| مقـالات
الاهتمام بالريف والقرى البعيدة عن المراكز العمرانية الرئيسة في بلادنا، بدأ منذ عهد مبكر، بل قبل إعلان تأسيس المملكة العربية السعودية، حينما أمر الإمام عبدالعزيز آل سعود رحمه الله بإقامة ما يزيد على مائتي هجرة لتوطين البادية بدأها (1330ه) بهجرة (الارطاوية) منذ ذلك التاريخ والاهتمام يتنامى بالمواقع العمرانية المتناثرة خارج المدن الرئيسة في بلادنا، ومنذ تسمية (وزارة الشؤون البلدية والقروية) ومنذ أخذنا بمشاريع التعداد السكاني (1394ه) الذي يقوم على برامج إحصائية شاملة لتدوين معلومات واسعة عن كل موقع تجمع عمراني، حيث تأخذ هذه المعلومات طريقها فيما بعد لتحليل دقيق يؤثر لاحقا على مشاريع التنمية التي تتوجه إلى هذه المواقع خدمة للإنسان فيها!
دفعني إلى هذه المقدمة مجلس وجدت نفسي فيه بحضرة مجموعة من الناس جميعهم من سكان قرى متناثرة بعيدة عن المركز الحضري الرئيس الذي يتبعونه إداريا!
وقد تعجبت من عدم رضاهم عن حقوقهم في الخدمات التعليمية والصحية والبلدية وسواها من الخدمات الأخرى قياساً إلى كمية الخدمات المماثلة التي تحظى بها المدن الرئيسة في المنطقة! ولست أدري ما صورة التوزان عندهم في ذلك؟! وهل شكواهم تقوم على أسس إحصائية دقيقة؟ أم هي طبيعة النفس البشرية الشاكية دائما والتي لاترضى بحقها وإنما تريد أكثر منه! وهم يشيرون إلى أن الذاتية قد تصرف أحيانا المسؤول الإداري عن سلامة توزيع الخدمات بصورة متوازنة ودقيقة! وأتوقع أننا تجاوزنا تلك المرحلة التي يتم فيها توزيع الخدمات على أساس لا تتوفر له المعلومات والاحصائيات الدقيقة! وأننا اليوم نُعمم هذه الخدمات على يقين إحصائي علمي يقوم على قواعد حسابية رياضية لا مجال فيها للانطباعية (الذاتية)، فعلم الحساب ليس رأيا! والريف والقرية والهجرة، والتجمع السكاني النائي من حقه أن يأخذ نصيبه في التنمية كاملاً غير منقوص، وأن نسعى إليه بحقه قبل أن يسعى إلينا، وأن نرضيه بخدماته حتى لا يرحل سكانه إلى مواقع المدن الرئيسة بغية الحظ الأوفر، فذلك عبء إن تكاثر مع الأيام تسبب في ضغط على مدن المناطق على حساب إخلاء لمواقع عمرانية ليس من مصلحتنا أن تضعف أو تتلاشى أو تلتهمها المدن الرئيسة!
المديرون العامون المسؤولون عن الخدمات المحلية في المدن الرئيسة بالمناطق يدركون أهمية ذلك،وهم بلا شك حريصون على توزيع منافع ومزايا الخدمات المحلية على أساس أن يأخذ كل تجمع سكاني قريب أو بعيد حقه من الخدمات بقدر كثافته السكانية، فعائد ذلك ليس على القرية فحسب، بل هو يعود على المدينة بمنافع لا تنكر، أهمها أن تتوقف الهجرة إلى المدينة فيرعى كل طرف أبناءه! إن قراءة الواقع وتجميع البيانات كافيان لمعرفة مدى نجاحنا في الاهتمام بحقوق القرية وضمانة هذه الحقوق على المدى القريب والبعيد، فلنترك للقرية نعجتها الواحدة، فإن للمدينة تسعا وتسعين نعجة!
عبدالكريم ابن صالح الطويان
|
|
|
|
|