| الثقافية
كانت غيمة منسلة من موكب العهد المطير، مسكونة بصهيل الماء والبرد، استوقفها صبا نجد المدندن على هضبتها المشمخرة بالاباء التليدة.
كانت نبتة خزامى عذرية في احضان الرمال الذهبية، توقظها نسمات الصباح، فتحمل من أريجها ما يملأ السهوب عطرا وشذى.
كانت عرارة ريانة العود، تتوسد غلالة الصحراء، ترمقها العيون اعجابا بحسنها.
كانت عروسا آسرة الجمال، فريدة الخلال، تهبها الشمس في النهار دفئا غيورا، يطرد عنها انفاس البرد العاشق ليلا، ويريق عليها القمر صفاءه الفضي فيحيل صيفها الليلي غلائل مموهة بالبياض الغض، ويطوقها الاصيل المتورد قلادة ذهبية مهرا لجمالها الاخاذ.
من ركام تلك الغيمة اومض برق المجد، ومن رائحة تلك الخزامى تضمخ عبقه، ومن جذع تلك المرارة أفرع غصنه، ومن رحم تلك العروس المدلّة بزهوها ولد فارس احلام الرياض (عبدالعزيز) الذي امهر عروسه الرياض عمره، وبدأ كتابة السطور الذهبية في سفر عزها ونهضتها، وتبعه ابناؤه الصيد الاوفياء فكانت الرياض مهوى افئدتهم، وعشق نواظرهم، تفانوا في حبها وتدليلها، ومنحوها كل ما تريد لتكون كما يريدون عروسا كاملة النضوج، بهية الطلعة ، يحتشد على ملامحها الامل والتفاؤل بغد مشرق.
صارت الرياض اليوم قامة منتصبة، تمتشق اسلحة التقدم والرقي الحضاري والثقافي,صارت الرياض اليوم منارة علم تحتضن جامعتين عريقتين وعشرات الكليات وآلاف المعاهد والمدارس التي تموج بالمواهب المتقدة، والسواعد الفتية المتشحة بالعزيمة, صارت الرياض اليوم نموذجا معماريا فريدا تلامس هامات مبانيها حواشي السحاب المترقرق شواقا لمصافحة عرصاتها صارت الرياض اليوم نمطا متميزا من الطرق الفسيحة المنظمة، التي تنهب الارض لتصل الى أطرافها المترامية، التي تحيل سكون الليل ألقا منبعثا من سنابل الانوار المتوهجة على مناكبها، صارت الرياض مزيجا عجيبا مدهشا من أصالة الماضي وسحر الحاضر، يحبها القريب ويشتاق لرؤيتها البعيد, صارت الرياض طيفا يداعب كل جفن، وحلما تكتمل به الاحداق.
محمد عبده شبيلي جازان |
|
|
|
|