رئيس التحرير : خالد بن حمد المالك

أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 17th May,2000العدد:10093الطبعةالاولـيالاربعاء 13 ,صفر 1421

الاخيــرة

أوراق فارسية
الأثر والتأثير الموسيقي بين العرب والفرس
د/ أحمد خالد البدلي
الحديث عن بدايات الأثر والتأثير بين الموسيقى العربية والفارسية حديث طويل ومتشعب ومعقد، ولكن يكفي من القلادة ماأحاط بالعنق كما يقول المثل العربي الشهير.
إن من يطالع كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني يدرك الدور الكبير والسهم الوافر الذي ساهم به الفرس في تطوير الموسيقي العربية، فجمهرة الأصوات في الغناء العربي أصوات لموالٍ من الفرس بالدرجة الأولى.
والغناء هو الموضوع الرئيسي في كتاب الأغاني وقد صدر أبو الفرج كتابه بذكر المائة صوت التي أمر الرشيد العباسي باختيارها من بين الأصوات الموسيقية على يد لجنة من اعلام الموسيقيين، برئاسة ابراهيم بن اسحاق الموصلي واسماعيل بن جامع وفليح بن العوراء.
ولقد وصف العلامة بن خلدون الأغاني قائلا: ولعمري انه ديوان العرب وجامع أشتات المحاسن التي سبقت لهم في كل فن من فنون الشعر والتاريخ والغناء وسائر الأحوال، ولايعدل به كتاب في ذلك فيما نعلمه، وهو الغاية التي يسمو اليها الأديب ويقف عندها .
ومعلوم أن الموسيقى العربية منذ بدايتها الأولي، ومنذ فارقت مرابعها في الصحراء كانت تدين للصوت الفارسي بالكثير، ولعل هذا الأثر والتأثير يلقي ضوءاً ساطعاً على سر غلبة المصطلحات الفارسية في الموسيقي العربية مثل (يكاه، دوكاه، سه كاه، جهار كاه، بم، زير، ناي، سرناي، طمبور، كمان) وغيرها من الكلمات والمصطلحات الموسيقية الفارسية التي تزخر بها الموسيقي العربية الى اليوم, ولم تكن الغلبة للموسيقى والأصوات الفارسية على الموسيقي العربية في الشرق فقط حيث قد يفسر ذلك التأثير بحكم الجوار اللصيق بل أن ذلك التأثير المتبادل بين الموسيقى العربية والفارسية يلاحظ في المغرب الأقصى والأندلس حيث عبرت الموسيقي الفارسية البحر وذاعت بين العرب في الأندلس أولاً ثم بين الأوربين بعد ذلك.
فقد سمعنا بسيرة زرياب ومؤنس البغدادي وأثرهما العظيم في شمال افريقيا (تونس تحديداً), فقد اشاع زرياب الموسيقى الشرقية والأجواء الفنية العراقية في تونس اشاعة عظيمة، حيث لاذكر الغناء في افريقيا الا برز زرياب كأكبر اعلامه هناك.
بل لقد كان من أثر انتشار الموسيقى في أسبانيا أن انتقلت نماذج منها إلى أمريكا الجنوبية حين فتح الأسبان العالم الجديد، فكان من الوان الثقافة التي تلقفتها أمريكا الجنوبية من العرب الموسيقى التي حملها المدجنون الأسبان الذين رافقوا فتوحات (فاسكودوجاما) وغيره من الفاتحين الأسبان للدنيا الجديدة، وكل من يستمع اليوم الى الجيتار الأمريكي سيلحظ الشبه الكبير بين الحانه والحان الآلات الشرقية عامة والفارسية على وجه الخصوص.
الموسيقى جزء من حضارة أية أمة تنتمي أليها، فهي في دلالاتها على مصدرها كدلالة البصمات على اصحابها, وعندما يستمع الأنسان الى السنتور الفارسية (آلة موسيقى شهيرة) يخيل أليه أنه يستمع الى الجيتار الغجري في يد راقصة اسبانية.
ولعل ذيوع الموسيقى العربية والفارسية وتأثيرهما في كثير من أنواع الموسيقى الأجنبية، لعل ذلك يعود الى ان الحضارة الفارسية حضارة انتشارية.
فما كادت الحضارة الإيرانية تزدهر على يد كوروش الكبير حتى انتشرت شرقاً وغرباً، وتجاوزت حدود إيران الجغرافية، وتركت طوابعها المميزة في كثير من أجزاء العالم.
وما حضرت مناسبة اجتماعية سارة في إيران الا كان من بين فقرات الحفل غناء عربي أو موسيقى خالصة واغلب المطربين في ايران يتدرب على الأغان العربية ويحفظ الموسيقى العربية قبل أن يبرز في ميدان الغناء.
أليس في هذا دليل على عمق الأثر والتأثير المتبادل بين الموسيقى العربية والفارسية.
أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة][موقعنا]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved