أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 18th May,2000العدد:10094الطبعةالاولـيالخميس 14 ,صفر 1421

محليــات

لما هو آت
لكِ وحدكِ
(24)
د, خيرية إبراهيم السقاف
تذكرين عندما كنتِ تبلغين بي غاية المطاف لأية فجاءة,,.
تقولين: لا أقسى من مقصلة الموت؟
وحين حلَّت,,.
كنتِ تؤكدين لي أن الموت ليس جسديا فقط,,.
وأن أقسى أنواعه موت النفس؟!,,.
لله ما أروعكِ، وأنتِ تقلِّبين المواقفَ، وتتلاعبين بالدلالات، وتُبقين الكلمات هي الكلمات,,.
الموت: كلمة واحدة,,.
لكن قاموسكِ كان ثرياً,,, منحني كافة معانيها، وأبعادها، وحملني في رحلة حزن إلى أوديتها، ودلالاتها تلك التي كانت تتوج عرائس البهجة,,, باستقبال من أودِّع,,, لكنكِ عدتِ فقلتِ: إنني حين أودِّع، وحين تستقبل تلك المتوَّجة ببهجة الاستقبال فذلك لا يعني خسارتي، ورِبحَها.
فالموتُ رِبحيُُّ على الدوام,,.
ذلك لأن لا موتاً مطلقاً أبداً,,,!!
اليوم,,.
أواجه الفقد بشكل أعنف، وأكثر إعصاراً مما سبق,,.
حتى أنني لم أقوَ على مواجهتها للمرة الثانية، ولا على محادثته,,.
تلك هي:
ليلى البدر، وذلك هو إبراهيم البابطين,,,.
والذي رحل ولم يرحل
بدر اليافع، الطامح، المتفجر، الواثب، الراكض،,,, ذلك الذي شقَّ للبنُّوة، وللطموح وللنجاح مسارب جديدة كانت تزدان وتبهج وتتلألأ بيفاعته، وطموحه، وتَفجُّره، ووثوبه، وركضه,,, وبنوَّته,,.
في نبوغ ندرَ,,, وعزَّ,,.
اليوم,,.
واجهت الموت في مسرب جديد,,, ابتكره إبداع بدر حتى وهو يغادر,,, ولكنه في الحقيقة ظل يتحرك فوق وجه أمه، ونحيبها، وضياعها، وحزنها، وذهولها، وارتجافها، ودموعها، وأنينها,,,، ,,.
و,,,, أمومتها,,.
ليلى تتكسر قطعة قطعة، وتذوب آهة آهة، وتتمادى في أنينها,,,, تطويني حدَّ الذوبان,,.
فلا أقوى على القول،
ولا أجرؤ على المواجهة,,.
هذا المبدع الصغير يبتكر للموت استقبالاً غير الذي عرفته، ويفتح له مسلكاً غير الذي تعودَّته،
فرأيت في الموت فجيعة أخرى,,.
جديدة لم أعهدها، أُتونية تصطلي,,.
ذهبتُ أبحثُ في قاموسكِ عن هذا الجديد الذي أتى,,.
ووجدتكِ تطلين عليَّ.
تقولين لي ولها،
من الذي يقول إن بدراً قد مات؟
بدرٌ بكل أدبه، وإيمانه، وعلمه، وصباه، ذهب كي يكون في استقبالها,,, وفي استقباله، ذهب إمعاناً في ريادته وتفوقه,,.
ذهب مُضيَّاً في دروبه التي فجَّرها، وركض إليها،,,.
بدرٌ متوَّجٌ,,,.
حتى دموعها لن تطفىء أنوار تاجه, بل,,, تجلِّيها وتزيدها بريقاً,,.
حتى صَمتَ أبيه لن يُغلق دون وشمه بزخارف الضوء والخضرة والنور,,.
بدرٌ,.
حيٌ,,, باقٍ,,, في نعيم,,.
أتدرين بأنَّكِ أعدتِ إليَّ قدرتي,,, كي أعاود الخطو نحوها,,,؟!
نحو ليلى,,, الثكلى,,, بكل طيبتها، وروعتها، وهدوئها، وعمقها,,, ليلى المكافحة، الصامتة، الصادقة، المعطاء,,,، ليلى الأم الرؤوم,,, الحنون,,,،
فلتقولي معي: اللهم أجبرها وإبراهيم في مصابهما,.
اللهم أنزل عليهما السكينة، واجعل صبرهما في موازينهما,.
واحفظ لهما أفراحاً ومشعلاً,,.
و,,.
عدت إلى قاموسكِ أركض بين معانيه ودلالاته,,, أذهب إلى أبعاده
فوجدت الموت,,.
حياة,,.
ورأيت فيها بدراً,,, يفتح لأبويه بوابات
الحمد,,, فاتمم اللهم عليهما رحمتك,,.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved