وصلني الكتاب التوثيقي من الأستاذ خالد محمد الحسيني,, مدير المدرسة الرحمانية الابتدائية بمكة المكرمة , وهو كتاب توثيقي عن مرحلة من مراحل التعليم في بلادنا حيث تحدث الكتاب عن كيفية انشاء هذه المدرسة القديمة, وأنها تعتبر من المدارس الاولى في مراحل التعليم في هذه البلاد, حيث أنشئت عام 1330ه,, كما اشتمل الكتاب على الادوار المشرفة لعدد من اهل مكة المكرمة في بناء اساس التعليم وتسابق الأهالي لكسب هذا الشرف,,وقد عرف عن أبناء هذه البلاد الكريمة تسابقهم للأعمال الخيّرة, كما احتوى الكتاب على نماذج لكيفية النظام المدرسي آنذاك وفي مختلف مراحل التعليم السابقة وعدّد مجموعة من خريجي المدرسة الرحمانية في السابق واللاحق, وقد برز منهم فيما بعد عدد من الادباء والمفكرين,, مثل الاستاذ أحمد السباعي الاديب والصحافي اللامع وصاحب جريدة قريش, وله مجموعة من المؤلفات ومن هؤلاء ابنا محمد جمال, وهما الاستاذان صالح وأحمد جمال، وكانت مكتبة الثقافة من أشهر المكتبات في مكة المكرمة, حيث أنشأها هذان الرجلان لتكون رافداً ثقافياً لأبناء الوطن, وكنا نؤمها للاطلاع على ماتحضره من الكتب والمجلات النافعة عندما كنا ندرس في مكة في أواخر السبعينيات للهجرة, وتوالى الخريجون فيما بعد ليأخذ معظمهم مكانه في بناء المجتمع,, واللطيف أن الكتاب لم يغفل عدداً من المنتسبين لهذه المدرسة حتى ولو انقطعوا عن التعليم ولم يكملوا, وقد كان هذا وفاءً وتقديراً من معدِّ الكتاب الاستاذ خالد محمد الحسيني وقد لاحظت في ابتداء الكتاب خطأً في تاريخ وفاة الملك عبدالعزيز -رحمه الله- حيث ذكر بأنه عام 82ه, والصحيح أنه توفي -رحمه الله- عام 73ه, كما كان هناك خطأ أيضاً في تولي الملك سعود رحمه الله حيث ذكر الكتاب أنه تولى عام 87ه, والصحيح أنه تولى في نفس عام وفاة والده.
إن الكتب التوثيقيةمهمة جداً في تأصيل تاريخ البلدان, وقد جاء هذا الكتاب لينضمَّ إلى مجموعة من الكتب التوثيقية لمرحلة من مراحل التكوين والبناء، فشكراً لمعدِّ الكتاب الأستاذ خالد محمد الحسيني, وبودّي لو تتابعت مثل هذه الوثائق حتى لا نفقد مرحلة أو مراحل,, كفاحية في حياتنا.
إن الذين تخرجوا من هذه المدارس القديمة, وهم يرون أنفسهم في مراحل متقدمة من العمر أوفي مناصب عالية من الدولة ليحمدون الله أن يسّر لهم مثل هذه المنارات العلمية التي سهلت سبل الكسب المعرفي, وهم بلا شك يتذكرون الايام الجميلة التي جمعتهم وأقرانهم في مراحل الصِّبا والشباب حيث التفاؤل الحسن، وحيث الفتوة والصفاء القلبي,, وهذا ما جعلهم في الصفوف الأولى في أذهان الآخرين.
|
