بفارغ الصبر، إنها رسالة التبليغ والشهادة، فالإنترنت بين أيدينا، والمطلوب العمل ثم العمل، والله ولي التوفيق.
yAhoo com @ ALOMARI 1420
|
|
|
|
|