|
| مقـالات
يا أيتها الشجيرة المورقة الوارفة الظلال! أحفيفك هذا ضعف فيك أم اقتدار؟ لماذا ينهزم جبروتي أمام لحظات انكسارك؟ لماذا تأسريني بقوة عدم اقتدارك,,؟! يا أيتها الشجيرة: لماذا رغم احتضار حاضرك، وجفاف كونك، بل ووحشة كونك,, لا أعدم رؤية دموعك مرحبة بشوق، وهاطلة بأمل، وباحثة عن غد رقيق كرقتك: غد يهزم اليأس رغم عدته وعتاده وعناده, يا أيتها الشجيرة الخضراء رغم أنين الجفاف، وأشواك القفار، وصرير الرياح العاتية, متى أرى الغد مبتسما، والجفاف منهزما، والأغصان مورقة بالأمل من جديد, متى أرى الطير محلقا شاديا بأنشودة جمال الوجود غير آبه بالغد الذي سوف يكرر نفسه جفافا.
يا أنت، يا ذات الذات الحاضرة أملا، الغائبة شوقا، المتطلعة إصرارا، اللاهثة خلف المجهول: ألا يخيفك المجهول؟,, ما الذي أتى بنا من غياهب المعاناة، وجفاف الآهات، ورحم الذكريات؟,, لكأني أسمع ذاتك هامسة لذاتك: أتيت لأن كل ما هو آتٍ آت، وأتيت صارخة، وأتيت تناقضا، وأتيت ازدواجا، وأتيت خوفا، وأتيت غير آبهة، وأتيت حرقة، وأتيت شوقا، وأتيت أملا يسابق الغد المأمول ولو أعاد نفسه جفافا، ولمَ لا؟! فلدي من الأوراق ما يحتم علي إبقاءها على قيد الحياة، ولدي من التطلعات لأكون باسقة، مثمرة الذات، وافرة الظلال، عذبة عذوبة ماء البارق، وسح ودح السحب الغادية, إن ذاتي لذاتي رغم ما كان ويكون وما سوف يكون: ذات كلها نجاح في التكيف مع المناخات، بل والغوص في انهار الجفاف أملا وإصرارا, ولمَ لا؟! فالماء ليس شرطاً لإوراء الارواق العطشى، والنور ليس الوسيلة الوحيدة لطرد الظلام، والنسيم وما أدراك ما النسيم؟!,, إنه لم يعد ضروريا لتلاقح البذور، واخضرار الأغصان، ونضج الثمار,, إنني شجيرة قد أحكمت فن إغاظة الزمان، وزلزلة المكان، والبقاء سلسبيلا رغم أنف معاناة الرحيل وآلام الوداع، ووعثاء السفر وملوحة شطآن الآمال، ومرارة الضياع في سديم الزمان والمكان, نعم انني، بحق وحقيق، لذات غريبة كل الغرابة: وردة لكل الفصول,, ثمرة لكل المواسم,, وشوكة صامدة في وجه الأنواء والرياح العاتية المجلجلة من كل حدب وصوب,, إنني لذات منتصرة على ذاتها بغض النظر عن أمد المسافات، وشتات القارات، وصراع الحضارات، وقسوة أمواج البحار والمحيطات، وغرق الآمال السابحة في هذا الكون الفسيح العميق (الضيق),, إنني لذات تستحق ذاتها بغض النظر عن (بُغض) الذات:
,,, ولسوف أظل سلسبيلا وأملا رغم أنف أمواج الليالي وسرمديتها المتدفقة يأسا وألما!
* للتواصل: ص,ب 4206 رمز 11491 الرياض.
|
|
|
|
|
