| الاقتصادية
المدن الرئيسية مقبلة على اكتظاظ سكاني لا يتصوره الا المهتمون والمطلعون على الامور الاحصائية والدراسات التي تصدرها الجهات ذات العلاقة, وهذه الزيادة السكانية التي يتوقع ان يتضاعف من خلالها عدد سكان المملكة خلال السنوات القادمة بدت آثارها تنعكس على ازدحام في المدن الرئيسية لم يقتصر على اعداد البشر فقط بل تجاوزه الى ازدياد الوحدات السكنية بل والاحياء السكانية وكذلك وسائل النقل وما يرتبط بها من متطلبات الحياة التي كان من ضرورياتها انشاء الورش والمحطات واماكن اصلاح السيارات والاجهزة الاخرى والتي اثرت على بيئة هذه المدن وما يرتبط بها من نواح صحية بالذات.
الا ان الامر لم يقتصر على ذلك بل ان ازدياد السكان وما تزامن معه من تغير في الوضع الاقتصادي للبلاد صاحبه انتشار المناطق الصناعية التي اصبحت لا تخلو منها معظم المدن السعودية الكبيرة، بل إن هذه المناطق تجاوزت في بعض الاماكن كالرياض مثلا منطقة واحدة لتمتد الى اكثر من منطقة وتغطي مساحات شاسعة, وقد انشىء في هذه المدن الكثير من المصانع التي تختلف في منتجاتها وما تتطلبه تلك المنتجات من وسائل انتاجية وتقنية وما ينبعث عنها من روائح واضرار بالبيئة المحيطة.
وبالرغم من ان وجود تلك المدن الصناعية في المدن او قريبة منها لا يقتصر اثره السلبي فقط على البيئة، بل انه يمتد الى المساهمة في زيادة سكان المدن وما يؤدي اليه ذلك من آثار لا تخفى على احد الا ان الآثار البيئية وحدها كفيلة بضرورة التفكير بايجاد بدائل لوجود تلك المدن الصناعية, وقد احسنت وزارة الصناعة والكهرباء حينما بدأت التفكير في انشاء مناطق صناعية خارج المدن الرئيسية، مثلما فعلت في المنطقة القريبة من سدير او تلك المزمع انشاؤها قريبا من الخرج، الا ان ضرورة التفكير في آلية تفعل تشجيع الصناعة خارج المدن الرئيسية اصبح امرا ملحا وبالذات بعد الاهتمام الصناعي المتزايد الذي توليه الدولة لقطاع الصناعة والمتمثل اخيرا في انشاء الهيئة العامة للاستثمار وتشجيع استثمار رأس المال الاجنبي، وقد يكون تشجيع الاستثمار الصناعي في المدن غير الرئيسية والتي لا تعاني من ازدحام سكاني احد البدائل الممكن التفكير فيها.
قد يتم ذلك من خلال اعطاء تسهيلات اكثر لمن يرغب في الاستثمار في تلك الاماكن، وقد يكون تسهيل الحصول على قرض من صندوق التنمية الصناعية السعودي، بل النظر في امكانية رفع نسبة القرض بدلا من النسبة المتعارف عليها احد الامور التي قد تبرز في المقدمة في هذا الجانب، اضافة الى ذلك فقد يأتي التفكير في توفير وتسهيل الحصول على بعض المصادر الضرورية للصناعة وتحديدا الطاقة الكهربائية والمياه,
ولكن يأتي قبل ذلك ضرورة توفير شبكة المواصلات والاتصالات القوية التي تسهل لتلك المصانع مزاولة اعمالها، وتوفير مثل هذه التسهيلات قد يكون مبررا بالبعد الجغرافي وما سوف تتحمله تلك المصانع من مصاريف نقل وتخزين مقارنة بنظيراتها في المدن الرئيسية.
ان تشجيع الاستثمار الصناعي في المدن المتوسطة الحجم والبعيدة عن التجمعات السكانية الكبيرة لن يساهم فقط في الحد من الاضرار البيئية التي بدأت تعانيها المدن الكبيرة ولكنه يقود الى الانتشار السكاني العادل بين مدن المملكة ويحد من التركز الذي يبدو انه احد المشاكل التي ستعانيها المملكة مستقبلا.
Kathiri @ net sa
|
|
|
|
|